الدِّينُ عمَّ العالمينَ ضياؤهُ=يومَ استقامَ على التُّقى أبناؤهُ
والدَّهْرُ نالَ به أعزَّ رجائهِ=وبغيرِ دينِ اللهِ عزَّ رجاؤهُ
وسعَ الأنامَ بشرعِهِ حتى غدا=أقوى الأنامِ بشرعِهِ ضعفاؤهُ
وقضى على فتنِ الطُّغاةِ بعدْلِـهِ=وأراحَ من ظلمِ الطُّغاةِ قضاؤهُ
الطيْرُ بالإيمانِ نالتْ أمْنها=والوحشُ منّا لم يكنْ إيذاؤهُ
وبهِ تساوى الناسُ فيما بينهمْ=ويُجَلُّ فيهم من أفادَ عطاؤهُ
وإذا ولاءُ القلبِ لم يَكُ مخلصاً=للهِ ضلَّ، ولمْ يصحَّ ولاؤهُ
الدِّينُ عمَّ العالمينَ ضياؤهُ=فالكونُ باسمةٌ به أرجاؤهُ
الجاهليةُ ألْفَ عالمةٍ غدتْ=والجاهليُّ أزيلَ منه جَفاؤهُ
وجميعُ أسرارِ الوجودِ تكشَّفتْ=للمؤمنينَ... فهمْ به علماؤهُ
والخُلْفُ بين الأهلِ صارَ رسالةً=هي للزَّمانِ من الشقاءِ شِفاؤهُ
حملتْ همومَ العالمينَ دعاتُها=ليزولَ من قلبِ الأنامِ شقاؤهُ
كشفوا غطاءَ العقلِ وانطلقوا به=لولا الهُدى ما زالَ عنه غِطاؤهُ
فالدِّينُ في عقلِ التقيِّ تحرُّرٌ=وبه ترى الإبداعَ عمَّ سناؤهُ
والدِّينُ تحياهُ القلوبُ تراحماً=والباذلونَ العفوَ هُمْ رُحماؤهُ
فالدِّينُ يُعطي للنفوسِ صفاءها=إمّا تسرَّبَ في النفوسِ صفاؤهُ
والمؤمنونَ هُمُ البُناةُ... ووحدهُمْ=في الكونِ قادتُه، وهم حكماؤهُ
هلْ كانَ إلاّ منْ صفا إيمانُه=أهْلاً لكي يُرضي الجميعَ عطاؤهُ!
إن كان أعطى الناسُ كلُّهمو.. فما=غيرُ التقيِّ مُبَرَّأٌ إعطاؤهُ
يسْخو بلاَ مَنٍّ ويُسْعِدُ نفسَهُ=إن كانَ سرًّا للأنامِ سخاؤهُ
فالمرءُ بالإيمانِ يبقى راحماً=وبه يدومُ على الأنامِ هناؤهُ
والمرءُ بالإيمانِ يحيا مُبدعاً=ولكمْ بلا دينٍ يزيدُ عماؤه!
هلْ مثلُ خامسِ راشدينا حاكمٌ=في الأرضِ قد أرضى العدوَّ قضاؤهُ!
ردَّ البلادَ لأهلِها بإشارةٍ=والجيشُ كالأقدارِ كان مضاؤهُ
لم يقبلِ الفتحَ المبينَ لغلطةٍ=من قائدٍ بهرَ الزَّمانَ دهاؤهُ
فاضتْ على مُهجِ الخلائِق رحمةٌ=منْ عدلِه... فكأنَّهمْ أبناؤهُ
هلْ كابنِ حنبلَ في تحمُّلِ ضُرِّهِ=والرَّاسياتُ تزيلُها ضرّاؤهُ!
للهِ أخلصَ دينَه متمسِّكاً=بالحقِّ لم يُضْعِفه فيه بلاؤهُ
فَجَلا عن الإسلامِ أكبرَ فتنةٍ=وعن الهدى زالتْ به بأساؤهُ
كمْ ذا يُجِلُّ الدَّهرُ من قد آمنوا=لولا التديُّنُ هُمْ به خلطاؤهُ
ما كانَ إلا رحمةً إسلامُنا=أوَ ما أقرَّ لنا بها أعْداؤهُ!
