مَن يهدِهِ اللهُ لم تُخدعْ فراستُه = ولم يجبْهم وللرحمنِ قد سجَدَا
ومَن جنى من كتابِ اللهِ عزَّتَه = فما ونى لطغاةِ العصرِ أو سجدَا
ومَن سقتْهُ يدُ المختارِ سُنَّتَه = فما استكانَ لطاغوتٍ وما هجدَا
خرابُها بِيَدَيْ مَن قادَها أمدا = وأهلكَ الحرثَ والنسلَ الذي وَلَدَا
وعاث فيها بطغيانٍ وعربدة = وبالمآسي سقى أبناءَها النَّكدَا
وبالضَّياعِ وما في اللهو تلفٍ = للنفسِ والأهلِ لم يهجرْ لهم أحدَا
وبالميوعةِ في الترفيه أوقعهم = في بؤرةِ الخزيِ إذ ضاعَ الشبابُ سُدى
يَرى المهالكَ في زيف الهوانِ لمَن = رامَ المجونَ فأوهى النفسَ والجسدَا
وبانَ لمَّا على الإسلامِ معدنُه = فأغضبَ الفطرةَ الزهراءَ إذ عَمَدَا
ردُّوا عليه أباطيلَ الفسادَ فلم = يحرزْ من المكرِ إلا كذْبَةَ الشُّهدا
بالزور والإثم والتدليس قد شهدوا = ومثلُه فقدوا ماكان مفتَقَدَا
فالدِّينُ والفطرةُ المثلى وقد حملتْ = من العهودِ تجلُّ الواحدَ الأحدَا
فأخبِروا زمرَ الأوباشِ أنَّهُمُ = عن الطريقة حادوا فانثنوا بدَدَا
لقد علمنا بأنَّ الحقدَ ديدنُهم = وأنَّ كفرَهُمُ في بيتِهم وُلِدَا
وأنهم لعداءِ الدِّين قد بذلوا = وأنَّ أقبحَهم عن ذاك ماقعدَا
فالحقدُ ملَّتُهم والزورُ يفضحهم = إذا تمادى الذي للعقلِ قد فقدَا
هم آزروا المللَ الأخرى لغايتهم = ولم يزل حقدُهم للغدرِ مُتَّقدَا
في غمرةِ الجهل والتدليس مابرحوا = يغالطون الذي في الدِّين ملتَحَدَا
وهم طغاةٌ إذا ماحثَّهم ضَغَنٌ = على الذي لإلهِ الخلقِ قد سجَدَا
مامكَّنَ اللهُ للطغيانِ زمرتَه = فآفةُ الحقد نالت كلَّ مَن حَقَدَا
هي الأباطيلُ والأوهامُ تُضْحِكُ مَن = أصغى لمَن عطَّلوا الألبابَ والرَّشدَا
كفرتُ بالظلم لايحظى بمنزلة = وصاحبُ الظلمِ ها قد باتَ مرتعدَا
لأنهم خدعوا أمثالَه فمشى = مشيَ الفتى الحذرِ المخدوعٍ فابتعدا
إنَّا لأمثالِه نرجو سلامتَهم = من انحرافٍ وللإيمانِ قد فَقَدَا
ماذا رأى في دياجير الضَّلالِ سوى = مَن قد نعى نفسَه إذْ أوجعَ الكبدَا
واللهُ سبحانه مَن تابَ يقبلُه = ويجعلُ السَّيئَ الأحوى يطيبُ يدَا
ومَن رعى اللهُ بالتَّوباتِ أوبتَه = وافى بَقِيَّتَهُ دهرًا من السُّعدَا
قلبٌ يعافُ الأسى بل ليس يَألَفُهُ = لمَّا نفتْ نفسُه اللأواءَ والكمدا
أرى سرورَ أخي يزجي لنا فرحا = ففي الإخاءِ رباطٌ باتَ معتَقَدَا
عشنا بدنياكَ مِن أَهلِ الوفاءِ فلن = يباركَ اللهُ مَن أَغواكَ مضطهدَا
إِنَّا لمثلكِ يأتي القلبُ مُعتَذِرًا = إن كان للقلبِ تقصيرٌ وما حَفَدَا
أبناءُ أمتنا ضاعوا بمحفلِهم = ومحفلُ الغيِّ معْ أوزارِه طُرِدَا
قد غيَّبوهم فلم تبْصرْهُمُ مقلٌ = والزيفُ يحجبُ نورَ الشَمسِ منجردا
وا لحقُ باقٍ وفي الأحناءِ جذوتُه = وأهلُه الصِّيدُ ماهانوا به أبدَا
والحقُّ لا يرتضي إذْ لايرى قيمًا = وغيرُه من صنوفِ الريبِ ما كسَدَا !
