إلى الشهيد الشاب الأبي / أحمد مشرف قاسم أحد شهداء ديرالزور الأبرار
وإلى شهداء سورية الأبرار ، من ذكور وإناث ، ومن مختلف الأعمار
وإلى كل مَن أصابه الأذى المرعب على أيدي الجلادين العتاة
ماالصَّباباتُ ؟ ما الأماني العِذابُ=إن جفتْها دون الربيعِ العِرابُ ؟
والشَّبابُ الوثَّابُ للمجدِ وافى=فله من يد الهوانِ انسِرابُ
يتمنَّى ولم يجدْ غيرَ باب=أسرجتْهُ الأهواءُ والتَّصخابُ !
ماصحا بعدُ ، والسَّرابُ عقيمٌ=أَوَيَرْوٍي الظِّماءَ ذاك السَّرابُ !
أَوَيَبقى رهنَ الثُّبورِ ، ويشقى=والحنايا مشبوبةٌ والوِثابُ
والرؤى تغزلُ المفاتنَ عرسا=يتمنَّى أفراحَه الأترابُ
لاتلوموه إن أتاها أبيًّا=جرَّدَ السَّيفَ إذ حَدَاهُ الغِلابُ
هتفَ الثأرُ ، فاشرأبتْ عيونٌ=وتلظَّى بالمورياتِ الضِّرابُ
فأتاها الفتى ( أُحَيْمدُ ) حُرًّا=مالواهُ عن الجهادِ ارتيابُ
فزْتَ واللهِ بالشهادةِ ، طوبى=ماتخطَّاك فضلها والثَّوابُ
تزدري العيشَ لايُطاقُ لِذُلٍّ=لشبابٍ أراده الأذنابُ
وترفَّعْتَ يابُنَيَّ فلم تَجْبُنْ = ولمَّا تلوِ الإباءَ الصِّعابُ
عرسُك الفارهُ الجميلُ بجنَّاتِ = كريمٍ ، وكم تطيبُ الرِّغابُ
تحملُ الطُّهرَ في ثيابِ شبابٍ=عبقتْ في إهابه الأطيابُ
عند باب الجنَّاتِ ترفل زهوًا=ومع الخُلدِ تُعشَقُ الأبوابُ
والطيورُ الخضرُ الجميلة تشدو=فيطيبُ اللقا ، ويحلو الإيابُ
تسرحُ الروحُ في جنائنِ عدنٍ=وارفاتٍ ظلالها لاتُعابُ
والكراماتُ ليس تُحصَى عطاء=فمداها أثيرُه لايُشابُ
في سبيلِ الرحمنِ ثرتم أباةً=فتهاوى الطاغوتُ والمرتابُ
إنَّ نارَ الجهادِ أحرقت الظلمَ = فأخوى عواؤُه والخطابُ
وفقدناكَ يابُنَيَّ ، ولكنْ=بالرضا قد أظلَّكَ الوهابُ
ولعلَّ الذي عليه سيرضى=مالِكُ الملكِ لم تُخفْهُ الغابُ
والوحوشُ التي أثارَ أذاها=مجرمٌ فاته هناك الرِّغابُ
لست أبكي ، وإن تدفّقَ دمعي=فعيوني مع الثكالى عُبابُ
هي واللهِ رحمةٌ وانعتاقٌ=وحبورٌ ، وقد تراءى الثوابُ
كم شهيدٍ وكم جريح تصدَّى=للطواغيتِ ماثَنَتْهُ الصِّعابُ
عشرات الآلاف قتلى وجرحى=والرزايا ثقيلةٌ والمصابُ
جاشَ نهرُ الفراتِ عَذْبًا وحاشا=أن تجفَّ الأحسابُ والأنسابُ
هاهُمُ الصِّيدُ أهلُه في قراعٍ=لم يُخِفْهُم في لؤمِه الكذَّابُ
وتنادوا إلى الجهادِ فَضَجَّتْ=في البوادي أسنَّةٌ وحرابُ
تلك أحياءُ دَيْرِه تتحدَّى=وقُراهُ : وديانُها والشِّعابُ
ثارَ فيها الرجالُ ، فارتعدَ الظلمُ = وثارت نساؤُها والشَّبابُ
وأتوا غمرةَ الوطيسِ ، وجادوا=بدماءٍ ، وللدماء التهابُ
لن تنامَ الجراحُ والشَّعبُ أبقى=من سفيهٍ سلاحُه الأنيابُ
إنَّ شعبًا ألغى قوانين باغٍ=لم يؤخرْه بأسُه والمصابُ
