عذراً أبي
عذرا ً أبي
أنا إذ رأيتكَ في سرايا المحكمة ْ
أنا لمْ أخف إلا عليكْ
والدّمعُ فاض بمقلتيكْ
عذرا ً أبي
ذابتْ مشاعرُ مهجتي المتألمة ْ
أوَ في المشيب أرى لقلبكَ حسرة ً يا سيدي
لكنه شوكُ المسيرْ
لا زهْر َ يُلقى في طريق الحق إلا عند تقرير المصيرْ
بعد الأسى
بعد الجراح الدامية ْ
نمشي نواصلُ سيرَنا ولآخر الدرْبِ العسيرْ
مِن بَعْد ِ صنع الملحمة ْ
وأرى وجودَكَ هاهنا في المحكمة ْ
بُشرى بها إني التمستُ المرحمة ْ
واسمعْ أبي لنصيحتي
اصبرْ فصبرُكَ مُلهمي
يشتدّ أزري باصطبارك فاصطبرْ
ولتحتسِبْ
إني أرى ضوءَ الصباح يَزفّهُ الليلُ الحزينْ
تحلو حروفك في المسامع أغنية ْ
ولها إذا سكنَ الوجودُ بمُهجتي أقوى رنينْ
بحُداء صبرك َ يا أبي ذهبَ الأنينْ
بقي الحنين إلى خطىً نحو المساجد ملهمة ْ
طاب الحنينْ
وتلاوة الفجر الندِيّة ُ لم تزلْ في مسمعي
هي بالطلاوة ِ مفعمة ْ
قد طال بي أبتِ انتظارُ صباحنا
وسننتظرْ
قد جال في قلبي اليقينُ يقولُ لي
حتما بإذن الله يوما ً ننتصرْ
وسننتصرْ
فاليوم قد هبّتْ على الحق الرياحْ
وإذا بأرض النيل دينُ الله شيءٌ مُستباحْ
فهل ترى يا والدي من بعد ذلك مُستراحْ
ولربّما تصحو الجموعُ النائمة ْ
حتى تؤدّبَ أمّة ً في أمرنا متحكمة ْ
عذرا ً أبي
أخرجت مثلك في المشيب مكبلا ً بالحزن في الوطن السليبْ
وكأنّ صوتَ الدهْر يا أبتِ الحبيبُ يقولُ لي :
أوَ ذلكم حق المشيبْ
صبرا أبي
يوما ستنتفضُ الجموعْ
ستجف في مِصرَ الدموعْ
ستضاء في غدنا الشموعْ
وعصابة الجهل ِ المركّبِ كلها
سترى بإذن الله يوما حْتفها مستسلمة ْ
وسوم: العدد 657