هل ترانا نلتقي !!؟
قصة من قصص الحب الكبير
في عام 1954م يلقى الطاغية المصري جمال عبد الناصر القبض على الداعية "كمال السنانيري" بتهمة "العمل لله" فيحكم عليه بالإعدام! ثم يخفف إلى المؤبد (25) سنة!!
و يتعب جسمه الضعيف تحت وطأة التعذيب إلا روحه القوية بالإيمان و بعد خمس سنوات من حبسه ينقل للمستشفى!
فيلتقي هناك ..ب."سيد قطب"!
و يزداد معرفة به ثم يطلب منه الزواج من أخته "أمينة قطب"! ويعرض عليها اخوها أثناء زيارتها له في المستشفى
وكانت المفاجأة أن وافقت المرأة الشابة الأديبة الشاعرة برضاها على الزواج من محكوم بالمؤبد!
وتم عقد الزواج
وقويت بينهم العلاقة أثناء الزيارات كانت تزور أخويها محمد وسيّد قطب في السجن فأصبحت تزور أخويها وزوجها ،وكانت مؤازرة لحبيبها البطل!
لكنه شعر بصعوبة الأمر عليها وأنّبه ضميره فخيّرها قائلا:" "لقد طال الأمد وأنا مشفق عليك من هذا العناء، ومثل ما قلت لك في بدء ارتباطنا قد أخرج غداً وقد أمضي العشرين سنة الباقية، وقد ينقضي الأجل وأنا هنا، فلك الآن مطلق الحرية في أن تتخذي ما ترينه صالحاً في أمر مستقبلك.. ولا أريد ولا أرتضي لنفسي أن أكون عقبة في طريق سعادتك، إنهم يفاوضوننا في تأييد الطاغية ثمناً للإفراج عنا، ولن ينالوا مني بإذن الله ما يريدون حتى ولو مزقوني إرباً. فلكِ الخيار من الآن، واكتبي لي ما يستقر رأيك عليه، والله يوفقك لما فيه الخير."!!
يأتي الرد من زوجته أمينة قطب "لقد اخترت يا أملاً أرتقبه طريق الجهاد والجنة، والثبات والتضحية، والإصرار على ما تعاهدنا عليه بعقيدة راسخة ويقين دون تردد أو ندم" !!
و تمر "17" سنة ويخرج كمال السنانيري من السجن عام 1973!
ويلتقي زوجته الحبيبة الوفبة ويقضيان أروع السنوات على قلتها حباً وتعاوناً على البر والتقوى !
ويواصل عمله للدين بلا كلل وكأن سجنه كان محطة وقود أو استراحة محارب!
فقيه فقه معنى"واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"
ويكون من رواد وأساتذة الجهاد الأفغاني.
ثم تعود يد الظلم والعدوان عام 1981 فيُلقَى القبض عليه للمرة الثانية...والأخيرة!!
ويسقط تحت التعذيب شهيداًبإذن الله في أقبية الأمن المصري!
فترثيه حبيبته الصابرة المحتسبة أمينة قطب بتلك القصيدة الخالدة التي قالت أولها عند اعتقاله وأخرها بعد استشهاده :
"هل تُرانا نلتقي أم أنها..كانت اللُّقيا على أرض السرابِِ
ثم ولت و تلاشى ظلها..و استحالت ذكرياتٍ للعذابِ
هكذا يسأل قلبي كلما..طالت الايام من بعد غيابِ
فإذا طيفُكَ يرنو باسماً..وكأني في استماعٍ للجوابِ
أولم نمضي على الحقِ معـًا..كي يعود الخير للأرض اليبابِ؟
فمضينا في طريق شائكٍ..نتخلى فيه عن كل الرغابِ
و دفنا الشوق في اعماقنا..و مضينا في رضاءٍ و احتسابِ
قد تعاهدنا على السيرِ معـًـا..ثم اعجلتَ مُجيبـًا للذهابِ
حين نادانيَ ربٌّ منعم..لحياة في جنان ورحابِ
و لقاءٍ في نعيم دائم..بجنود الله أنعِمْ بالصحابِ
قدّموا الأرواح و العمرَ فدىً..مستجيبين على غير ارتيابِ
فلْيَعُدْ قلبك من غفلاته..فلقاء الخلد في تلك الرحابِ
أيها الراحل عُذرًا في شَكاتي..فإلى طيفِك أنّاتُ عتابِ
قد تركت القلب يـدمي مُثقَلاً..تائهًا في الليل في عُمق الضبابِ
و إذا اطوي وحيداً حائراً..اقطع الدرب طويلاً في اكتئابِ
و اذا الليل خِضَمٌّ مُوحشٌ..تتلاقى فيه أمواج العذابِ
لم يعد يبَرق في ليلي سَناهُ..قد توارت كل أنوار الشهابِ
غير أني سوف أمضي مثلما..كنتَ تلقانيَ في وجه الصِّعاب
سوف يمضي الرأس مرفوعاً فلا..يرتضى ضعفـًا بقولِ او جوابِ
سوف تحدوني دماءٌ عابقاتٌ..قد أنارت كلَّ فجٍّ للذهابِ
هل تُرانا نلتقي..أم أنها..كانت اللُّقيا على أرض السرابِ
ثم ولّت و تلاشى ظِلُّها..و استحالت ذكرياتٍ للعذاب" .
العدد 652