هوامش :
(1)ذحولا : الثأر .
(2)مشكولا : مربوط من رجليه .
(3)وبيلا : شديدًا ، ثقيلا .
(4)فلول : كلمة فلول مفردها فَلّ بفتح الفاء وتشديد اللام ويقال :هَمَّ قومٌ فَلٌّ أي مهزومون ويمكن أن يوصف الرجل بأنه مفلول أي منكسر ومنهزم. والبعض يشير إلى أن
المفرد فال. والمفرد فل هو ذاته المصدر، وكذلك الفعل الماضي مثال: فل اليوم السابع من اكتوبر جيش الأعداء فلا: أي ألحق بهم هزيمة منكرة.
(5)الشكيمة : تأتي بمعنى قوة القلب ، ويقال : فلان شديد الشكيمة .
(6)فسيلا : الفسيلة النخلة الصغيرة تُقطع من الأم .
(7)المراح : الموضع الذي يَرُوح منه القوم، أو يروحون إِليه لخصوبته وكثرة خيره ،
خلافُ المَغْدَى .
(8)السلسبيل : السلسبيل أو الشاذروان هو لوح رخامي مموج يستخدم وحده أو مع النافورة. والسلسبيل : الشراب السهل في الحلق لعذوبته .
(9)التَّجديلا : أحد أساليب التزيين والتَّزييف والتجهيز للمناسبات الخادعة .
(10)استنكف : أنِفَ وامتنع ، ويقال : استنكف عن العمل : امتنع مستكبرا ، ويُقال : استنكف من الشيءِ وعنه .
صبروا وما زالَ الثباتُ جميلا = لم يرضَ عن مهجِ الأباةِ رحيلا
صبروا وللقيمِ الحِسانِ مكانةٌ = في صبرِهم والصَّبرُ باتَ جليلا
فلدعوةِ الرحمن عهدٌ ما انطوى = والعهدُ يحفظُ في يديه ذحولا (1)
هيهاتَ يبخلُ أهلُه إنْ هُم دُعُوا = يومَ النفيرِ شبيبةً وكهولا
لاعاشَ مَن غيضتْ يدٌ في شحِّها = مستنزفًا طعمَ الحياةِ بخيلا
ماكان من جمعِ الأباةِ ومَن لهم = أيدٍ تثيرُ فراتَها والنِّيلا
يافيلقا مستعصمًا بإلهه = ينفي الهوانَ ويمقتُ التَّضليلا
ولقد رأى آثارَ من ظلموا ومَن = ساموا رجالَ بلادِهم تنكيلا
ورأى بأن البغيَ ضيمٌ قاتلٌ = بسفاهةٍ لاتقبلُ التأويلا
يافيلقًا ألفى الجهادَ روايةً = كانتْ جنى لفخارِنا ودليلا
في متنِها من وحيِ ربِّك آيةٌ = جاءت تحفِّزُ مَن أناخَ ذليلا
مستسلمًا لعدوِّه وعدُوُّه = لمَّا يزلْ بيدِ الهدى مخذولا
ماغرَّه فينا سوى استسلامِنا = أمَّا الخنوعُ فلم يكن مقبولا
كانت لنا العلياءُ في إسلامِنا = أما الصِّعابُ فذُلِّلَتْ تذليلا
خيريةُ الرحمنِ فينا لم يزل = عنوانُها في العالَمين ظليلا
ولديه إذْ وَهَبَ المودةَ والإخا = قيمٌ تفيضُ مناهجًا وفصولا
تجدُ الهناءةَ والأمانَ شعوبُهم = فيها ولنْ تجدَ الشعوبُ بديلا
أمَّا الجفا والبغيُ والبغضاءُ ما = وجدَ الزمانُ لشرِّها تبجيلا
هي طبعُهم ولقد رعاها كِبرُهم = وأجادَ فيها المكرَ والتَّضليلا
