تلك الخفافيشُ تجْفُو النّور مؤتلقا=لكنّها هويتُ – يا بُؤسها – الغسقا
ترجو من الليُل أنْ تمتدَّ سُجفتُهُ=لعلّها لا ترى نوراً ولا فلقا
فظلمةُ الليْلِ تُخفي من بوائقها=ودفقةُ النور تجلُو للورى طرقا
تهفُو إلى النومِ والدنيا يهدهدُها=نورُ من الله يجْلُو النّفْس والأفُقا
تغطُّ في النّومِ والأكوانُ صادحةٌ=من بْهجة النُّورِ حقاً ليْس ذا نسقا
يا مشبهاً لخفافيْش الدجى سفهاً=هلاّ رأيتك للأنوارٍ معتنقا
فالكونُ في يقظةٍ تشدُو بلابلُه=لحْن الحياةِ تناجي النُّور لا الغسقا
ما أبهجَ الكوْن والأنوارُ تغسلهُ=من ظلمة الليل حتّى لا ترى رنقا
هيّا فشارك عصافير الرّبا فرحاُ=بموكب النُّور وافتح بابك الغلقا
وأنهضْ مع الفجْرِ إنَّ الفجْر يشهدهُ=رتل الملائكِ زكّوْا كل منْ صدقا
فما الفلاحُ بنومٍ عن مؤذّننا=إنّ الفلاحَ لمنْ لبّى ومنْ سبقا
هيّا انطلقْ فأذانُ الفجْرِ يرفعهُ=داعٍ إلى الله سبحان الذي فلقا
هيّا انطلقْ لترى الأنوارَ يرسلُها=ربُّ الوجودِ لقلبٍ بالتُّقى خفقا
فموكبُ الفجْرِ عُرسٌ ليْس يشْهدهُ=إلا الذي جعل الأنوارَ معتنقا
وما الحياةُ بلا نورٍ يضيء لنا=درْبَ الحياةِ ويجْلُو الهمّ والرّهقا
ما النّور إلا كتابُ الله أنزلهُ=على رسُول الهُدى هدْياً لمنْ خلقا
لمّا قبسْنا الهُدى منْ آيه صُدُقاً=صرْنا أساتذة الدّنيا ومُنطلقا
لمًا اتّبعْنا الهُدى عشنا غطارفةً=في ظلّهِ وتعالى مجدُنا سمقا
وأرهف الدّهرُ سمْعيْه لصرْختنا=الله أكبرُ !! وعدُ الله قد صدقا
فراية المجد أعلاها الألى نصروا=دين الإله وراح البغيُ منسحقا
وأثبتتْ كتبُ التّاريخ عزّتهْمْ=وظل ذكرُهمْ عْطراً وقد عبقا
وجاء منْ بعْدهمْ خلفٌ أصاغرةٌ=قد ضيعُوا المجْد لمًا أصبحوا مزقا
وزالَ ما كانَ منْ مجْدٍ ومنْ رَشدٍ=كما يزولُ وميْضُ البرْقِ إذ برقا
لمّا زرعْنا الهُدى كانَ العُلا ثمراً=وحيْن بذرِ الهوى كانَ الجنىَ غرقا
قُرآنكُمْ نورُكُم يا قوم فالتمسوا=درباً إليه فإن الليل قدْ غسقا
من يقبس النور منْهُ ظلّ مُهْتدياً=ومنْ تنكّب عنهُ ضل محترقا