يا أمّةَ المجدِ هل نغتالُ نيسانا = باعوا الترابَ ليبقى الدينُ أوثانا
السيفُ يلمعُ قبلَ الذبحِ في ترفٍ = والحقدُ يُضحكُ في التفتيتِ إنسانا
نقسو وتدمعُ عينَ الحبِّ فاجعةٌ = تلك البلادُ ترى التجويعَ إحسانا
أقلُّ سوءاً بجوعٍ قدْ يغرّرهُ = والموتُ يحصدُ في الأرواحِ أثمانا
يا سيّدَ القتلِ كيف العيشُ في وطنٍ= والطفل صارُ على الأنقاضِ عنوانا
والأمُّ تطعمُ من دمع ٍ صغيرتَها= والشيخُ يسجدُ فوق العوذِ إيمانا
دمٌ تلبّدَ في الأشلاءِ يسألُها= قتلْتَ في ألمِ التقطيعِ وجدانا
عصفورُنا تركَ الأجواءَ مرتحلاً= يا أنت صارَ رنيمُ العزْفِ غربانا
كنّا نسوقُ نجوماً لا نفسّرها = صرنا نبيعُ إلى الأوطانِ أوطانا
نضمُّ في وجعِ الإحساسِ ذاكرةً= تعطي إلى فشلِ المجهولِ سلطانا
تربّعَ القاتلُ المهووس في بلدي = على الرقابِ يبولُ الزيْفُ أزمانا
قلْ للضحيّةِ إنَّ الحبَّ مرتهنٌ = بطغمةٍ نصبتْ للوعدِ خصيانا
سوريّتي: سَرَقَ اللصُّ الصغير دمي= وتاجروا بضمير الحقِّ ألوانا
* * *=* * *
في غمرةِ الموتِ نرجو صوتَ عربانا= والنطقُ في ساحةِ التحريرِ أبكانا
في الليلِ يكتبُ مشتاقٌ خواطرَهُ= أوراقُهُ ألمٌ والحبرُ ينسانا
قالوا: غريباً يدوسُ القبرَ من قرفٍ = قلنا: وما تمتطي الأعناقُ ربّانا
عشرونَ كهلاً تمادوا في مؤخّرةٍ = تكالبوا بأيادي العهرِ عميانا
فيصهلونَ على الأترابِ من جثثٍ = ويصنعونَ من الأشلاءِ تيجانا
تلكَ البراءةُ في الأسواقِ بائعُها = تجارةُ الرقِّ للواعينَ قربانا
عروسةٌ تلدُ الإشراقَ جبهتُها = وفاجرٌ ينكحُ التفسيرَ عريانا
ومذهبٌ عرفَ الإخلاصَ قاتلُهُ = موتُ الحسينِ مضى يدمي فأدمانا
تسوقهمْ نزعةُ الأحقادِ دون هدىً = فيصبحُ القاتلُ المهووسُ ولهانا
الشامُ تغرقُ في التمزيقِ نائحةً = والياسمين يبيعُ اليومَ شطآنا
هذا الفراتُ يتوهُ الماءَ في عطشٍ = والماءُ يحفرُ في الأصلابِ عطشانا
خانوا الأصالةَ من عرْفٍ يذلّلهمْ= قبحُ الوجوهِ يدلُّ الشكلَ نيشانا
كلبٌ تعرّشَ فوق الملْكِ مفترساً= نبْحُ الكلابِ مع المسعورِ أعمانا
في كلِّ أرضٍ يتوهُ الشعبُ مغترباً= خيامُنا نُصبتْ في الذلِّ تهوانا
كلبٌ لقيطٌ يقودُ القتلَ منتعشاً = ما أنجبتْ مثلَهُ النسوانُ نسوانا
أرضُ الخرابِ تلالُ الردْمِ يا بلدي= قومٌ تقلّدَ حبلاً صار قطعانا
نرمي سؤالاً ونرجو الله مغفرةً= نقودُ فقراً أتى زوراً وبهتانا
لا خيرَ في أمّةٍ نامتْ على دمِها = باعتْ صراطاً وقالتْ: ليسَ فرقانا
تموتُ حمصُ لجرحٍ مسّ قاهرةً = وتنزفُ الشامُ من آلامِ تطوانا
تجوعُ درعا على الأنّاتِ في يمنٍ= تبكي دمشقُ على أحزانِ بغدانا
كيفَ الأخوّة والأمواتُ في حلبٍ = يئنُّ صوتٌ يصيحُ الشرَّ إيرانا
هلْ تسمعونَ فقدْ فضّتْ بكارتُنا = من آفكٍ بلغَ التدليسَ مرمانا
شيطانُهمْ ربّهمْ مهما بدوا ورعاً = في السرِّ كرْهٌ يرى الرحمنَ شيطانا
* * *=* * *
أمُّ الحياةِ نقاءُ النفْسِ يرعانا = عمقُ العقيدةِ في الألبابِ مسعانا
تلكَ الوقائعُ في الاسلامِ ندركُها= لا فرقَ يفرضُ لا نغتابُ أديانا
جاعتْ ذئابٌ على روثٍ معلّقةً = تهوى اللحومَ على التشتيتِ سلوانا
