ذهب الشباب و غادر الأصحاب= و القلب من قحط الحياة يباب
و بلادنا مجروحة و بأرضنا= سكن البغاة و عسكر الأغراب
وجوارحي تشتاق عطر ترابها= من رملها تتناثر الأطياب
لي في هواها قصة و قصيدة= و مدامع في مقلتي و عتاب
إني المسافر فوق أجنحة الهوى= في خافقي يتجمع الأحباب
أنا يا بلادي متعب فبثورتي= يتلاعب الافاك و الكذاب
تغزو اساطيل البغاة ديارنا= و ينام عن صرخاتنا الاعراب
عمر يمر و بحر أسئلة على=شفتي حيرى ما لهن جواب
أن حل في أرض العروبة محنة= فورا يسود الشجب و الإضراب
إلا بثورتنا الأبية وحدها= سكت البيان ، تلعثم الاعراب
يا شام كم أهوى اللقاء و ارتجي= بيني و بينك أبحر و عباب
و صراخ أطفال يضج بمسمعي= و معابر و مسالك و حراب
وطني عرفتك صابرا لا تشتكي= حتى و لو غاصت بك الانياب
أنا نعيش بغابة وحظيرة= فيها الملوك ثعالب و ذئاب
هم يدعون تقدما و عدالة= في ظلها تتوحد الأنساب
يقصى الشريف و كل حر بينما= يعطى اللئيم جوائزا و يثاب
هذي عقيدتهم و هذا دينهم= لاتستر العهر القميئ ثياب
يا شام أين الياسمين بعطره= تتنفس الجدران و الأبواب
يا شام قد طال السبات إلى متى=ضجت لطول غيابنا الأحقاب
وشجاعنا تريده ألف رصاصة= غدرا فقولي كيف لا ارتاب
صحراؤنا حبلى بألف قبيلة= تجبى لها الأموال و الأسلاب
لازال عنتر في الجموع مقاتلا= و حصان سالم في الوغى و ثاب
أن البطولة دون دين محمد= يا اخوتي لتوهم و سراب
ماذا اقول أيا دمشق فامتي= شلت بها الأوداج و الأعصاب
لازال سيف بني أمية مغمدا= و بقبر خالد تشرب الأنخاب
و المسجد الأموي دنس طهره= و المنبر المحزون و المحراب
يا أنت يا فرحي و كل مواجعي= أنت الهوى و العين و الاهداب
لا زال قومي يسكنون بعالم= تزهو به الأزلام و الانصاب
و دمشق يا معشوقتي و حبيبتي= و العشق من أضلاعنا ينساب
لا تجزعي أم العواصم و الدنى= تبقين أنت و يهزم الأحزاب