فاستشهدِ التاريخَ يُنبِئْ مَن وعى = أنَّ الجُناةَ تعمَّدوا التَّقتيلا
أما الهداةُ الأكرمون فإنَّهم = للدِّينِ عاشوا في الحياةِ عدولا
تمضي السنون وللهداةِ براءةٌ = منها فما شهدتْ له تخذيلا
فالسَّعيُ للإسلامِ والأخرى خوت = إذ حرَّفوا التوراةَ والإنجيلا
والآخرون من اليهودِ تعلموا = فتمرَّغوا بوحولهم تطفيلا
كقطيعِ أغنامٍ تُساقُ طريدةً = بعمائها لمَّا تجدْ قنديلا
أمَّا الأذى والمكرُ والتدليسُ قد = كانت لها في العالمين سبيلا
وتهاوت الأحزابُ من أبراجها = وأساسُها لمَّا يزلْ مجهولا
وطمى الفسادُ بشرِّها وضلالها = حتى غدا مزمارُه مملولا
عانتْ مطاياه الهوانَ وإنَّما = زيفُ الهُراءِ ولم تُطِقْهُ مقيلا
ويردُّها حرُّ التَّبارِ لجُحرِها = إذ باتَ سعيُ قفولِها مشكولا : (2)
تلك المطايا لم تكن عربيَّةً = فغوتْ هناك ولم تجدْ تبجيلا
ونأى الكرامُ الصِّيدُ عنها رفعةً = واستنكروا نهجًا لها مرذولا
ماعادَ للوجناءِ حاديها الذي = أغنى القلوبَ مروءةً وقبولا
أو كان للهيجاءِ يسعى خالدٌ = إذ كان سيفُ جهادِه مصقولا
أو كان للإسلامِ رايةُ جعفرٍ = أم كان حفصٌ جوَّدَ الترتيلا
خنساؤُهم كانت روايةَ أُمَّةٍ = حفظتْ بصدرِ ضميرِها التَّنزيلا
واستبشرتْ بهدى الإلهِ وأيقنتْ = بعقيدةٍ لاترتضي التمثيلا
هي دعوةُ اللهِ الذي حفظَ الهدى = وأذاقَ مَن يبغي العذابَ وبيلا 0(3)
قيمُ المثاني لم تكن لمراوغٍ = أو مرجفٍ عَبَدَ الهوى مغلولا
كم مجرمٍ والدَّهرُ يشهدُ مصرعا = للمجرمين مدى القرون الأولى
الفارجُ الكربات ربُّك فاتَّخذْهُ .= . أخا العقيدةِ ناصرًا وكفيلا
قدَرٌ يُبدِّدُ للطغاةِ عُتُوَّهم = مهما تمادى بأسُهم مسلولا
قد يجمعُ الأعداءُ في لججِ الوغى = أجنادَهم في غزوِهم والفيلا
واللهُ بالمرصادِ أنَّى أزمعوا = فيما يرون عداوةً وميولا
فهمُ البغاةُ وللنهايةِ أمرُهم = ماضٍ ولم يجد الجناةُ مقيلا
كم أُمَّةٍ كفرتْ فنالتْ وزرَها = غرقًا وتاهت في المآل عقولا
وإذا القلوبُ طمى بها إدجاؤُها = وجدتْ لنورِ ضُحى الخلاصِ أُفولا
قد ساءَها وجهُ الصباحِ مكشِّرًا = صفعَ المضلَّلَ بكرة و أصيلا
وهو الصباحُ به البشائر أقبلتْ =تهبُ القلوبَ يقينَها المعسولا
وأتتْ به أفواجُ أمتنا وقد = حملَ الوفاءَ بطولةً وصهيلا
والفيلقُ الجرَّارُ عادَ بإرثه = من هَدْيِ أحمدَ للأُلى إكليلا
واستلَّ عزمًا من قوافل أُمَّةٍ = مازالَ سيفُ إبائها مسلولا
