ونعيدُ ما قد قال ماضينا لنا=ياناسُ : ماخابَ الرجا فينا
هوامش :
- العَمَه : يُقال : وَجَدَ نَفْسَهُ فِي عَمَهٍ : أي فِي تَرَدُّدٍ وَحَيْرَةٍ، لَمْ يَعُدْ يَدْرِي أَيْنَ وِجْهَتُهُ
- يحبرون: يُسَرُّون و ينَعَّمون، أو يكرمون و يفرحون، وتبدو عليهم آثار النعمة و الحُبور و الحَبرة : السرور و النعمة .
- العرجون : العِذْقُ، إذا يَبِسَ واعْوَجَ ...
- المضنون : الغالي ، النفيس ، المُدَّخر ...
- افرنقعوا عنه : افرنقع القوم عن الشيء : تنحوا عنه ، تفرقوا عن عمهٍ وهوان .
- سامونا : سَامَهُ العَذَاب: عَاقَبَهُ بِأقْسَى أنْواعِ العَذَابِ.
- المازوم : يُقال : تأزَّم الموقفُ السِّياسيُّ اشتدَّ وضاق واحتدم من غير وصول إلى حلّ :-تأزَّمتِ الحالةُ الأمنيّة في البلاد، اشتدت وضاقت .
- شانينا : شانئُنا ، مبغضُنا ، عدوُّنا .
أين الشَّبابُ لدينِهم يحيونا=وبحبِّهم للمصطفى يشدونا !
صلَّى عليه اللهُ عاشَ نبيُّنا=يحمي الشَّبابَ فللهُدى يرعونا
فلفتيةٍ أحلى المشاربِ لم تكن=إلا لمَن أخذَ العقيدةَ دينا
واستدرك الأيامَ قبل فواتها=بالباقياتِ وللهوى يعصونا
وجدَ النَّبيُّ شبابَ عهدٍ لم يكن=إلا لكلِّ قبيحةٍ مرهونا
الجاهليَّةُ عشعشتْ في بيئةٍ=فيها العتاةُ لغيِّها يحمونا
وأتى الحبيبُ بدعوة قدسيةٍ= وهو المبشِّرُ جاءَهم مأمونا
وهو الأمين الهاشميُّ نُبُوَّةً=وفصاحةً ولفضله يرجونا
هو سيِّدُ الرسل الذين بهديهم=يُطوى الذي ما منه قد يشكونا
فاستبشرتْ أمُّ القرى بمجيئه=وهداهُ يحملُ خيرَه المكنونا
وأتى الشبابُ يبايعون نبيَّهم=فبغيرِ هذا الدِّينِ لايرضونا
هو موئلُ التوحيدِ فالشِّرك انطوى=والكفرُ أصبحَ عندهم ملعونا
وهي العقيدةُ في القلوبِ تمكَّنتْ=ولِسِفرِ وَحْيِ كتابِها يروونا
ملأتْ مثانيها النفوسَ يقينَها=فلربِّهم للأمرِ لا يعصونا
وخلتْ قلوبُ المؤمنين من الهوى=ومن النفاقِ مذمَّمًا يأبونا
ومن الرياءِ ففيه لا يُرضَى الفتى=إنْ عاشَ في أحنائه مسكونا
ومن الخصال المبعدات أخا الهدى= فيعيش في مضمارِها موهونا
فصحيحُ حبِّ اللهِ أن لاتنحني=قيمُ السُّمُوِّ لمعشرٍ يَعصونا
تلك الشوائبُ لم تكن زادَ الذي=عرفَ الحقيقةَ أو أتى مَفتونا
فالشَّكُّ والريبُ المقيتُ جنودُه=هم مفترون لريبِهم يروونا
خابوا وخابتْ في الحياةِ فصولُهم=ما أثمرتْ فبحسرةٍ يُمسونا
أو أنَّهم ركبوا القبائحَ وارتأوا=خُلُقَ السَّفيهِ وبالأذى يَمشونا
هيهاتَ أن تجدَ الأمانةَ عندَ مَنْ=أخلاقُهم فسدتْ فعاشوا الدُّونا
لايستوون فمن تساموا بالهدى=غير الذين بغيِّهم يلهونا
أخلاقُ أهلِ اللهِ سِفرُ عقيدةٍ=وسِواهُمُ من غيِّهم يشكونا
ألقى بهم قانونُه في ظلمةٍ=بيدِ الضياعِ فجانبُوا القانونا
تلكم حياةُ اللهوِ تاه شبابُها= عَمَهًا وقد كانوا لها يعنونا (1)
فاستفتِهم بعدَ التَّهورِ والعمى=ماذا أصابَ التَّائهَ المسكينا !
