ربّاهُ ، إنّي في رحابك أسجُدُ = فلأنتَ في هذا الوجودِ الأوحدُ
قد جئتُ بيتك خاشعاً مـتذللاً = والكعـبةُ الغـرّا بأمـرك تُقـصَـدُ
هذي جموعُ المسلمين تتابعت = لتطوفَ حولَ البيت وهيَ تُوَحّد
عبراتُهم تسقي وجوهاً أجدبت = فالذّنبُ غيّض ماءَها فـتجلـمدوا
جاؤوك ، ربّي ،كي تفجّرَ نبعها = من خشيةٍ، فـيعـودَ قـلـبٌ يَرشُـدُ
فلأنت رحمن الورى ورحيمُهم = وإليك هذا العـبدُ ، ربّـي ، يصمـد
ها إنّني بين الجموع مهرولٌ = ولأنت وحـدَك عالِـمٌ ما أفـسـدوا
ولقد علمتَ بأنّ ذنبي حاق بي = وأنا عـلمـتُ بأنّ عـفـوَك يُـنجِـدُ
ولئن شقيتُ بسوء ذنبي جاهلاً = لَأنا أرى غـفـرانَ ربّـي يُسعِـدُ
* * *=* * *
كلُّ ابنِ آدمَ مخطئٌ ،وخيارُهم = مَن راح يُصلـحُ فـاسداً ويُجـدِّدُ
يا ربّ قد بَلِيَتْ ثيابُ المخطئيـ=ـن فهل لهم برديئهـا ما يُحمَـدُ ؟!
فلباسُ تقوى خيرُ ما يُنجي الورى = يومَ الحساب ، وغيرُه لا يُنجِدُ
آهٍ من النّفس الّتي فُـتِنَتْ بما = قد زيّن الشّيطانُ ، وهو المُبْعَـد
ألقى الشّراك لها ،وأهدى طُعمَه = من لـذّةٍ تـفـنى، وراح يُزَغـرِدُ
كيف النّجاةُ ، وما لنا من مهربٍ = إلاّ إلى مَن بابُه لا يُوصَـدُ؟!
فأعن ،إلهي ، تائباً طلب الهدى = لكنّ منه الـعـزمَ لا يـتوقّـد
فلطالما أخزى شياطين الهوى = وإذا به من بعـد ذلك يُـخـلِـدُ
والآن جاءَك ، يا إلهـي داعـياً = وبكلّ ما سمـيّـتَ نفسَك يشهـدُ
فارحمهُ ، يا ألـلهُ ،وارحم ضعفَه = أنت الرّحيمُ بمَن ببيتك يسجـدُ