يا أيُّها المُتَبرِّمونَ بديننا=والزّاعمونَ بأنَّنا بُلَهاؤه
ما كانَ دينُ اللهِ إلاّ مُنْقِذاً=للعالمينَ تعمُّهم نعماؤهُ
لم يُعطِ دينُ اللهِ يوماً هادماً=أوْ مُجرماً جمحتْ به غلواؤهُ
لم يُعطِ دينُ اللهِ إلا مُصلحاً=للناسِ بالقِسطاسِ كان عطاؤهُ
لم يُشقِ دينُ اللهِ يوماً مُهْجَةً=وبهِ يزول عن الأنامِ شقاؤهُ
لم يأخذِ الإسلامُ منّا غيرَ ما=يُؤذي، وما يُشقي النفوسَ بقاؤهُ
لم يأمرِ الإسلامُ إلاّ بالذي=فيه يتمُّ لمنْ وَعاهُ هناؤهُ
يا من توَهَّمَ أنَّ بالدينِ الأسى=وبه التخلّفُ... غابَ عنك نقاؤهُ
اللابسونَ الدِّينَ أصْلُ بلائِنا=والقائمونَ عليه زوراً داؤهُ
ما كان دينُ اللهِ يوماً منصباً=جيئتْ لتستعلي به وزراؤهُ
كلاّ... ولا الإفتاءُ من ذي عِمَّةٍ=يأتي لنيلِ مكاسبٍ إفتاؤهُ
كلاّ... ولا هو للتكسبِّ مَلْبَساً=لِتَفاخُرٍ قد زُركشتْ أزياؤهُ
كلاّ... ولا النَّدواتُ تُعقدُ هاهنا=أوْ هاهنا، وكما اشتهى زعماؤهُ
كلاّ... ولا هو بالمدائحِ صاغَها=من يدَّعونَ بأنهم شعراؤهُ
كلاّ... ولا ترنيمَ جوْقةِ مُنْشِدٍ=قد أطربَ المتسامرين غناؤهُ
كلاّ... ولا هو من يفلسِفُ دينَه=ويُقِرُّهُ فيما ادّعى نُدماؤهُ
الدِّينُ دينُ اللهِ نصٌ ثابتٌ=منه استقى آراءَهُمْ فقهاؤهُ
كَفِلَ الإلهُ بقاءَه في نصِّه=لولا النُّصوصُ لَما استقرَّ بقاؤهُ
في النصِّ ما يكفي، وما يُغني ومَنْ=حادوا على عَمْدٍ فهمْ أرْزاؤهُ
النصُّ أصْلٌ... والفروعُ توابعٌ=والفرْعُ إن تَفْصِلْه كان فناؤهُ
ما حاربَ الإسلامَ إلاّ من دُعُوا=أبناءَه، وهُمُو... هُمُو أعداؤهُ
قد جَزَّأوه... وأطّروه، فَضُلِّلَتْ=بالتجزئاتِ، وَضُيِّعَتْ بسطاؤهُ
وتمذهبوا فيه.. فكلُّ مُمَذْهبٍ=تمْحو، وتُبطِلُ غيرَها آراؤهُ
قتلَ التَّعصُّبُ، والتَّمذهبُ عقلَنا=ودعاتهُ ألِفُ البلاءِ، وياؤهُ
في الأصْلِ تجتمعُ الفروعُ، وتزدهي=والأصْلُ لم يَكُ بالفروعِ نماؤهُ
من كان يملكُ جنَّةً ثم اكتفى=منها بغُصنٍ أينَ أينَ ذكاؤهُ؟!
يا أيَّها المتمذهِبونَ رُوَيْدكمْ=هذا التَّمذهبُ شاءه خُبثاؤهُ
الدِّينُ جاءَ مُوحِّداً، هَلْ آيةٌ=في الخُلْفِ يحفظُها لنا فُرقاؤهُ؟!
