الخلاصة التي أعود دائما للتأكيد عليها أخي الكريم، ويهتف بها واقع البشرية الحائرة في كل لحظة وآن .. والحقيقة التي يجب ألا تُغفِلَها وألا تَغْفَلَ عنها: أن لا وجود لحياة مستقرة هنيئة طيبة صالحة إلا بهذا الدين وفي ظلاله الرحبة، مهما بحثت ومهما اجتهدت في بحثك، فإن فيها راحة النفس والشعور، وطمأنينة القلوب والأبدان، وقبل كل شيء هي استجابة للفطرة، وإني لأجزم أن لا أحد لديه القدرة على حصر وجمع كلِّ خصائِص هذا الدين للبرهنة على هذه الحقيقة، إلا أنّ نصاعتها واضحة جلية في ذات هذا الدين العظيم وهي لا تحتاج إلى كثير كتابات ولا جدالات ولا مماحاكات، وإنما لحسن أخذٍ، وصدق نية، وإنصاف .. وأُهديك هذه الأبيات من قصيدة طويلة للشاعر المتألق شريف قاسم (1) الذي أجاد التعبير عن شعوره بالانتماء لهذا الدين، وعن مدى حاجة الأمة اليوم للتمسك به في دياجير الواقع ودهاليزه، الذي كاد أن يُلبِّس على الناس حياتهم، ويُخفي معالم الحياة الإسلامية الطاهرة العفيفة .. أتركك مع عبير هذه الأبيات وشذاها، فما أصدق ما عبّر به شاعرنا حين قال :
***
ولا يزال للحديث بقية إن أذن الله تعالى بذلك ..
(1) الشاعر شريف عبد القادر الحاج قاسم، من قدامى شعراء الدعوة الإسلامية المُبدعين، له العديد من الأعمال الشعرية الرائدة، صدر منها: 'صدى وذكرى'، و'بين نسيج البردتين'، ومنها تحت الطبع: 'على مشارف القدس'، و'وعد المهجر'، و'بين الآلام والآمال'، و'على محا جر الأمل'، و'كيف لا نصدع'. والشاعر عضو برابطة الأدب الإسلامي العالمية، ورابطة أدباء الشام، له 33 ديواناً شعرياً ونثريا. كتب إليه شاعر الدعوة وليد الأعظمي رحمه الله قصيدة 'رد التحية' جاء في مقدمتها:
· أنقل هذا الموضوع ذا الصلة بشهادة الشكر والتقدير التي قدَّمتها بوابة الفرات لأخي الفاضل الشاعر الكبير شريف قاسم أمدَّ الله في عمره ، من موقع المنارة تأكيدا على اهتمام بوابتنا الفراتية بأبناء الفرات الذين علت أصواتهم الكريمة في مشارق الدنيا ومغاربها ، وتحياتي لإدارة البوابة
· محبكم / ياسر
أحمد الهواس
بارك الله بك أخي العزيز ياسر .. وبشاعرنا الكبير شريف القاسم ..