تلك الخسارةُ ربما أودتْ به=ليقيمَ رهنَ ضلالِه مدفونا
فَلْيحمدِ الرحمنَ أصحابُ الهدى=فبدينِهم وسُمُوِّه يرضونا
إيمانُهم باللهِ سدَّدَ خطوَهم=فبنورِه رغم الدُّجى يمشونا
مانالَ منهم عصرُهم لفساده=ولفسقِ سوءِ حضارةٍ يدعونا
السُّنَّةُ الغراءُ هَدْيُ نبيِّهم=فإلى ظلالِ بهائها يأتونا
بالصِّدقِ بالإيمانِ بالتقوى فَقُمْ=تُبْصِرْهُمُ لشَبابِهم يرعونا
هي شِرعةُ الإسلامِ منهجُ فخرهم=فتراهُمُ لكتابِها يتلونا
فهي العبادةُ بابُ رضوانِ الذي=برأَ الوجُودَ ، وفضله يرجونا
والحبُّ حبُّ اللهِ حبُّ رسولِه=وبظلِّ كلٍّ منهما ماضونا
فالعمرُ يفنى والليالي تنقضي=والخلْقُ في غبرائِنا يفنونا
وغدًا غدًا في الحشرِ يؤتى من قضوا=ماقدَّموه وبعضُهُم يبكونا
والمؤمنون الصَّالحون بجنَّةٍ=هم يُحبَرون اليومَ لايشكونا
والله جلَّ جلالُه لنعيمه=يوم الحسابِ فللهدى يدعونا
ونبيُّه المختارُ بشَّرَ مَنْ أتى=لعقيدةٍ وافى بها هادينا
وَلْتَخْسَأ المللُ الوضيعةُ صوَّحتْ=وجنى المثاني خيرُه يكفينا
والسُّنَّةُ البيضاءُ حُجَّةُ مؤمنٍ=باللهِ لايرضى الهوى والدُّونا
هيهاتَ يعنو للبهارجِ مسلمٌ=والدِّينُ ما بين الورى يُعلينا
والباطلُ المنبوذُ لم يثبتْ فقد=هلَّ الهدى من شَهدِه يسقينا
لمَّا تخاذلْنا توقَّدَ شرُّه=جمرًا وبات أُوارُه يكوينا
فلزينةِ الغربِ الذي يشقى بما=جلبَ الهوى والنَّاسُ لا يدرونا
ما غرَّنا الزيفُ الموشَّى وجهُهُ=بحضارةٍ جاءت به مأفونا
وشبابُنا لم يرضَ تقليدَ الذي=هجرَ المآثرَ فانثنى محزونا
أتباع عيسى مارعوا أنفاسَه=فغدا الفتى متصحرًا عرجونا(3)
ماذاق شَهْدَ الحقِّ في أيَّامِه=أو نالَ من سبحاته تمكينا
وكذلك الحالُ المقيتةُ عندَ مَنْ=شَبُّوا ولم يجدوا بها المضنونا(4)
قد أرسلَ اللهُ الكريمُ نبيَّه=موسى وأردفَ بالهدى هارونا
فشبابُهم فسدوا بلا وعي لِما=جاءت به توراتُهم مضمونا
فافرنقعوا شيعًا وتاهوا حيرةً=فأنالهم ربي العذابَ قرونا(5)
وبقيَّة الملل التي تكبو على=محضِ الجهالةِ كلُّهم يشكونا
