سنة مرت على رحيل الأب والمربي محمد منلا غزيل رحمه الله
ها هي سنة قد مرّت على رحيلك
أيّها الأب والمربي محمد منلا غزيل .. رحمك الله رحمة واسعة
وأسكنك فسيح جناته .
أبكيك أم أبكي القوافي
*****************
تمرُّ كأنَّ الفجرَ مثلَكَ عابرُ
كما همهماتِ الغيثِ هوناً تَمَاطرُ
عبرْتَ غريباً كيف يُمكنُ يا تُرَى
بمنبجَ أن تنساك هذي المنابرُ؟!
نعتْكَ أبا الغُزلان كلُّ دروبها
وقد شعرتْ باليتْم حتّى المعابرُ
أأبكيكَ أم أبكي القوافي كليمةً
تسيرُ وراءَ النّعشِ وهي تُكابرُ؟
مررتَ بذي الدُّنيا عزيزاً فلم تنؤْ
بحملٍ لها , والعابرون نواظرُ
فلا هيَ قد قرّتْ بعينكَ لحظةً
ولا كنتَ مأخوذَ الجَنَانِ تُعاقِرُ
إخالُكَ ممهوراً بعفّةِ يوسفٍ
إذا ما إليها قد دعتْكَ خواطرُ
**********
لسانُكَ سيفُ الحقِّ ما فُلَّ عزمُهُ
تدينُ له في النَّازلاتِ البواترُ
هصرْتَ به ظهر الزّمان عزيمةً
لها في ميادين الكفاح مآثرُ
فكنتَ أميراً في بساطةِ زاهدٍ
وكنتَ حكيماً ترتجيكَ الأكابرُ
قصورٌ بنتْها في التِّلال ملوكُها
وقصرُكَ شادتْه القلوبُ العوامرُ
ملكْتَ نفوسَ النَّاس وهي رضيّةٌ
فحاطتْكَ منها أعينٌ وبصائرُ
وقلتَ إلى الرَّحمن دربيَ واضحٌ
منارته القرآن ، والحق ظاهر
مضيْتَ فلا ملَّ اليراعُ خصوبةً
ولا أنتَ هزّتْكَ الرِّياحُ الكواسرُ
بسطْتَ لها جِنْحيكَ دعوةَ صادقٍ
يفيضُ بياناً "يوم تُبْلَى السَّرائرُ"
**********
حنانيكَ ما أفرطْتُ مدحاً , وإنَّما
تدفُّقُ قلبٍ فجّرتْهُ المشاعرُ
غريبٌ أبا الغزلان صاحبُكَ الّذي
عرفْتَ , وقد هدّتْهُ هذي المَهَاجِرُ
تضجُّ به الأشواقُ فوقَ احتمالِهِ
وتسكبُ فيه النّارَ وهو محاصَرُ
له طفلةٌ ما اهتزَّ يوماً لغيرها
ولم تسبِهِ هذي العيونُ الفواترُ
وللفجر معنىً في شوارع منبجٍ
وللخبز معنىً في الصّباحات آخَرُ
ترافقُني أنّى قصدْتُ بيوتُها
وللوردِ صولاتٌ بها ومجازرُ
ضحاياهُ صرعى من سهام عطورِهِا
ويكفي من الجوريّ إن فاح , فاجرُ
**********
حنانَيْكَ يا شيخَ المنابر إنّني
غريبٌ وبي جرحٌ عميقٌ وغائرُ
على وطنٍ قد أرخصوهُ بضاعةً
وقد باعَهُ بخساً حقيرٌ وتاجرُ
لأنّا أردْنا أن يكونَ مكرّماً
عزيزاً به الأجيالُ حبّاً تُفَاخرُ
رموه طعيناً خسّةً ونذالةً
فأنّى لهذا الحقدِ حقدٌ يُناظِرُ؟!
فضاع وضعْنا في غياهب بؤسِنا
تدورُ علينا في الليالي الدّوائرُ
حنانَيْكَ إن جاوزتُ حدّي توجّعاً
ففي القلبِ منّي أبحرٌ وجزائرُ
تقولُ لكلِّ العابرين على دمي
ألا بئسَما هذي النُّفوسُ العواهرُ
**********
وقفتُ أبا الغزلان أرثيكَ والداً
وغامرْتُ .. هل يرضيكْ أنِّي أغامِرُ؟
لعلِّي إذا أحسنْتُ أُرضيكَ شاعراً
وإنِّي إذا أخفقْتُ .. حظِّيَ عاثرُ
فعذريَ أنّي قد أتيْتُ محاولاً
وأنّيَ قلْبٌ في ودادِكَ عامرُ
وأنِّي إذا حاولْتُ حاولْتُ شاهقاً
وخِلْتُ بأنّي إذ أحاولُ قادرُ
سقى الله قبراً في مشارف منبجٍ
له في مقامات القلوبِ أواصرُ
وسوم: العدد 702