ما لي أراكَ عن المكارم تدبرُ=ولأنتَ بالإيمان أنتَ القادرُ
أنا مذ عرفتك ما رأيتُ كآبةً=وضياءُ وجهك بالسعادة مزهِرُ
ولأنت في العلياء صاحبُ همّةٍ=والناهضُ الجبّارُ والمتصدّرُ
وإذا بدا وجهُ المكارهِ عابساً=فلأنتَ في وجه الأسى مستبشرُ
عبقُ العلا تغدو به مستصحباً=سعياً له إن الفؤادَ مشمّرُ
وجمعت شملك تستظل بعزمةٍ=مسترشدا بالحق حين تقرّرُ
وإذا النوائبُ داهمتك خطوبُها=في الحق عن ناب الثبات تكشّرُ
لكن أرى بك والمشيبُ نذيرُهُ= بادٍ وإنك في انكسارك ظاهرُ
لا لم تعد في الحق صاحبَ رايةٍ=أبداً ولا أنتَ الأبيّ الثائرُ
أما بساتين المُنى فكسيتَها=ثوبَ الأسى وبها البلى يتبخترُ
وكذا ينابيعُ العُلا فتيبستُ=أشجارها ذبُلتْ ، وشاهَ المنظرُ
ذهبتْ مباهجها الوضيئة كلها=فإذا لها مُهَجُ الورى تتحسّرُ
إن الفتى الحق الذي يسمو على=وجع الحياة وإن شكى يتصبّرُ
هو هكذا حُرٌ وفي إصرارهِ=ثقةٌ ، ومن فوق المواجع عابرُ
إن جف نبعُ المجد عاد بصبره=نهراً كأن الماء فيه الكوثرُ
لا مُر في حلق الأباة إذا سموا= بالحق إن المر عذبٌ سُكّرُ