أُممٌ على غالي شريعتها عدتْ = والحقدُ فيها لم يكن مكبولا
لكنَّها هابتْ مكانةَ أُمَّةٍ = لم تنسَ تكبيرًا ولا تهليلا
هي للعهودِ البيضِ تفدي دينَها = وتردُّ مَن عادى الحنيفَ ذليلا
تاريخُها تأبى مراشفُه الونى = في وَصْفِ مجدِ المسلمين خمولا
وهو الفداءُ إذا تمادى مَن غزا = تلقاهُ في وجه الأباةِ جليلا
هيهات تركنُ أُمَّتي لعدوِّها = ولسوف ينكص بالهوان فلولا (4)
هو شوقُها يسمو بحبِّ مُحَمَّدٍ = وهبتْه من أعماقها التَّبجيلا
وله العهودُ المنجزاتُ وبالفدا = هَمَتِ الشكيمةُ نصرَها المأمولا (5)
وعدوُّها رغم التَّمادي لم يزل = يوم اللقاءِ بذلِّه مفلولا
إنْ هبَّ ركبُ جهادِها لمَّا يجدْ = هذا العدو لبأسها تحويلا
هذي فيالقُ دعوةٍ قدسيَّةٍ = ومشى النَّبيُّ مدى خطاها الأولى
والناسُ في كنفِ النَّبيِّ استأنسوا = ونسوا الهوانَ وذُلَّ ما قد قيلا
مدُّوا أياديهم لعهدِ حبيبِهم = وسِواه في مسعاهُ ساءَ سبيلا
والمجدُ أزهرَ بالعطايا جمَّةً = تهبُ الشعوبَ من الهناءِ جزيلا
إذ أنَّها أوفتْ حقوقًا ضُيِّعتْ = بيدِ الطغاة الفاسدين فسيلا (6)
ماأحسنوا صنعَ التَّقدم مثلما = ترضى الشعوبُ مراحَها المأمولا (7)
راقت مباهجُه وفوَّحَ نبتُه = وسقى نميرُ السَّلسبيلِ سهولا(8)
ماكان بالزيف المقنعِ وجهُه = تبًّا لهم لم ينفعِ التَّجديلا(9)
خابتْ رؤاهم واضمحلَّتْ حقبةٌ = مشؤومةٌ إذْ سفَّهوا المسؤولا
وبدتْ مثالبُهم بأتفهِ صورةٍ = ورمى الأباةُ رداءَها المغلولا
يا أمَّتي لم يبق إلا وجهُ مَن = وهبَ الوجودَ خلودَه ترتيلا
فهي المثاني لم تزل فيَّاضةً = بالنُّورِ يأبى فضلُه التَّطفيلا
والسُّنَّةُ الغرَّاءُ في أسفارِها = ما للأنامِ من الهدى محمولا
الدِّينُ باقٍ هاهنا مهما بغوا = أو عربدوا أو أنكروا التَّنزيلا
للدين بارئُه وللأعداءِ ما = إبليسُ أوهمَهم فَضَلَّ سبيلا
وتبرَّاتْ كفَّاه منهم وانتحى = عنهم وراموا جُحْرَه المجهولا
إذ نال منهم في الحياةِ وأفلسوا = ومرادُهم لمَّا دعا ما نيلا
هيهاتَ يسعفُهم لعينٌ إذْ رُمُوا = وهو الشَّقيُّ ولم يزل مكبولا
دارَ الزمانُ فيامغاني قدسِنا = رُدِّي إلى ساحاته التهليلا
ودعي المآذن ترفعِ التكبيرَ لن = يبقى الهوانُ بشأنها مشغولا
ياربِّ أُوذينا وشتَّتَ شملَنا = بغيٌ تولَّى الأمرَ جيلا جيلا
فانصرْ إلهي أُمَّةً ما استنكفتْ = عن دينها بل قدَّمتْه دليلا
وكأنَّما الأمسُ البعيدُ هو الذي = نحياهُ في العهدِ الجديدِ فصولا