د. عبد الله الطنطاوي الشاعر حيدر الغدير
إلى أخي الكريم، الوفي الصفي، الذي كتب عني مقاله الرائع «الشاعر وما شعر» فتفوق وتألق، وأثنى عليّ ثناء واسعاً، أرجو أن أستحق بعضه، وتوسم فيّ الخير، فحثني على صدق الولاء لدين الله عز وجل، واحتمال المكاره من أجله، الأستاذ الأديب الأريب عبدالله الطنطاوي، حفظه الله.
حيدر الغدير
الرياض- الجمعة: 1/12/ 1437هـ
2/9/ 2016م.
طوقتَ جيدي بالثناء وِشاحا =وجلوته لي غادةً مِمْراحا
أزرت بليزا وهي حسن باهر =وجمانة وهي الشذا فواحا
ومضت إلى هيلانة فعَنت لها=والحزن يملؤها أسىً وجراحا
غلب الثناء جمالهن لأنه =قد صغته متألقاً وضاحا
فأتى بياناً مثل عالية الضحى =وأتى فرائد كالجُمان صِباحا
عند الصباح أراه شمس ظهيرة =وأراه إن جاء المساء صَباحا
وكأنه الحسناء باهت بالصبا =وكأنه ماء الفرات قَراحا
ووجدت وُدّك فيه محضاً سائغاً =ونقاء طبعك كالربيع نِفاحا
الروح أغلته فكان مداده =نبض الفؤاد يزفه أمداحا
وكأن فيك البحتريَّ مغرداً =يملي نفائسه عليك فِصاحا
فيها الربيع الطلق في ريعانه =يهدي إليّ طيوبه أفراحا
* * *=* * *
أحكمتَ ذلك كله فأصرتني =بين الصحاب البلبل الصداحا
وحبوتني تاجاً يكلل هامتي =وأنرت في مشكاتيَ المصباحا
التاج كان إهابة في خافقي =أن أقطع الدنيا فتىً جحجاحا
ومنارة المشكاة كانت قائدي= =ولزورقي في اللجة الملاحا
صارا معاً لي في حياتي منهجاً =وكتيبة ميمونة ورداحا
بهما علوت وأنت من أهداهما=طابا وطبت سجيةً وطِماحا
* * *=* * *
وأريتني لما جلوتَ بصيرتي =نهج السداد كرامةً وفلاحا
فسلكته مستبشراً متوكلاً =ليلاً وصبحاً، جيئةً ورواحا
أجتازه سهلاً ووعراً والرضا =عوني الذي اتّخذ اليقين سلاحا
أتلو وأشدو والسعادة في دمي =جعلت جراحي بهجةً ومِراحا
والجرح يغدو بالعزيمة بلسماً =والسعد يغدو بالهوان جراحا
ولذا مضيت وسوف أبقى فارساً =جعل العصيّ المستحيل متاحا
وأرى الصعاب تحدياً أمضي له=فأردها تشكو العياء طِلاحا
وأصيح فيها لن أخافك فاخسئي =إني الذي عشق الحياة كفاحا
سأظل للإسلام مُهْراً صائلاً =والسيفَ صلتاً والوفاءَ صُراحا
حتى ألاقي خالقي نلت المنى =ورضاه يهمي صيِّبا سحّاحا
* * *=* * *
أأبا أسامة إن شكري للذي =طوقتني سأرده أقداحا
لا خمر فيها بل شهادُ أخوةٍ =ضاعت هدىً ومروءةً وسماحا
الصدق فيها والإباء تسابقا =وكلاهما في السبق هزّ الساحا