شيّعوا شمسي فغابتْ عن سماها = وتوارى النورُ عنّي فنعاها
تركوني لهمومٍ غدَرَتْ = بي. غريباً أسلمتني لِعِداها
مِن سنينٍ و أنا الخائفُ مِن = أن أُلاقي وحدتي دونَ سواها
كنتُ أهواها وتهوى صُحبتي = كانتِ الشمسُ بعمري وسناها
وكلانا ملَّ عُمرا هاربا = وخطاياهُ صلاةٌ بتُقاها
طرقوا بابي وقالوا رَحَلتْ = أيُّها الموتُ تمهّلْ عن لِقاها
ركضتْ قبلي إليها دمعةٌ = واستفاقتْ شهقةٌ تحرقُ ماها
أيُّها الدّربُ قصيراً كنتَ ؟ أم = صرتَ في همِّ المسافاتِ مداها
ونسيمُ الصبحِ ريحٌ عصفتْ = بي ونارٌ أحرقتني في لظاها
ميّتاً كنتُ وصمتي خانهُ = حُزن قلبٍ نبضُهُ ماتَ معاها
زارتِ الذّكرى فؤادا فارغا = ملأتْ في كلِّ خطوٍ منكَ آها
كنتُ طفلا أحتمي في صدرها= أرضعُ الحُبَّ بصدقٍ من لُماها
وزمانا مِن رُعافٍ فَزِعَتْ = حمَلتني فوقَ أكتافٍ يداها
أسرعت بي لطبيبٍ علّها = توقفُ النزفَ وتنجو مِن أذاها
مولدي نبّأها في طيفها = أنَّ عصفورينِ قد زارا رُباها
نقرا الكفَّ وغنّا فَرَحا = واستطابا موطنا فيهِ حباها
نظرةُ في بسمةٍ في ضحكةٍ = ودموعٌ ذرفتها مُقلتاها
ثمَّ قالتْ إنَّ للطفلِ رؤىً = وخيالاتٍ لآفاقٍ أراها
فيهِ عِندٌ فيهِ إصرارُ الّذي = يوقظُ الشمسَ ويحيا في ضُحاها
مرّتِ الأيّامُ عُجلى ومضى = كلُّ شيءٍ مثلَ برقٍ يتناهى
وافترقنا والتقينا مرّةً = فإذا الدنيا بوهمٍ مُنتهاها
ثمَّ جاءَ الموتُ يُنهي قصّةٌ = ونعى القبرُ فؤادي ونعاها
رغمَ ذُلِّ الفقرِ عشنا حلوها = نحتسي الحبَّ بودٍّ في أساها
وتناسينا بأنَّا كالورى = يأكلُ الموتُ مُنانا و مُناها
كم تأذّيتِ وعانيتِ معي = إنّنا يا أمُّ للدنيا رؤاها
أذكرُ الفقرَ فمِنْ أوجاعهِ = أيقظتْ فجراً دموعي مُقلتاها
ليسَ عندي ما يلبّي شَبَعي = إنّما لي كلماتٌ ما سواها
أيّها الجوعُ كلانا ماردٌ = غيرَ أنّي لي نجومٌ بسماها
إن وطئتِ الأرضَ فاضتْ فرحاً = وتمنّتْ أن تكوني من رُباها
لستُ يا أُمّي وحيدا إنّما = أنتِ نبضُ القلبِ عمري في فداها
ومُعافاً ليسَ يدري ما بنا = كلُّنا للأرضِ يوما في ثراها