أحزان الشام
أطلقْ نيـازك أحــلامي إلى القممِ
واسكبْ شـآبيبها هـدَّارةً بدمـي
أسرجْ لها الغيم ما في الأفق من جرمٍ
إلا ذبحـتُ علـى أطـلالـه قلمي
آتٍ رسولَ الهدى يجتـاحـني قـدرٌ
أحسُّـه بسبيلي سـابقـاً قدمـي
مــن الشَّآمِ أتيتُ اليوم أحملهـا
تحيَّةً عبقتْ مسـكاً لـذي سـلمِ
لك القوافي هـديرَ السـيل دافقـةً
تخـطُّ إصبـاحهـا في حالك الظلمِ
أنخـتُ أشـرعةَ التِّرحـالِ فانتبهتْ
شطآنُ جرحي , وأدنتني من الأكَمِ
حملتُ كـلَّ جـراحِ الشَّامِ في لغتي
علِّي أخفِّفُ مـا واريتُ من ألمي
خضَّبتُ منهـا بنـاني وانتثرتُ بهـا
فأيقظتني يـد الأوجـاع من وهَمِي
بعضي يحنُّ لبعضي والقفار خطاً
تقتات مني صليلَ الحرفِ في الرّقُمِ
وفي الدَّفاتر رانَ الصَّمتُ مختبئاً
في دفّتيها , فذي الأنفاسُ من حممي
وكنتَ أوّلَ من خطَّ الصّباحَ بها
لتعتليه كريماً خالـصَ الكــــــرمِ
بُرِّئْتَ من أيِّ عيبٍ نالَهُ بشرٌ
فكنتَ ما كنتَ فوقَ الشّكِّ والتُّهمِ
كأنّما ربُّكَ الرحمنُ مكرمةً
أتمَّها مثلما قد شئتَ من عدمِ
أكرمتَ كلّ يتيمٍ إذ وُصِفْتَ به
أكرمْ بها صفةً في عالم اليتُمِ!
من صادقٌ وأمينٌ غيرُ أحمدها؟
في هذه الأرضِ من عربٍ ومن عجمِ
مازالَ صوتُكَ في أسوارها رَطِباً
يطوفُ سعياً مع الحُجّاج في الحرمِ
يا سعدَ ذا الحجرِ المركون إذ لمستْ
جبينَهُ لحظةً كفّاكَ من قدمِ
هلّتْ بشائرُها في الغار غاديةً
على لسان الهدى اقرأْ فلم تهِمِ
هذي خديجةُ إذ ما جئتَها وجلاً
تقولُ كلّا فلن يخزيك في النّسَمِ
فكنتَ للأرض نوراً تستبينُ به
في حالكٍ لفّها من ليلها الغَسَمِ
هذي قوافلُ أشواقي تسابقني
حتى تُطرّزَ ثوبَ الليل بالنُّجُمِ
وقاسيون معي والياسمين على
أردانه فاض من شلاله الشَّبِمِ
سلكتُ حرفيَ في جيب الخيال رؤىً
حتى يفيضَ إذا ألقاكمُ بفمي
وسوم: العدد 702