مَنْ شذَّ عن عمْدٍ، وفارقَ أهله=فهو الذي فاقَ العَدوَّ عِداؤهُ
والأدعياءُ به أساسُ بلائه=ويكادُ يأتي منهمو إفناؤهُ
هم جزّأوه، ومُسِّكوا أجزاءَه=أَيعيشُ جسمٌ مُزّقتْ أعضاؤهُ؟!
ولو اتَّبعنا آيةً، أوْ سُنَّةً=منه بإخلاصٍ لدامَ بهاؤهُ
وأشدُّ من عاداه منهمْ مَعْشَرٌ=خدَعوا الأنامَ بأنَّهم علماؤهُ
أفْتَوْا بما لا يعلمونَ... فجُلُّهم=أعمتْه عن شرعِ الهدى أهواؤهُ
قلبوا الأمورَ على هوى أسيادِهمْ=فإذا همُو بين الورى سفهاؤهُ
الدِّينُ أسماءً، وألقاباً غدا=والهادِمونَ كيانَه رُتباؤهُ
أسماؤهم لكأنَّما استَغْنَوْا بها=عن غايةِ الدِّينِ الذي همْ داؤهُ
لو بعضُ من قد عُبِّدوا، أوْ حُمِّدوا=عاشوا لدينهمو لَدامَ ضياؤهُ
أوْ كان ممّنْ قد تحكّمَ باسْمه=رَجُلٌ... لعادَ لدِيننا إحياؤهُ
قلْ هاهنا شَهْدٌ، وقل عَسلٌ فهل=كانت لتُشْبعَ جائعاً أسماؤهُ!
الدِّينُ عمَّ العالمين ضياؤهُ=ويعمُّ إنْ سَلِمَتْ له خُلَصاؤهُ
فالدّيـن عِلْمٌ... والجهالةُ داؤه=وبغيْرِ علْمٍ لنْ يقومَ بناؤهُ
والدِّينُ دينُ اللهِ بَذْلُ جهودِنا=كي لا يَعِمَّ من الضلالِ بلاؤهُ
والدِّينُ دينُ اللهِ إعدادُ القوى=لِيَفِرَّ منَّا رهْبةً أعداؤهُ
الدِّينُ عيْشُ المؤمنينَ أعِزَّةً=ويعودُ فيهم ما بنى خلفاؤهُ
وترى فتوحَ المسلمينَ... وعزَّها=وبها عن الكونِ انجلَتْ ظلماؤهُ
وتحطَّمَ الطاغوتُ، والظلْمُ امّحى=والكونُ بالإيمانِ عادَ صفاؤهُ
ما كانَ غيرُ فتوحِ قومي رحمةً=حكمتْ بها بين الورى حكماؤهُ
فكمُهجةِ الأمِّ الرَّؤومِ فتوحُنا=إنْ حانَ للطفلِ الرضيعِ دواؤهُ
تَقْسو... وما أحنى وأرحمَ قسوةً=لوْ لم تكنْ منها لَعَزَّ شفاؤهُ!
يا أيُّها الخُرّاصُ هذا دينُنا=وأولاءِ يا خُرَّاصُ همْ أبناؤهُ
ما كان منّا غادرٌ في خصمِه=يوْمَ الوغى، أوْ من يُهابُ رياؤهُ
من رحمةٍ صاغَ الإلهُ فؤادَنا=ولرحمةٍ تسعُ الأنامَ وفاؤهُ
والعلْمُ إنْ لمْ يلتزمْ بهدايةٍ=لأعزُّ من علمائِه جهلاؤهُ
بعلومِ من قد ضلَّ تدميرُ الورى=فأشرُّ من عرفَ الورى علماؤهُ
الكونُ قد شَقِيَتْ به أبناؤه=وبغيْرِ دينِ اللهِ عزَّ نجاؤهُ
فالكونُ تعصِمُه الهدايةُ والتُّقى=والمؤمنونَ بربِّهم أمناؤهُ
إن لمْ يسارعْ من هُدوا لخلاصِه=فالكوْنُ أقربُ ما يكون فناؤهُ