فَلْيَثِبْ في كلِّ قلبٍ صادقٍ = أملٌ لاينثني رغمَ الكلومْ
مادهى دعوتَنا ظلمٌ ولا = خانَ دنياها زعيمٌ أو خصيمْ
ما الدَّمُ الجاري بشريانِ الفتى = غير قربانٍ لعهدٍ مؤتَمَنْ
إنَّه الإسلامُ في قرآنه = والأحاديثُ التي جاءتْ مِنَنْ
هوامش :
- الرَّهْجُ : السحابُ الرقيقُ كأنه غُبَارٌ .
- المعين : الماء العذب الجاري .
- عُقام : يُقال داءٌ عقام لايُرجى البرء منه ، ويُقال : حرب عقام أي شديدة .
- الُّلهام : الحشد الكبير الذي يلتهم كلَّ شيء .
- الجَّام : كأس من فضة تُسقى بها الخمرة ... والمراد هنا في البيت الشعري عنف الطغاة من جهة ،ولذة ما في الحياة الدنيا من شهواتٍ ومُتع من جهة أخرى .
أينَ يانفسُ نشيدٌ أُثرَا = يومَ وافاكِ شذاهُ عَطِرَا!
في مغاني (الدَّيرِ) أزجى نفحَه = فَزَهَا العُمرُ به مُستبشِرَا
قد تولَّعتُ بدنيا أُنسِه = ومشيتُ الدَّربَ رحبًا مزهرَا
وبمنوالٍ نسجنا شعرَنا = ثورةً كانت لقلبي قَدَرَا
ورأينا الفتحَ في أهدابنا = ورأينا النَّصرَ فيها نَضِِرَا
إنَّه الإيمانُ في أحنائنا = فجَّرَ الشَّدوَ فجاءتْ غُرَرَا
* * *=* * *
أينَ هاتيك الليالي العابقاتْ = مقمرات بِدُنُوِّ الأُمنياتْ !
ويح نفسي مثلما الحُلمُ مضى = غامتِ اليومَ العيونُ الرَّانياتْ
جلَّ ربِّي إنَّها الدُّنيا التي = صوَّحتْ فيها الجِنانُ النَّضِراتْ
بين صحبٍ ونفوسٍ ملكتْ = كلَّ غالٍ من نفيس الباقياتْ
آثروها رحلةً ممتعةً = بالمزايا والسَّجايا العالياتْ
فَدَعِ الخبثَ تناسى أهلُه = ما أتانا في المثاني الغالياتْ
* * *=* * *
قد تواعدنا على شطِّ الفرات = أن نعيدَ الحقَّ وضَّاحَ الجبينْ
دعوةً غرَّاءَ في راياتِها = يخفقُ المجدُ ويحدونا الحنينْ
ليس فينا مَن ونى ساعدُه = فهو الركبُ أباةٌ صادقونْْ
تعسَ الباغي ومَن قاتلَهم = حسبُه العارُ جبانا مستكينْ
حسبُه الإثمُ الذي أنبأه = بمصيرِ المرجفين الخائنينْ
وبيومٍ مثل أيامِ مضتْ = للفراعين الطغاةِ المجرمينْ
* * *=* * *
قالَها الحقُّ فجاءتْ صفحةً = حملتْها عاصفاتُ المهجِ
طرَّزتْها من حناياها يدٌ = صانت العهدَ ألا فابتهجي :
إيهِ يانفسُ وهبِّي نصرةً = لِهُدَى الباري وَسِيري واهزُجِي
لاتنامي ودعيها مقلا = تسبحُ اليومَ خلالَ الرَّهَجِ (1)
قالَها الحقُّ فلا تخشَيْ إذا = عربدَ الطاغوتُ عند الوهجِ
فالمثاني لم تزلْ عُدَّتَنا = تنسجُ العزمَ لأحلى السُّرُجِ
* * *=* * *
مذْ نأتْ روحي عن الفجرِ الذي = قد أتيناهُ بإيمان الشبابْ
قتلَ الوهنُ وثوبي وانثنى = ساعدي الصَّلدُ وأوهاهُ المُصابْ
لايسودُ الحقُّ إلا بالفدا = وبعزمٍ رغم هاتيك الصِّعابْ
كلُّ طاغوتٍ رمى موكبَنا = وتعالى في فضانا كالغرابْ
يتمادى إن رأى قبضتَنا = لاتردُّ الصَّاعَ في أدنى عقابْ
إنَّما الطاغوتُ لايطوى إذا = لم يرَ الزحفَ بفرسانٍ غِضابْ
* * *=* * *
إنَّه الحقُّ وأعراسُ الهُدى = رغباتٌ وصفُها فوقَ الظنونْ
لم يمانعْها زمانٌ زائلٌ = إن تولاها الرجالُ الصَّالحونْ
فَلْتُبادرْ للفدا أُمَّتُنا = وَلْتُهَدِّمْ ركنَ قومٍ هازئينْ
لترى الفتحَ أتاها باسمًا = رغم ظلمٍ في مغانينا مُشينْ
فتنةُ الدنيا حجابٌ دونه = جنَّةُ الخلدِ نعيمًا ومَعينْ (2)
