قـد هبَّتِ الأنسامُ من أفق الهدى = وهفــا الفؤاد إلى نشيدِ الحادي
وأتتْ بشائرُ توقظُ الغافي إلى = مــا عندَ ربِّ العرشِ من إرفادِ
لن يطمسَ اليأسُ المحمَّلُ بالأسى = نـورَ الرجاءِ ولهفةَ العُبَّادِ
إنْ قمتَ في الليلِ البهيمِ مناجيًا = مـولاك فاستبشرْ بطيبِ مُــرادِ
فاللهُ لـم يخذلْ أخا هــمٍّ وهل = يُخــزى بحظرةِ راحمٍ و جوادِ
فاجعلْ رعاك اللهُ صدقَك صرحَها = فالنفسُ تصبح ويك ذاتَ عــمادِ
* * *=* * *
لا. ثمَّ لا : لم تُطْوَ دعوتُنا ففي = بيضُ القلوبِ هديرُها الصَّدَّاحُ
يحدو بهـا الشريانُ في جريانه = وترفُّ فوق دفوقه الأرواحُ
هي شرعةُ الرحمن أنزلهـا هُدًى = للعالمين وأهلهــا نُصَّاحُ
يأبى سِواها أن يعيشَ وتنطوي = فسوى الشَّريعةِ مارعـاه نجاحُ
كلُّ المذاهبِ والعقائدِ زورُهـا = بادٍ يردُّ فسادَه الإصلاحُ
فالرحمةُ المُهـداةُ دينُ مُحَمَّــدٍ = وهُــداه رغمَ جحودِحم لمَّـأحُ
* * *=* * *
قلْهـا هنيئًا للذي يمشي إلى = دفـعِ الأذى عن أسرةٍ الأيتامِ
وعن الفقيرِ أذاقه ليلُ الأسى = من شدةِ الحسراتِ والإيلامٍ
أما الأراملُ واللواتي عشْنَ في = كنفِ الهمومِ ووطأةِ الآلامِ
وسواهُمُ ممَّنْ عرتْهـم غُمَّةٌ = كالجار جارِ الجنب والأرحامِ
جنِّدْ خُطاكَ فإنَّ ربَّكَ عـالمٌ = بجميلِ هذا الفعلِ طـولَ العامِ
ويرى ويسمعُ ثمَّ يجزي مَن سعى = خيرًا كأجرِ الصَّائمِ القوَّامِ
* * *=* * *
إصلاحُ شأنِك بابُ خيرٍ لم يزل = في السَّعي مبتهجًا على الإيمانِ
فالإثمُ والعصيانُ والطغيانُ من = طيش ومن ترفٍ ومن نقصانِ
هي للتَّبابِ وللخسارةِ إن طغتْ = بذميمِ ما للنفسِ من أضغانِ
فاسلك طريق الله غير مذمَّمٍ = بقبيحِ ما للغيِّ من خسرانِ
فهُداك أثمنُ من رخيصِ هُرائهم = ومن الضَّياعِ بملعبِ الخذلانِ
عِشْ بالمزايا الغالياتِ بشرعةٍ = في العُمْرِ ربَّانيَّةَ التبيانِ
* * *=* * *
العُدَّةُ العظمى بغيرِ ترُدِّدٍ = هي عـزَّةُ الإيمانِ في الأحناءِ
حيثُ الكتابُ وسُنَّةُ الهادي وما = بظلالِ مافي الشِّرعةِ الغرَّاءِ
فلها الخلافةُ والسيادةُ رغـم مـا = لمكائد الأعداءِ في الغبراءِ
هـم حاربوها من قرونٍ قد مضتْ = ومضتْ بهم . لا بالدعوةِ السَّمحاءِ
هيهات يفنيها التَّسَلُّطُ إنَّهـا = من وحيِ ربِّ العرشِ ذي الآلاءِ
تبقى بدنيا الناسِ رغم أُنوفهم = أعني أنوفَ عصابةِ السُّفهاءِ
* * *=* * *
إسلامُنا سكنَ القلوبَ فأزهرتْ = بالشوقِ للرحماتِ والجنَّاتِ
فبه النجاةُ وفي حِماهُ يعــزُّ مَن = يلقى عدوَّ اللهِ في الأزماتِ
الأُمَّـةُ الثكلى تداوي جرحها = بِهُداهُ رغمَ تَنَوُّعِ الآفاتِ
والزخرفُ الفتَّانُ لن يطغى على = وهــجِ اليقينِ ومحكم الآياتِ
والأمرُ تقديرُ العزيزِ فلا تخفْ = إن عربد الأشرارُ في السَّاحاتِ
ستزولُ أسبابَ الفصامِ فربُّنا = يعفو مدى الآناءِ بالتَّوباتِ
* * *=* * *
هيهات لنْ تُطوَى صحائفُ حُبِّهِ = والحبُّ في أحنائنا يَتَجَدَّدُ
شوقٌ يُثيرُ مشاعرَ المهجِ التي = فيهـا الحنينُ وجمرُه المتَوَقَّدُ
وفيوضُ عينٍ ماجرتْ إلا على = صوتٍ من الحرمِ الشَّريفِ يُرَدَّدُ
ولعلنا في روضةٍ تبقى على = زهــوِ العهودِ وكم يطيبُ المَحْتِدُ
يُفْدَى بأرواحٍ بلا ريبٍ وهلْ = حبٌّ بــه يحيا الفؤادُ سينفدُ !