تاهوا وما اتَّعظوا بمهلك مَن طغوا=فلقد أتى الفرعونَ والهامانا
وأخاهما النَّمرودَ أهلكه الذي= لم يُبقِ طاغيةً ولا قارونا
واليوم في عصرِ البغاةِ ( تنمردوا )=( وتفرعنوا ) وببغيهم سامونا
لكنَّ ربَّك يمهلُ الباغي ولن=يجدَ البغاةُ اليومَ مَنْ يحمونا
كم مجترمٍ أرداهُ ربُّ العرشِ في=سلطانِه وقضى به مطعونا
لاتتيأسنَّ أخا العقيدةِ واصْبرَنْ=سينالُ مَن عادى العقيدةَ هونا
ما كان للدَّيَّانِ أن ينسى ولا=يدعَ البغاةَ بديننا يلهونا
فالدِّينُ دينُ إلهنا هو واحدٌ=دينُ النَّبِيِّينَ الكرامِ قرونا
وهي الشرائعُ أُنزلتْ من قبلُ في=أُممٍ على رسلٍ لها يدعونا
يدعون للإسلامِ لا لسِواه إذ=لمكانةِ التوحيدِ هم حثُّونا
سيعودُ عيسى مرةً أخرى إلى=أهلِ البريَّةِ يعلنُ التَّمكينا:
في الأرضِ للإسلامِ دينِ مُحَمَّدٍ=وقد ارتضاه منزَّهًا مضمونا
وليؤمِنُنَّ به النصارى جملةً=ويرونه حقَّا أتى ميمونا
وليقتُلنَّ الأعورَ الدَّجالَ في=يومٍ تراهُ جموعُهم مطعونا
آياتُ ربِّك آتياتٌ مثلما=جاءتْ بِسِفْرِ المصطفى هادينا
صلَّى عليه اللهُ بشَّرَنا بما=أوحى به الرحمنُ لا يقلينا
هو ربُّنا وهو الغفورُ ولم نزل=نرجو الرضا ونقولها آمينا
هي دعوة الباري الكريم لشيبِها=وشبابها ولنهجها يدعونا
وشبابُنا الأبرارُ مازالوا على=نهجِ النَّبِيِّ وللهدى يشدونا
أنا مسلمٌ لم أرضَ تقليدَ الذي=هجرَ المآثرَ واستباحَ الدِّينا
ومضى كأهلِ الغيِّ في سوقِ الهوى=أو كالذين إلى الخنا يعدونا
هذا مع الشَّهواتِ ضيَّعَ عمرَه=فتراهُ بئسَ بزيفها مفتونا
قد أفسدَ القلبَ السَّليمَ بخسَّةٍ=وأضاعَ زهوَ شبابه مأفونا
والآخرُ المتلافُ قطَّعَ وقتَه=بين الفضائيَّاتِ حينا حينا
هجرَ الصلاةَ وعافَ قرآنَ الهدى=فاستقبلتهُ الموبقاتُ مهينا
والآخرُ المنبوذُ أرسلَ شعرَه=متبخترًا في غُنْجِهِ موهونا
يهفو إلى فِعلِ النساءِ ميوعةً=وأراه في فرقاننا ملعونا
ولقد ترى سلسالَ أُنثى قد بدا=في صدرِه والأهلُ قد يغفونا !
