أصاحبُ نفسي وقلبي الصغيرْ= وأصحبُ روحي بصمتٍ كبيرْ
وتنظر عيني دموعَ الحياةِ= تسيلُ بظلمِ كبيرٍ صغير
يموتُ زمانُ المكانِ لتحيا= بأزمنةِ السابحاتِ دهورْ
فيبكي المكانُ رحيلَ الزمانِ= وتصحو عصورٌ بموتِ الأثيرْ
كأنّ افتراضا أضاع افتراضا= وصار الزمانُ غبارَ قبور
أترفضُ حرفي معاني خيالٌ= وتهربُ من ذكرياتي سطور
لعلّي أعيشُ حياةَ المكانِ= كصحراءِ روحٍ جفاها غدير
كصحوةِ فجرٍ بظلمة ليلٍ= وشهقةِ صبحٍ بغيرِ زفير
لفكري جنوحٌ كأمواجِ بحرٍ= تُصارعهُ حادثاتُ الفجور
فلا أنا مِمّن يحابي ذنوبا= ولكنَّ ضعفي كخلقٍ كثيرْ
بقطرةِ ماءٍ تعودُ الحياةُ= برحمةِ ربٍّ قدير غفور
وينطقُ صخرٌ وتدعو مياهٌ=يسبّحُ طيرٌ وترجو زهور
وتفقهُ قوليَ نسمةُ ريحٍ=تشاركني الدمعَ خوفَ النشور
ولا تفقهُ القولَ نفسُ الكفورِ= تعيشُ الحياة بدونِ شعورْ
وأنْتَنُ من نفسكَ القلبُ ما= أطاعَ الخطايا بكلِّ غرور
وتعمى القلوبُ بشركٍ خفيٍّ=ونحنُ نظنُّ بتقوى نسير
ونعبدُ ما قد نُحبُّ بصدقٍ= ونجهلُ أنّا عبدنا الظهور
أيُعبدُ خلقٌ ويُتركُ ربٌّ= عبادتهُ للخلائقِ نور
كفاكَ تُحكِّمُ جور النفوسِ= وعُمرُكَ يبلى فما من نصير
وإن كنتَ مِمّن تمنّى الأماني= وتبني بدنياكَ عالي القصور
وتجمعُ هذا الترابَ كنوزا= وفقرا تخافُ وتنسى المصير
فمالُكَ إن كنتَ تدري طعامٌ= وأعمالُ عُمْرٍ ولبسٍ يبورْ
وما قد كنزتَ يورّثُ يوما= وتبقى وحيدا تخافُ السعيرْ
وكم من عدوٍّ تراهُ صديقا= وكم من صديقٍ قليلِ الحضور
بصُحبةِ خيرٍ يسرُّ شعورٌ= وتَنهلُ منهُ معالي الأمور
وتُدركُ أنّ اغترابَكَ حقٌّ=وما في البقاءِ دوامُ السرور
ألا أيُّها العمرُ باتَ انتظاري= كومضةِ برقٍ بليلٍ مطير
وإنْ كنتَ في غفلةٍ والتباسٍ= من الأمرِ فالأمرُ جِدُّ عسير
فراجع حياتكَ قبلَ فواتٍ= فعمرُ حياتكَ عمرٌ قصير
وكن كالّذي للصلاةِ وفيٌّ= بحُسنِ يقينٍ ونوحِ ضمير
يُكابدُ ليلا بطاعةِ ربٍّ= وطولِ دعاءٍ بقلبٍ كسير
وذُلَّ التهجُّدِ يبغي قَبولا= ويُحسنُ ظنّا بربٍّ كبير
فإنّي خبُرتُ الحياةَ مضاءٌ= ستترُكُنا في ظلامِ القبورِ
ونرحلُ عنها كأنْ لم نكُن= عليها هدمنا سنينَ الدهور
رجعنا إلى الأرضِ نحثو التراب= ويأكُلُنا الدودُ هذا المصير
فذا قدرٌ و قضاءُ الإلهِ= وليس سوانا سيبقى أخير