عشنا بظلِّ هُداهُ لـم يُصْرَمْ هُدًى = وافى ببهجتِه النَّبِيُّ مُحَمَّـدُ
* * *=* * *
يامَن تجيبُ دعاءَنا إنَّا هنـا = بالبابِ لــم نبرحْ مدى الآناءِ
في نِيَّتْ صدقتْ وفي شوقٍ شدا = لرفيفِ نفحِ الغيمةِ الوطفاءِ
ندعوك لانرجو سِواكَ لِمـا جرى = من كلِّ وغــدٍ عاشَ للبغضاءِ
أهل الزمانِ تمرَّدوا بفسادهم = مامن قُـوى ستردُّهم و وِقاءِ
وسِواك ربِّي لايُزيلُ شقاءَنا = ويردُّ عنَّـا غارةَ الأعـداءِ
فارحم تَضَرُّعَنَا وبارك خطوَنا = وامحقْ جنودَ الغيِ والسُّفهاءِ
* * *=* * *
ربَّاهُ أوردَنا الطغاةُ لِمــا به = حتفٌ لأمتنا وهـا هــو محدقُ
ساموا مغانينا بشرِّ مُسْعَرٍ = والحَقْلُ من لهبِ السَّفاهةِ مُـوْنِقُ
وتآمرٌ لم يخفَ عن أبصارِنا = ولهم بما يؤذي الشعوبَ تَعَلُّقُ
ربَّاه لــم نعبدْ سِواكَ ولن نرى = إلا شريعتَك ارتآها المنطقُ
ولمنطقِ السُّفهاءِ شأنٌ عابثٌ = متحجرٌ في طرحه لايصدًقً
تبًّـا لهم فالكبرياءُ تجرُّهم = ولهم تبارٌ بالمعاندِ أليقُ
* * *=* * *
حيَّاك ربُّك يا أخا الإسلامِ = بزمانِ أهلِ الإفكِ والإجــرامِ
إنَّ الفخارَ لمسلمٍ لـم يُـثْـنِه = هولُ المصابِ ووطأةُ الآلامِ
واعلم بأنَّ اللهَ ليس بغافلٍ = عن ظالمِ في العرب والأعجامِ
فالعالَمُ المفجوعُ أضناهُ الأسى = من حكمِ أهلِ تجارةِ الآثامِ
وكأنهم عادوا وربِّك سُجَّدًا = لأولي الهوى وعبادة الأصنامِ
فاصبرْ أخا الإسلامِ فيها وانتظرْ = فَرَجَا قريبا ليس من أحلامِ
* * *=* * *
مَن عاشَ للإسلام لم تستهوهِ = دنيا يموتُ الحقُّ في أبنائهــا
أو تُلْهِه يوما مفاتنُ أهلِها = أهل الضلالِ اليوم من ندمائها
إنـي لأبصرُها غــدا موَّارةً = تطوي وجوهَ الشَّرِّ في آنائهـا
وتعفِّرُ الرتبَ القبيحةَ لم تعشْ = إلا لزرعِ الوهنِ في خلطائهـا
ولذا رأيتَ ضجيجَهم لم ينتفعْ = أبدا بـه الجهلاءُ من غوغائها
وشريعةُ الإسلامِ لن تفنى ولن = يقوى عليها البأسُ من أعدائها