ما سمعتُ الأذانَ إلّا حباني=فرحاً مالئاً عليَّ جَناني
يرتقي بي من عالَمي لفضاءٍ=فوق عقلي ومُهجتي وكياني
فهو بين السماء والأرض حبلٌ=وعُراهُ في قبضة الرحمن
إنه للورى مبادئُ دينٍ=كلُّ ما فيه واضحٌ للعيان
قوةُ الحقِّ أن يكون جهيراً=والهدى دائماً قرينُ العلان
الهدى والعلانُ حلفان كانا=ويظلان كالسنا يقدان
يبلغ الحقُّ بالوضوحِ عُلوَّاً=فيهِ عزُّ الشموخ والريعان
وهو مجدٌ ملء الدنا لذويه=وهو رمزُ الوثوقِ والإيقان
يلبس المرءُ بالشجاعة تاجاً=إذ يُجيدُ البلاءَ في الميدان
وإذا الحقُّ قام يدعو جهاراً=فعليه من مجدها تاجان
والخفاء الذي يُحيطُ بدينٍ=هو وسمُ الضلال والزيَغان
كلُّ سرٍّ في الدين يغدو وشيكاً=باب شرٍّ وشاهدي ما يُعاني
باطنيُّون أدمنوهُ فصاروا=من أذاه في ربقةِ الخسران
صُبحُهم مثلُ ليلِهم تُرَّهاتٌ=وأباطيلُ ناقمٍ حيران
* * *=* * *
حين يعلو الأذانُ أذكُرُ بوقاً=ليهودِ الضلال والبهتان
والنواقيسَ وهي تدعو النصارى=أن أجيبوا عصائبَ الرهبان
وغناءً عندَ الهُنود وعزفاً=من شيوخ وفتيةٍ وقيان
فأراها حماقةً وصُداعاً=ليس فيها أثارةٌ من معاني
إنَّها كالأصمِّ يدعو أصمّاً=يُسْمعان الموتى ولا يَسمعان
* * *=* * *
حين يعلو الأذانُ أُبصرُ منه=أنَّه خصَّني بما أعلاني
وأراني فيّ السعادة جذلى=تتوالى كالوابل الهتّان
وأراه الهُدىً وسعداً ووعداً=والأماني محفوفةً بالتهاني
في عقولٍ ذكاؤها ألمعيٌّ=وقلوبٍ عُلويّة الخفقان
إذ يُنادي الإنسانَ "حيَّ" لتلقى=أنعمَ اللهِ وهي حُسنى دواني
وأنا كالورى أُلبِّي نِداه=فهو هادٍ إلى الفلاح دعاني
* * *=* * *
ما سمعتُ الأذانَ إلا أراني=أنَّه في الدُّنا أخٌ للزمان
لا يغيبُ الزمانُ فهو حضورٌ=دون أوْبٍ له ولا استئذان
وكذاك الأذانُ منذ بلالٍ=فهما في حياتِنا توأمان
ما هما القادمانِ والعائدان=أو هما المُسرعان والمبطئان
أمر الله أن يكونا فكانا=فهما الخالدان والباهران
ستمرُّ القرونُ بعدَ قرون=والثواني في إثْرهنَّ الثواني
وأذان الإسلام يعلو عليه=بشرياتُ المفاز والرضوان
لا مراءَ فهو الشعار لدينٍ=شاءه اللهُ خاتمَ الأديان
* * *=* * *
جلَّ دينٌ هو المحاسنُ يهدي=للبرايا آلاءها بالأذان
حين يعلو نُصغي وتُصغي إليهِ=وهي جذلى ملائكُ الرحمن