ابو ماجد
لكم الشكر الكبير أيها الياسر النبيل و لشاعرنا المفخرة دوام التألق و النجاح و طول العمر
ياسر
والشكر موصول لك شاعرنا الكريم / أحمد الهواس على اهتمامك الكبير
بهذه الحديقة الغناء ( بوابة الفرات ) بأدبها وأدبائها
وفقك الله ، ومع أطيب تحياتي
محبك / ياسر
ياسر
وفخرنا بكم ، وبما قدَّمتم من إنجاز رائع
يا أبا ماجد
وفقكم الله ، وأعانكم على ازدهار بوابة الفرات
لتبقى عذبة متألقة
محبك / ياسر
بغـيـرِ هـُدى الإسـلامِ نشقى وننحني = أمـامَ هـوى مـازالَ يـدعـو لـنكفرا
دهـتـنـا مـن الأوجـاعِ ألفُ مُصيبة =ٍ بـهـا وهـجُ الإيـذاءِ في العيشِ أسفرا
وخـاضـت ديـاجـيـرَ الكـآبةِ أمةً= فـكـلُّ فـؤادٍ مـؤمـنٍ قـد تـضوَّرا
بعـصـرٍ عـبوسٍ قمطريرٍ وذي أذى= تَـمَـطَّـى وشِـدقـاهُ المُريبانِ أَفْغَرا
زمـانٌ تـشـبَّـثـنـا بوهنِ حبالِه= وعَيـشٌ بـه قـد عربدَ البؤسُ أغـبرا
فكـم مَرَّغَ الأعـداءُ فيه شموخَنَا= وكـم روحُ زهـوِ المجدِ بالهونِ سُمِّـرا
وحـشْـدُ الـمـلايين التي طابَ عيشُها= على زخـرفٍ مـنه السَّـرابُ تخـيَّرا
تـنـامُ على جـفـنِ الرزايـا كأنَّهـا= عصـافـيرُ تخـشى أن تطيرَ وتنفرا
وتـأكـلُ مـن كـفِّ الـضـياعِ شهيَّه= كـأنَّ جـواهـا مـا أحسَّ ولا درى
وهاجتْـه نَزْواتُ الميوعةِ فاجـتدى= لـهـا سـلـوةً ضـمَّت هواهم مؤجَّرا
فـإصبـاحُهم نومٌ ، وإمسـاؤُهـم هوى= ومـا نـاءَ مـن هـمٍّ أنــاخَ وأثَّــرا
وما هـو إلا صـورةٌ فـيـه أظهرتْ= خـبـايـا قـلـوبٍ لـلملايين أعصُرا
تـوارى مُحيَّـانـا الأصـيلُ بلهونا= ولـم نـبـصـر الـعادي علينا تسوَّرا
ورِقَّـةُ أبـرادِ الـهـوانِ مـهـادُهـا= مـهـيـنٌ ، ولـم يُبصرْ بها مَنْ تدبَّرا
ودغـدغـةُ الـريـبِ البغيضِ من العدا= هـي الـذلُّ مـن ضعفِ النفوسِ تحدَّرا
فـهـاتِ لـعـيـنيكَ المصابيحَ مـرَّةً= وأبـعـدْ دجـى تـيـهٍ عـليها تحجَّرا
تـرَ الـدَّمَ فـوَّارًا ، وقـلـبَـك مترعًا= بـأشـواكِ رزءٍ قـد أصـابـك مَنحَرَا
يـثـيـرُ الأسـاطيرَ التي طارَ ذكرُها= بـقـصَّـةِ شـعبٍ ما صحـا أو تذكَّرا
ومـا ضـاقَ ذرعًـا بـالجراحِ سخينةً= ومـا لانَ قـلـبًـا أو ضـميرًا تفطَّرا
فـكـيـف وقـد هبَّتْ شعوبٌ ومزَّقتْ= ثـيـابَ تـوانيها ، ونحن كما ترى
وبـيـن يـديـنـا من مثاني خلاصِنا= أضـاءَ لـيـالـيـنـا هُـداها وأسفرا
فـلـم يـكُ مـن ضـيقٍ يلفُّ صدورَنا= ولا المـوكـبُ الأعـلى بزحفٍ تعثَّرا
تـنـاسـى بنو الإسلامِ في زَخَمِ الهوى= رَفـيـفَ شَـذى الأسحارِ حيثُ تعطَّرا
ونـامـوا ولـم يـستيقظوا من سباتِهم= ومـا هـجـعَ الأتـقـى بـها و تدثَّرا
إذا أومـأت دنـيـا الـمـلاهي لأهلها= رأيـتَ فـتـى الإسـلامِ لـلذكرِ شمَّرا