كيف الوصولِ إلى الأحبابِ في زمنٍ= وحشُ اليهودِ على أطرافِ عمّانا
كنّا نغنّي بكاءَ الطفلِ في وجعٍ= يُردُّ أصلُكَ غساناً وعدنانا
صارَ الغريبُ بثوبِ المكْرِ صاحبَنا = يزودُ قبحاً ويبقى الوجهُ سفيانا
خنزيرهمْ داسَ طهْرَ الدينِ مقدسَنا = وباركَ الغرُّ بيعَ الحقِّ جولانا
يهزُّ أوتادَنا كرْسيُّهُ بطراً = سجنٌ كبيرٌ يسمّى اليومَ بلدانا
هزّتْ رؤوسٌ على الخازوقِ واركةً = كرْشٌ يكدّسُ أرواحاً وأبدانا
ضجّتْ مضاجعَنا لا هدْيَ يسرجُها = والقوتُ يلهثُ خلفَ الجوعِ شدوانا
شعبٌ يصلّي على الآلامِ حاضرَهُ = نصْلٌ يقطّعُ من يدعوهُ كتمانا
يواعدونَ جناحَ الليلِ لا ذللاً = ويفرشونَ سؤالَ القوتِ حرمانا
يباركونَ طقوسَ الشرْخِ يا خبراً = يبيحُ فاطمةً للطعنِ عثمانا
أشلاؤنا تنكرُ الآصالَ في عتبٍ = وثورةٌ ترسمُ الأوثاقَ بركانا
جدّي الذبيحُ رهينُ الغدْرِ مشرقُهُ = يقلّمُ النورَ ندْبُ الصبرِ حيرانا
يسمو بأنشودةٍ باعتْ مفاتنَها = تبيضُ في النائباتِ السمْرِ أحزانا
حزمُ الشدائدِ يغدوُ مثلَ غانيةٍ = يضاجعُ الكفرَ في السردابِ شهوانا
أنا الدماءُ التي تسقي رجولتكمْ = منّي الخلاصُ يصيرُ الصمتُ خذلانا
أنا الطفولةُ بعدَ الذبحِ فارسةٌ = أنا التي تجعلُ الكرْسيَّ نيرانا
صبحٌ يعبّدُ دربَ الحبِّ من عدمٍ = والذلُّ يبني على الأخلاقِ ثيرانا
* * *=* * *
الحبُّ يجمعُ شعباً لا تقلْ: كانا= فالدينُ حبٌّ يريدُ اللهُ تحنانا
ترى على الأمويِّ العشقَ مئذنةً = على الكنائسِ صوتُ اللهِ رنّانا
هنا يعانقُنا الإيمانُ في أملٍ = هذا هلالٌ يضمُّ القوسُ صلبانا
شامُ الرسالةُ للأجيالِ نحملُها = وقاسيونُ ينادي الفجرَ سهرانا
أينعْ فمثلكَ في الأرحامِ نافلةٌ = أنتَ الذي يرفعُ الأشواقَ رهبانا
تمشي الدقائقُ في (القصّاعِ) منهكة = تبكي على بردى الأوراقُ أغصانا
عانقْتُ في الشامِ نبعَ الحلمِ أغنيةً = وقبرَ (يحيى)وصوتَ الأمسِ (دبلانا)
فأشرقتْ في دمي ريحانةٌ وبكى = على جدارِ الصبرِ نارنجٌ فأبكانا
فأدركتْ حمصُ آهاتٍ على حلبٍ = يا خالداً عادَ في التاريخِ عصيانا
ذكرى الصلاةِ صلاحُ الدينِ ينقشُها = جادَ المدادُ وردَّ السيفِ وردانا
عطرُ العباءةِ من رمّانها عبقٌ = إلى الدمشقيِّ فاحَ الطيبُ رمّانا
توتٌ يلوّنُ بالتفّاحِ ساحتَها = يغيدُ في عنبِ البستانِ حورانا
ويقطفُ الصبحُ في الأنسامِ فكرتَهُ = وتشرقُ الشمسُ للفلّاحِ بستانا
أخلعْ قميصَكَ في (يبرودَ) يا ولدي = إنَّ الدماءَ تُزينُ السفْحَ قمصانا
واحنِ الرؤوسَ احتراماً قدْ بدا غدُنا = بوراً يفجّجُ في الأنقاضِ بنيانا
خذني إليكَ بلا وجهٍ أضمّخُهُ = براحُنا العزْمُ في الأيّامِ يلقانا
كبّرْ فإنَّ المدى مرّتْ ملامحُهُ = على عيونٍ يعيدُ الكونُ أجفانا
ساحاتُنا أزهرتْ غنّتْ حجارتُها = فالأرضُ تصرخُ قبلَ الصوتِ أحيانا
والسجنُ يزرعُ في الأنفاسِ ثورتَهُ = يغدو السجينُ على الظلّامِ سجّانا
عرْبدْ ودمّرْ فإنَّ القتلَ معبدُكمْ= غداً ترى رجلَ التعذيبِ طوفانا
سيجرفُ الظلمَ من تكوينِهِ غضباً = ويُرفعُ النصرُ فوق القبرِ برهانا