ليت القوافيَ تعطيني أعنّتها = كيما أحدّث عن دنيا الورى العجبا
لكنّ حظّيَ منها حظُّ مَن قبضَتْ = منه اليمينُ على ماءٍ، فما قبضا
لم يبقَ في كفّه إلاّ ندىً ضحِلٌ = والزّرعُ ينبتُ إذ غيثُ السّما انسكبا
لكنّ ذاك النّدى يُبقي حُشاشة مَن = يرجو انفراجاً ويرجو نيل ما احتجبا
بذا أتيتكمُ فلْتعذروا قلمي = إنْ لم يُوَفَّق إلى إيضاح ما وجبا
* * *=* * *
ها قد خُلقنا وشيطان الهوى معنا = ويلَ الذي تبع الشّيطان واقتربا
أمّا الّذي قهر الشّيطان مُتّبِعاً = هديَ الإلهِ فقد أعلى له الرُّتبا
كلٌّ له حزبُه والحربُ قائمةٌ = بين الفريقين فاختر حزب مَن غَلبا
ذاك الشّقيّ دعا للنّار مُتَّخذاً = من اللذائذ طُعماً غرّ مَن رغِبا
لذائذٌ فنيتْ أودتْ بعاشقها = ثمّ انثنى نادماً مِن بعد ما نُكِبا
هيهاتَ ينفعُه ذاك القرينُ وقد = فات الأوانُ وجاء الحقُّ وانتصبا
هلاّ سعيتَ بذي الدّنيا إلى رشَدٍ = يُنجيك يومَ ينادَى أينا غلبا ؟!
هيّا استفق من سباتٍ قبل يومِ غدٍ = وانهض إلى طاعة الرّحمن مُحتسبا
ولا يغُرّنْك شيطانُ الهوى أبداً = ولا يغرّنْك مُلْكٌ طال واغتصبا
مهما جمعتَ من الدّنيا وزينتها = فلن يردَّنّ عنك الموت والعطبا
وما الجوابُ بيومٍ أنت شاهدُهُ = أين القرينُ يردُّ النّارَ واللهبا ؟!
هذي جهنّمُ مأواكم فتحطمُكم = أنتم ومَن كان في الدّنيا لكم ذنبا
وكم وكم في حياة النّاس من كدَرٍ = كاّنّهم خُلقوا للضّرِّ واعجبا
سبحان ربّيَ كم في النّاس من بطِرٍ= لم يشكروا نعماً ،لم يحسنوا أدبا
تاهوا على النّاس واستعلَوا كأنّهمُ = أربابُ نعمتهم ناسين مَن وهبا
واللهُ أمهلهم حتّى إذا فرحوا = بذا النّعيم أتاهم كيدُ مَن رقَبا
كيد الإله متينٌ لا مثيلَ له = فارقب إلهك واحذر كيده رهَبا
يا سعدَ مَن عرفوا حقّ الإله ولم = يعدوا على النّاس بل قاموا بما وجبا
وإن أُصيبوا بعسرٍ قال قائلٌهم = حمداً وصبراً فإن اليسر قد قربا
* * *=* * *
كذا الحياةُ امتحانٌ مظهرٌ صُدًقاً = أو مظهرُالزّيف فيمَن يعتلي السُّحُبا
أدعوك ،ربّيَ، رحمنَ الورى أبداً = أنا الضّعيف فكن لي خيرَ مَن حدبا
فرّج إلهيَ كربي ولْتُعِدْ ولدي = حرّاً طليقاً فأنت الكاشفُ النّوَبا
وفّقْ إلهيَ أولادي ومَن ولدوا = للصّالحات وكفَّ الشّرَّ والنّصبا
وآتِهِمْ خيرَ ما آتيتَ مؤمننَا = دنيا وأخرى وحقّق خير ما رُغبا
وانصرعبادَك واخذل حزب مَن ظلموا= أنت النّصيرُ وأنت المانح الرّتبا
هذا دعائيَ فاغفر لي ومن سبقوا = من مسلمين وأهلٍ ذِكْرُهم عذُبا