سيوفُ العزِّ أخفتْها الولاةُ=فإن ظهرت فليسَ لهم نجاةُ
وإن يهمسْ بأدنى الحقِّ حرٌّ=تظلُّ لخنقِه تسعى الولاةُ
فيُلغى كلُّ ما يُدعى جهادًا=لترضى عن سياستنا العُداةُ
فيغدو الشَّعبُ من ذلٍّ قطيعاً=وعن ذؤبانه نامَ الرُّعاةُ
فتسبى قدسُنا من غيرِ حربٍ=ولا تُلفى بأقصانا صلاةُ
ولا البلدُ الحرامُ لنا سيبقى=فلا حجٌّ إليه، ولا سُعاةُ
وتتبعه ديارُ العرب طرًّا=فلا تنجو الحواضرُ، والبُداةُ
وتمرحُ في مرابعِنا يهودٌ=وكلُّ جيوشِنا لهمُ الحُماةُ
وهذا من "نضالِ" ولاةِ ذُلٍّ=لدى أعداءِ أمَّتِنا جُباةُ
أما قد عاد أقصانا أسيرًا=وعنه القَومُ شأنُهمُ الشَّتاتُ!
سَراةُ القومِ عنه في سُباتٍ=ولا يصحوُنَ ما طالَ السُّباتُ
وعنَّا المسلمونَ بألفِ ويلٍ=تحيقُ بهمْ، وتلهو النائباتُ
ضفافٌ عمَّهمْ في كلِّ أرضٍ =خلافٌ، والخلافُ هو المماتُ
وأقصانا ووا لهفي عليهِ=مآذنهُ الأسارى صامتاتُ
تنادينا صبايا القدسِ هبوا =ألا أينَ الغيارى والأُباةُ!
ويزدادُ النداءُ ولا مُجيبٌ=وتعلو للعذارى الحشرجاتُ
وممنْ قدَّسوا الأقصى تنادتْ=رجالٌ من بني الوثقى ثقاتُ
وباركَ ربُّنا ما كانَ منهم=ومن عاشوا لنصرتهِ، وماتوا
همُ الأحرارُ شبَّانًا وشيبًا =لنجدتِهِ المصاعبُ هينات
وقبلهمو عذارى القُدسِ هبَّتْ=وهبت تفتديه الأمهاتُ
فنصرُ المسجدِ الأقصى مصيرٌ =وليسَ بغيره تحلو الحياةُ
ووا أسفي تركناهُم فُرادى=تصدُّ أشدَّ ما حشدَ العُتاتُ
وأحقادًا بها تغلي نفوسٌ=تهونُ أمامهنَّ النَّازلاتُ
وأسلحةً تُذيبُ الصَّخرَ حرقًا=وإنْ هَدَرَتْ تُدَكُّ الرَّاسياتُ
ومن نادوا بنصرتِه دهورًا=مزاعمهُم كهِمَّتِهِمْ نكاتُ
وأين وألف أينَ ولا مجيبٌ =فما سمِعتْ بما يجري السَّراةُ
أليسَ مصيرُ أقصانا نذيرًا=بذلٍّ ما لنا منه انفِلاتُ
تخاذلَ عنه منهم ألفُ جيشٍ=لقتلِ الأهلِ هيَّأها الولاةُ
تُحسُّ جميعَ ما ملكوا سلاحًا=تفوقُ أشدَّه فتكاً حَصاةُ
* * *=* * *
ألا يا أيُّها الأقصى أعرني=سماعًا لم تعُدْ تُجدي الشَّكاةُ
لئن سادَتْ لغفلَتِنا طغاةٌ=فشرُّ العالمينَ همُ الطُّغاةُ
هيَ الأيَّامُ في كرٍّ، وفرٍّ=وليسَ لها على حالٍ ثباتُ
لنا الكرَّاتُ مهما قد غفونا=فكمْ عادَتْ لعِزَّتِها الغُفاةُ!
لئنْ صدِئتْ سيوفُ العزِّ حجباً=لسوفَ تعيدُ فتكتَها التُّقاةُ
وما هانت وإنْ حُجِبَتْ بظلمٍ=فسيف العزِّ ليسَ لها مماتُ
بأيدينا صنعناها فعزَّتْ =بأيدينا إذا نحنُ الغُزاةُ
فكم كُنَّا الغُزاةَ لنشرِ دينٍ=به تجني مُناها الكائناتُ!
فأرحمَ رحمةٍ للناسِ كانتْ=سيوفٌ نالَ رحمتَها العُفاةُ
رفعناها فولَّى كلُّ ظُلمٍ=وبالقِسطاسِ قد حَكَمَ القُضاةُ
سنُرجعها بأيدينا سيوفًا=تهونُ بها علينا التَّضحياتُ
فسيفُ العزِّ في الأزماتِ جيشٌ=يَفُلُّ ولا تُفلُّ له شَباةُ
وهذا شأنُ أمَّتِنا، وهذا =صنيعُ تقتضيهِ الواجباتُ
* * *=* * *
غدًا يا أيُّها الأقصى ترانا=كما يُرضيكَ قد هبَّ الأباةُ
وما فيهم سوى حُرٍّ أبيٍّ=فهم عُبَّادُ ربِّكَ والهُداةُ
لهُمْ في حُبِّكَ الأسمى قلوبٌ=لها في البأسِ قد خُلِقَ الثَّباتُ
ومن كلِّ الجِهاتِ يجيءُ جُندٌ=تضيقُ بهم لنصرتِكَ الجهاتُ
فنصرُكَ عندَهُمْ وعدٌ أتتنا=به للهِ آيٌّ بيِّناتُ
ومن رُعْبٍ ترى الجُبناءَ فرُّوا=ولم تقبلْ تشرُّدَهم فلاةُ
فمن رَهَبٍ يرونَ الأرضَ حربًا=عليهمْ أينما التفتوا المماتُ
ينادي الصَّخرُ والأشجارُ هيَّا=أعبدَ اللهِ من خَلفي الجُناةُ
فعجِّلْ واضربِ الأعناقَ منهُمْ=لتصفو بعدَ محوِهِمُ الحياةُ
فكلُّ وعودِ من سبقوا هُراءٌ=وفيها المضحكاتُ المبكياتُ
وما اأتمروا له قد كانَ وهمًا=وما زَعموه فهْو المهزلاتُ
* * *=* * *
ألا يا أيُّها الأقصى المُفدَّى=يمينًا سوفَ تُرضيكَ التُّقاةُ
وتكتبُ جندُ ربِّكَ خيرَ نصرٍ=وللتكبيرِ تصغي الكائناتُ
ويزهو المسجدُ الأقصى عزيزًا=ويخزى دونَ عزَّتِهِ البُغاةُ
فيُنهي اللهُ بالعُبَّادِ كُفرًا=و"سمسرةً" بها سادَ الطُّغاةُ
ولا يبقى "الولاةُ" وصانعوهمْ=فجندُ اللهِ وحدَهُمْ الولاةُ