لا تحزنوا يا إخوتي لا تحزنوا= فالحقُّ باقٍ ، والمليكُ مُهيمنُ
جلّ الذي رفعَ السماءَ بأمرهِ= كلُ المخاوف إنْ حماكَ ستُؤْمَنُ
يُطوَى بكم ليلٌ كأنّ نجومَهُ= غارتْ ، وما فجرٌ له يُتَبيَّنُ
يا إخوتي بكمُ الحياةُ جميلةً= بل عنكمُ المجدُ التليدُ سيعلنُ
لا تحزنوا فالحقُّ أبلجُ نورُهُ= وفداؤُهُ أرواحُنا والأعينُ
قدَرُ الألى في الله قد آذاهمُ= حِقدُ الطغاةِ لدينهمْ أن يُسْجَنوا
تشكو دماءُ الأبرياء لربِّها= ولها جنانُ الخُلْدِ كمْ تتزيَّنُ !
لا مجْدَ إلا للأباة إذا مضوا= للحقّ ، إن الحقَّ نِعْمَ الموطنُ
لا تحزنوا إذ أن في أسلافكم= قبساً من الإيمان حتى تؤمنوا
لا تحزنوا فلطالما آثارُكمْ= لهَجَتْ بها في العالمينَ مدائنُ
حتى القُرَى فيها من الأثر الذي= خلدتموهُ به أشادتْ ألسُنُ
ذَهَبٌ كأصفى ما ترى مِن معدنٍ= والناسُ في دنيا الأنامِ معادِنُ
أيغيضُ تاريخَ المكارمِ شانئٌ= في قلبِهِ الحقدُ المُسَعَّرُ ساكنُ
أبداً و ما ضرَّ السَّحابَ نباحُهُ= هو والأنامُ وكلُّ ما هو كائنُ
كيدُ الطغاةِ يموجُ في غليانِهِ= حسَداً وفي جوف الصدور ضغائنُ
شاهتْ وجوههم القميئةُ لا يُرَى= فيها من الألَقِ الخفيِّ محاسِنُ
وليحذرِ العادونَ أن يُؤتَى بهمْ= يومَ القيامةِ إذ يُساقُ الخائنُ
ليزولَ عنهُ السَّعْدُ يومَ حِسابِهِ= قلقاً يفارقُهُ الأمانُ البائنُ
لا يستوي عند المليك بدَيْنِهِ= هذا المدينُ مع الذي هو دائنُ
أوَ مَن علا بهواهُ فوقَ سفاسفٍ= هو كالذي صاغتْ هواهُ مفاتنُ؟!
حَسْبُ الكرامِ هوىً بكلِّ فضيلةٍ= عاشوا لها ، وبها مضوا وتكفَّنوا
عجباً لهم إن المليكَ أحاطهمْ= بعنايةٍ فيها المُنى والمَأمَنُ
و يدُ الزمانِ أما رأيتَ جلالَها= أخذتْ تُسَطِّرُ ذِكْرَهُمْ وتُدَوِّنُ
هم آيةُ الإيمانِ بين شدائدٍ= تترى ، وما غضَبُ الشدائدِ هيِّنُ
هي للعُلا أشواقُهُمْ منقادةٌ= تسعى ، ومِن حوْل الصعودِ تدندنُ
إني لمن فرْطِ المَحبَّةِ ناصِحٌ= لهمُ ، وإنّ النصحَ دِينٌ بَيِّنُ
ناديتُهم ومن الفؤادِ وصيَّتي= حتّى وإنْ غلَبَ الأسى لا تحزنوا