وآخرين من المفاسدِ ماجف=منها حقيرًا تافهًا يُؤذينا
مابالُ فتيان الشعوبِ تفلَّتوا=والنَّاسُ من فِسقٍ لهم يشكونا
يقضون ساعات النَّهارِ بنومه=وبليلهم طيشٌ به يلهونا
أتراهمُ في اللهوِ قد وجدوا لهم=بينَ الرَّذائلِ مرتَعًا مأمونا
واحسرتاهُ على شبابٍ ضيَّعوا=إرثَ الفخارِ فلم يزل مخزونا
ولسيرة الأجدادِ يومَ استهزؤوا=فلأنَّهم لعلاهمُ يحفونا
قد باركَ الرَّحمنُ بالنشءِ الذي=ألفى سجايا الصَّالحين سفينا
فتراهُ ذا دينٍ وذا خُلُقٍ فما=عافَ الهدى أو قلَّدَ الغاوينا
فهو الذي يبني الصروحَ قشيبةً=ويردُّ ذاك المائلَ المرهونا
وهو الذي اتَّخذَ العقيدةَ مركبًا=فهي التي في عصرِنا تحمينا
الحاضرُ المأزومُ حاضرُنا الذي=يشكو به الدَّانون والقاصونا (7)
ويرون ماضينا المحفِّزَ للعلى=قيمًا مضتْ والويلُ للقالينا
ماعزَّ ماضينا بغير عقيدةٍ=كانت سحائبَ رفعةٍ تروينا
ميثاقُها القدسيُّ شدَّ ركابَنا=فصحا به لِسُمُوِّه سالينا
والعهدُ متَّصلٌ به فلا يُرجى لمَن=هجرَ العقيدةَ أو أتى شانينا(8)
أن يدركَ النَّصرَ المبين وأن يرى=حالا لنا كانت كما ماضينا
لافرق بين الأمرِ في ماضٍ لنا=والحاضرِ ابتعثَ الهدى يُحيينا
هلاَّ صحونا من كرَانا أُمَّةً=لاترتضي التطبيعَ والتَّخوينا
إنَّ اليهودَ مصيرُهم لم ينطمسْ=وَهُمُ بِسفرِ مصيرِهم يدرونا
أمَّا فعائلُ حقدهم سيرونَها=واللهُ يجزي الظالمَ الملعونا
فشبابُ أُمَّتِنا كتائِبُ عزَّةٍ=هبَّتْ ولم تخشَ العِدا يرمونا
فاسجدْ لربِّك حامدا أفضالَه=فهو الوليُّ وحفظُه يعنينا
وهو النَّصيرُ إذا الجناةُ تكالبُوا=وعبابُ موجِ البغيِ لا يطوينا
رحماك رب العرشِ أنتَ نصيرُنا=ومثبِّتُ الأقدامِ إنْ يغزونا
أُبْنَا إليك وأنت وحدك تُرتَجى=ورضاك عنَّا ربَّنا يُغنينا
فانصرْ إلهَ الناسِ أُمَّةَ أحمد=ياغوثُ غوثُك وحدَه يكفينا
إنَّا تبرَّأنا إليك من الهوى=ومن الذي بفسادِه يٌغرينا
وإليكَ ياربِّي التجأنا فاقبَلَنْ=هذا الدعاءَ تضُمُّه أيدينا
وقلوبُنا ضجَّتْ لِما يجري بنا=وهراؤُهم لمَّا يزل تسكينا
الجرحُ أعمقُ ما يكون بأُمَّةٍ=هجعتْ وجفوةُ دينِها تؤذينا
نشكو لِمَن والوقرُ في آذان مَن=لايمنحون لمسلمٍ تأمينا
الأرضُ تشكو من قبيحِ فِعالِهم=والحقدُ فارَ بصدرِهم غسلينا
والأُمَّةُ انهارتْ فلم تسمع لها=صوتًا وإنْ قالتْ أتى تلقينا
وعزاؤُها في ذا المصابِ كما ترى=شجبٌ وكانَ هُراؤُه تسكينا
ياربِّ فَرِّجْها فقد ضقنا بها=وهي التي ضاقتْ بنا تهوينا
ها نحنُ أسلمنا أمورَ حياتنا=لكَ ربَّنا . لا . لا . إلى : قاضينا