هي دارُ الشُّهدا والأوفيا = ورياضُ المتقين المؤمنينْ
* * *=* * *
يا أخا الإسلامِ قد حنَّتْ قلوب = لرسولِ اللهِ في عصرِ عُقامْ ! (3)
فَلْنُجَدِّدْ ياأخي إيمانَنا = وَلْنُناجزِ غارةَ الشَّرِّ الُّلهامْ (4)
مرحبًا بالموتِ في أردانه = نفحةَ الفوزِ بجنَّات السَّلامْ
سئمَ الذُّلَّ شبابٌ مسلمٌ = فتصدَّى للطواغيتِ اللئامْ
وأتى للهِ لم يرضَ الونى = أو تغنَّى بالمزاميرِ الحرامْ
قد كفى النَّاسَ هوانا وأذى = بين فكَّيْ أسدِ ضارٍ وجامْ (5)
* * *=* * *
يا أخي رؤيايَ رؤيا يوسف = غمرتْ قلبي وقلبي في القيودْ
حدَّثتني والجِمالُ انحدرتْ = لبوادي الجبِّ بالسَّعي الفريدْ :
أنَّ أيَّامًا على النفسِ لها = وطأةَ الشمِّ على ظهرِ الطَّريدْ
إنَّما الغيبُ به بُشرَى لنا = أدركتنا برؤى الفجرِ الجديدْ
وطواغيتُ البرايا عربدوا = وتداعوا بأذاهم والجحودْ
وإذِ الموجُ أتاهم بغتةً = فطواهم في عيابات اللحودْ
* * *=* * *
لم يَدُمْ ضيقٌ ولا عسْرٌ ولم = يدعِ اللهُ لبغيٍ أن يدومْ
كلما ضاقَ الزمانُ انفرجتْ = ظلمةُ القهرِ ومرماه الشَّتيمْ
وثباتُ المؤمنِ الأتقى له = نفحةُ الفتحِ من اللهِ الكريمْ
أو توخَّوا قهرَها إلا أتتْ = غارةُ الدَّيَّانِ باليومِ العقيمْ
* * *=* * *
لفؤادي في تصاريفُ الزَّمنْ = موئلٌ يطرحُ أوهامَ الشَّجَنْ
يُنبتُ العزمَ ويحيي ماطوتْ = مُديةُ البغيِ وديجورُ المحنْ
عزَّةُ المسلمِ في وجهِ العدا = وثباتُ الدِّينِ في عصرِ الفتنْ
هي تبقى وسِواها زخرفٌ = وهُدانا لم يزلْ غالي الثَّمَنْ
* * *=* * *
عصرُنا هذا ويابئسَ الهوى = في اعتقاداتِ ضلالٍ قَذِرَهْ
شُحنتْ بالزيفِ والمكرِ الذي = قد تبنَّاهُ طغاةٌ كَفَرَهْ
حكموا الناسَ ولا الأصلٌ لهم = فَهُمُ بين البرايا نَكِرَهْ
فتراهُمُ لفسادٍ أسرعوا = كوحوشٍ أُفلتَتْ مستنفرَهْ
يا لهذا العصرِ من مأساته = ومن الإرهابِ لمَّا بَذَرَهْ
كذبة العصر به مشرعةٌ = لاجتثاثِ الدِّينِ ألقى صوَرَهْ
* * *=* * *
وهوالمسلمِ واعٍ كيدَهم = ولذا لم يكترثْ بالتُّهَمِ
وتعالى بمحيَّاهُ على = منْ تعالى من أذى أو صنمِ
واجبُ المسلمِ دفعُ البغيِ عنْ = دعوةِ الهادي رسولِ الأممِ
لايهابُ الظلمَ مهما دلهمتْ = سحبُ البأسِ وقذفُ الحممِ
إنَّها جولةُ صبرٍ فَلْتَكُنْ = رايةُ الحقِّ بأعلى القِممِ
والمواعيدُ إذا عزَّ اللقا = في جِنانِ الخُلدِ عندَ المنعِمِ
* * *=* * *
يأسُ بعضِ القومِ فيه هزَّةٌ = تدع الإنسانَ فيها مُقْعََدا
حرَّم الباري علينا أخذَه = إنَّ حالَ اليأسِ للذُّلَّ صدى
سلسلَ المجدُ لنا صفحَتَه = فأثارتْ في الحنايا سؤددَا
من معانيها شربْنَا أكؤُسًا = لم تحطِّمْها جناياتُ العِدا
مذ رأينا النُّورَ في آفاقِنا = جدَّ للهِ وللنُّورِ الفِدا
سوف نمضي شهداءً أو نرى = لهُدانا من جديدٍ ... مولدَا
* * *=* * *
ما نأيْنا عن سبيلِ الأنبياءْ = أو تخاذلنا لبغيِ السُّفهاءْ
ومَن استعلى بما في دينِه = من مثاني اللهِ لم يخشَ اللقاءْ
إنَّ حُبَّ المصطفى علَّمَنا = أنْ نرى الإيمانَ في تاجِ الإباءْ
لانواري دينَنا في وهنِنا = إنَّما الإسلامُ عزٌّ وفداءْ
ومَن استحلى هواه فانثنى = وتردَّى مفلسًا ممَّا أفاءْ
فله ماشاءَ من دنيا طوتْ = من ملوكِ وكِبار الأغنياءْ