ونـاجـى بـديـعَ الـكـائـناتِ تبتُّـلا= لِيَحْظَـى بِقُرْبٍ مِن رِضَاه و يَشْكُـرا
ومـِن دَرَنِ الآثـامِ يـغـسـلُ روحَـه= بـنـورِ الـرضـا عـبـدًا تقيًّا مُطهَّرا
ومـا فـتـنـتْـه الـغانياتُ ولا الغـنى= ومـا نـالَ مـنـه اللهوُ إثـمًا و منكرا
فـحـبُّ إلـهِ الـعـرشِ طـارَ بـلبِّه= عـلـى رَفْرَفِ التقوى ، وللنفسِ حرَّرا
تـسـامـى عـن الأدنـى، ولذَّةِ ساعةٍ= وحـنَّ إلـى الـفـردوسِ شـوقًا فبكَّرا
كـسـتْـهُ يـدُ التوحيدِ هَدْيًا جنـاحُه= يـسـابـقُ بالروحِ الطهورِ بني الورى
وربَّـاهُ هـديُ الـمـصـطفى، فسلوكُه= عـلـيـه سـمـاويٌّ ، و لا هو قصَّرا
فـفـيـمَ التَّواني عن معارج رفعةٍ ؟= وفـيـمَ الصُّـدودُ المرُّ ، فالنأيُ غيَّرا
ألـم يَنكـأ الـقـلـبَ النؤومَ حَـنينُـه؟= أما مـلَّ مـِن طولِ الجفـا وتضجَّرا..؟
ألـم يـأنِ لـلـروحِ السجينِ انطلاقُه؟= ألم تَغـلب الأشـواقُ رفرفةَ الـكرى..؟
أمـا هـيَّـجـتْ للـنـفسِ قرَّةُ أعينٍ= أعُـدَّتْ لأربـابِ المـنـازلِ أغيرا..؟
ومـن زمـرٍ يـأتـون جـنَّـةَ ربِّـهم= لكـي يردوا حوضا مصفَّى وكوثرا ..؟
وأبـوابُـهـا مـابـيـن هـجرٍ ومكَّةٍ= وأشجـارُهـا طـابـتْ ثمارًا ومنظرا
وفـيـهـا ويـا حُـسْـنَ المآبِ زيادةٌ= مـجـاورة الـرحـمـنِ أعظمُ مظهرا
فـأيُّ هـوىً مـن بـعـدِ ذلـك خِدنُه= يَعــشُ عليه حيثُ قارفَ منكرا..؟
مـعـانٍ سـرتْ فـي روحِ أُمـتِنا فما= تـدنَّـى لـهـا سِفرٌ ، ولا المجدُ أُقبرا
وأعطـتْ ذرا العـلياءِ نورًا وبهجةً= وأهـدتْ إلـى الـدنـيا الرخاءَ مُنشَّرا
ولم تُـبقِ من شوكِ الأذى في طريقِها= فهـل لـعـدوِّ الـديـنِ أن يتذكرا
تفيـضُ مـغـانـيها أريجا وبلسمًا= فيـابـؤسَ مَـن جـافى شذاها وأدبرا
ألـيـس الـهـدى للعالمين غِراسُه..؟= فمَا للأفـاعي تقطعُ النَّبتَ أخضرا..؟
ومـا للـطـغـاةِ الـظالمين تناهشوا= جَنَـاهُ ، وأَغْـَروا بالبَيَادِرِ عَسْكَرَا..؟؟
هنـالـك قـد عـانى الكـرامُ وأُقحمتْ= يـدُ الـعَـارِ فيـها مَن طغى وتجبَّرا
فموتـي، فما من غيرةٍ تدفعُ العدا= وقـد بُـحَّ صـوتُ الـمنذرين وأخطرا
فـمـا العـيشُ في هذا اليبـابِ بمثمرٍ= ولـكـنَّـه بالذكرِ والفضلِ أثـمرا
سـحَابُـك يـاقـرآنُ خـيـرٌ ورحمةٌ= وفـيـه ربـيـعٌ بالـمـآثـرِ أمطرا
فـإنْ هـي آبـتْ للـهدى وجـدتْ بـه= فـلاحًـا أتَى للـصَّـالحـين وعبهـرا
يا نبعة البان أين البلبل الشادي = قَـلاكِ أم كبّلته كَفُّ صَيَّادِ
عَهْدي به يَتَغنَّى فوقَ أَيْكَتِهِ = يُحْيي النُّفُوسَ بِإِطْرَابٍ وإِنْشَادِ
يَطِـيرُ مِن فَنَنٍ زاهٍ إلى فَنَنِ = كمَا يَـشاء لرأيٍ غيرِ مُنقادِ