عقدَ العزمَ أن يواكبَه الثأرُ = وأن يحيا روحُه الوثَّابُ
مثلما كان قبلَ أن يكبِتَ الحزبُ= مضاءً ، وللفدا إنجابُ
ما أهابتْهُ قوةٌ من صواريخ = مجوسٍ ، ولن يغيبَ الرِّكابُ
فمُحيَّاهُ مشرقٌ بسنى الإيمانِ = باللهِ فالأفاضلُ آبوا
خسئَ المرجفون ماسمعوا للوطنِ= الغالي صوتَ حبٍّ يُجَابُ
فَدَعاواهُمُ هُراءٌ و زور=ولدى الخطبِ كلُّهُم غُيَّابُ
ودعاواهُمُ أتتنا بيومٍ=هم محامو بلواهُ والأربابُ
فبلادُ الشآمِ غادرها الأنسُ = وأخوى نهارُها المستطابُ
ترخصُ الروحُ بعدَ هدمٍ قبابٍ=سبَّحتْ ربَّها ، فنعمَ القِبابُ
في بيوتٍ لربِّنا آمناتٍ=روَّعتْ أمنَ أهلِها الأحزابُ
من مجوسٍ ومن بقايا نفوسٍ=بخسيس الأفعالِ باتتْ تُشابُ
ملَّةٌ شأنها العداوةُ للشرعِ = فكُفرٌ أقوالُها وسِبابُ
وخرافاتُ جاهليةِ حُمقٍ=فَفِعالٌ شنيعةٌ واغتصابُ
واعتداءاتُ جَورِهم ماتوانتْ=فدماءٌ سخينةٌ و خرابُ
لاالمغولُ العتاةُ إذ سبقَ الحقدُ = خُطاهم ، ولا التتارُ الذئابُ
هؤلاء المجوسُ إذ عبدوا النارَ = فجمرٌ أحشاؤُهم واحترابُ
ركبوا الحزبَ ، فاستكان حمارً=وتولاَّهُ في القيادِ التَّبابُ
ما درى عفلقُ الغبيُّ ؟ ولكنْ=أدركَ المكرُ أهلَه والطِّلابُ
عشراتُ الآلاف بين قتيلٍ=وأسيرٍ ، وللطغاةِ حسابُ
ماجرى ليس من حديثِ فصولٍ=مجتناها : جديدُه الخلاَّبُ !
إنه عودةُ الضغائنِ بالشَّرِّ = فللقومِ عادة وانتيابُ
لم تُغَيِّبْ سودَ العقودِ الليالٍي=مقمراتٌ لمجدِهنَّ انتسابُ
يوم جاء الإسلامُ ، واحتضنَ الأمنَ= نظامٌ في العالمين مُهابُ
وتآخت تلك الشعوبُ ، وولَّتْ=نزغاتٌ و فتنةٌ واحترابُ
إنما هؤلاء ما دخل النُّورُ = حناياهُمُ ولا هُمْ تابُوا
فالجذورُ الملعونةُ الذكرِ في الذكرِ= جناها مرارةٌ وعذابُ
هم بنو الزَّقُّومِ الكريهِ فبئستْ=في البرايا جذورُهم والإيابُ
لم تزلْ تعصفُ الضلالةُ فيهم=وإلى الحقِّ والهدى ما أنابوا
نحن ندعو إلى التآخي ، ونأبى=لبني الأرضِ أن تُداسَ الرقابُ
قُمْ تأمَّلْ تجدْ فظائعَهُم ما=خطرتْ في بالٍ ، فأمرٌ عجابُ
قُبحُ أفعالِهم جفتها قلوبٌ=وعقولٌ ، وجانَبَنْها الصَّوابُ
فِئْتُ للهِ ، لم أجدْ من حفيٍّ=غيرَ ربِّي ، وللصبورِ الخطابُ
جاءَ وحيًا يحيي القلوبَ وبشرى=فَلْتَرُقْ في أشذائِها الأعصابُ
لن يطولَ النهارُ في وقدة الرمضاءِ= أو يبقى سرمدًا ذا الإهابُ !
يا إلهي أَرَيْتَنَا غضبًا منك = فَهَبْنَا من رحمةٍ تنجابُ
في ربوعِ الشآمِ تاقتْ لفجرٍ=يتثنَّى بآيِه المحرابُ
وتزولُ الأكدارُ والألمُ المرُّ = وهذا الطغيانُ والأوصابُ
ويعودُ الربيعُ طلقَ المحيَّا=وتولي عن روضِه الأتعابُ