مالي وللنجم يرعاني وأرعاه= أمسى كلانا يعاف الغمض جفناه
لي فيك يا ليل آهات أرددها= أواه لو أجدت المحزون أواه
لا تحسبني محباً أشتكي وصباً = أهّون بما في سبيل الحب ألقاه
إني تذكرت والذكرى مؤرقة = مجداً تليداً بأيدينا أضعناه
ويح العروبة كان الكون مسرحها = فأصبحت تتوارى في زواياه
أنّى اتجهت إلى الإسلام في بلد = تجده كالطير مقصوصاً جناحاه
كم صرّفتنا يدٌ كنا نصرّفها = وبات يحكمنا شعب ملكناه
هل تطلبون من المختار معجزة = يكفيه شعب من الأجداث أحياه
من وحد العرب حتى صار واترهم = إذا رأى ولد الموتور آخاه
وكيف ساس رعاة الشاة مملكة = ما ساسها قيصر من قبل أو شاه
ورحب الناس بالإسلام حين رأوا = أن الإخاء وأن العدل مغزاه
يا من رأى عمر تكسوه بردته = والزيت أدم له والكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً = من بأسه وملوك الروم تخشاه
هي الحنيفية عين الله تكلؤها = فكلما حاولوا تشويهها شاهوا
سل المعاني عنا إننا عرب = شعارنا المجد يهوانا ونهواه
هي العروبة لفظ إن نطقت به = فالشرق والضاد والإسلام معناه
استرشد الغرب بالماضي فأرشده = ونحن كان لنا ماض نسيناه
إنّا مشينا وراء الغرب نقتبس من = ضيائه فأصابتنا شظاياه
بالله سل خلف بحر الروم عن عرب = بالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهوا
فإن تراءت لك الحمراء عن كثب = فسائل الصرح أن المجد والجاه
وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها = عمن بناه لعل الصخر ينعاه
وطف ببغداد وابحث في مقابرها= علّ امرأً من بني العباس تلقاه
أين الرشيد وقد طاف الغمام به = فحين جاوزا بغداد تحداه
هذي معالم خرس كل واحدة = منهن قامت خطيباً فاغراً فاه
الله يشهد ما قلبت سيرتهم = يوماً وأخطأ دمع العين مجراه
ماضٍ نعيشُ على أنقاضه أمماً = ونستمد القوى من وحيِ ذكراه
لا درّ امرئٍ يطري أوائله = فخراً ويطرق إن سائلته ما هو
إنّي لأعتبرُ الإسلام جامعة = للشرق لا محض دينٌ سنّهُ الله
أرواحنا تتلاقى فيه خافقة = كالنحل إذ يتلاقى في خلاياه
دستوره الوحي والمختار عاهله = والمسلمون وإن شتّوا رعاياه
لا هم قد أصبحت أهواؤنا شيعاً = فامنن علينا براع أنت ترضاه
راع يعيد إلى الإسلام سيرته = يرعى بنيه وعين الله ترعاه