عشقتُ فيه جلالَ الخلدِ يحفظُه = ربُّ السَّماءِ بِنِيْلٍ كان أو بَرَدَى
أشدو له في الدُجى حبًّا وَقد نَطَقَت= مشاعري بعلاه طائرًا غرِدَا
متى تعودُ يدُ الدنيا لأمتنا ؟ = لتملأَ الكونَ من آلائها رشدَا
وإنهم عجموا أفكارَهم ليروا = فيها الذي لم يكن في الأرض مفتَقدَا
فلم يروا في المدى إلا شريعتَنا =وعند أفيائها الميمونُ بوحُ هُدَى
وحيُ النُّبُوَّاتُ مازالتْ فرائدُه = تُغني البريَّةَ من فيَّضٍ بما وَرَدَا
وهم لخسَّتهم جاروا تؤزُّهُمُ = نارُ العداوةِ والإسلامِ قد حشدَا
واستيقظَ الناسُ من غفلاتهم وَ وَعوا = مافي رؤاهم وما قد بات معتَمَدَا؟
فاليومَ جسرُ الهدى مُدَّت مآثرُه = للخلقِ كيلا تمرَّ البيناتُ سُدَى
وهاهنا فجَّرَ القسَّامُ قنبلةً = وذي يداهُ تفي ما كان قد وعَدَا
مَن يطلب النصرَ والأسبابُ تدركه = يكن له الموئلُ المحمودُ مُلتحدا
فالدِّينُ والصِّدقُ جنديان مابرحا = تناغما في دروب النَّصرِ واتَّحدَا
وفيهما أمتي من قبلُ قد نهضتْ = وطالبُ العزِّ عن هذين ما ابتعدَا
ومَن سعى دون دفعِ الظلمِ معتمدا = على القديرِ فما أخوى وما قعدَا
تراه مستنفرًا والعينُ مبصرةٌ = والزَّهوُ بالعزِّ وافى ما له قصدَا
للهِ لا للهوى الممقوتِ أعلنها = رغمَ المكارهِ إسلاميَّةً جَلِدَا
لقد مضى زمنُ الشكوى لأُمَّتِنا = وللفدا جمعُ فرسانِها لها احتشدَا
مستقرئًا علمَ أيامِ الهوانِ ففي = طيَّاتها ماجلاهُ الذُّلُّ مطَّردا
ففي عهودٍ لهم جاروا على أمم = وشتَّتُوا في الورى أبناءَها بدَدَا
تقودُ دنياهُمُ للإثمِ من حقبٍ = يدٌ لَعِينُ عطاياها يذوبُ سدَى
وأُمَّتي اليومَ تستوفي مكانتَها = بسعيِ أبرارِها ألفت بهم سندَا
وطوَّعتْ مَن يعاديها بما ملكتْ = فانظرْ تَرَ الخوفَ في الشجعانِ مفتَقَدَا
ماضي مكانتِها جذلٌ لصحوتِها = ولم يجد مَن تناساها له عضدَا
وشرعةُ اللهِ أزجاها الكريمُ لها = نورًا مبينًا وفتحًا لم يزلْ أبدَا
حتى تعودَ يدُ الدنيا لدعوتها = تقودُها لرخاءٍ منهُمُ فُقِدَا
شبابُها اليومَ تحدوهم عقيدتُهم = إلى المآثرِ والفجرِ الذي وُلِدَا
واليوم لن يركنَ الثُّوَّارُ في بلدٍ = عانوا من الظلمِ والحُكْم الذي جَحَدَا
مافاتهم من بطولاتٍ فمحتدهم = أغناه إسلامُهم إذْ أكرمَ الشُّهَدَا
عيناهُ في الأفق الأعلى ترى قبسًا = ينيرُ للمرءِ قلبًا باتَ متَّئِدَا
ويسألُ اللهَ مولانا وبارئَنا = أن يطمسَ البغيَ لايُبقي له أحدَا
وينصرَ الدعوةَ الغرَّاء في زمن = فسادُه قد طمى والمالُ قد عُبِدَا
أما الهراءُ فلا تسألْ وقد فجروا= وجلُّهم من عذابِ الله ما ارتعدا
هي النواميسُ ربُّ العرشِ ينفذها = ولن يدومَ الذي بالكفرِ قد وردا