للقُدسِ مِعراجٌ
حَملَ الرسالةَ هُدهُدُ النَّبَإِ المُخَبَّإِ في جَلابيبِ الغُروبْ
فإذا بدمعاتٍ كَذوب
مِنْ بُحيراتِ التماسيحِ استَعارَ الكاذِبونْ
وإذا بقومٍ بانتفاضاتِ الحَناجِرِ يَشجُبونْ!
سَبَأٌ تُراوِدُ جُندَها عن بأسِهِمْ فَيُسارِعونْ
عن زَيتِهمْ يتنازلونْ
يتسابقونَ؛ فيُشعِلونْ
نارَ الحرائقِ في حُقولِ الزَّعتَرِ المَيمونِ
والأعنابِ والشجَرِ العتيقِ ودَمعِهِ الزيتونِ
فانتحرَتْ على أغْصانِهِ الأطيارُ وانتفَضَ البَنونْ
وَلَيَحطِمَنَّ الجُنْدُ نَمْلًا خارِجًا مِنْ جُحرِهِ لَو تَعلمونْ
للحَقِّ جُندٌ في المَعامِعِ يُوزَعونْ؛
إنْ يَخنِسِ المُتَفَيْهِقونْ
الخائنونَ الخانعونْ
بِخُيوطِ تحريكِ الدُّمَى يَتَحرَّكونْ
ولِكُحلِ أجفانِ الولائجِ؛ بِالمَكاحِلِ يرقُصونْ
وعلى المَسارِحِ خلفَ أستارِ الولاءِ يُدَبِّرونْ:
سَبْكَ التَّناغُمِ بين أوتارٍ يُدوزِنُها أباطرَةُ المُجونْ.
***
لا تَجْزَعي يا قُدسُ إنْ عاثَ الجُنونْ
يومًا إليكِ يعودُ عرشُ السَّاجدينَ لِشَمْسِ دولارِ البِغاءْ؛
صَرحًا تُمَرِّدُهُ المُلوكُ فَتَعتليهِ نِعالُ أبناءِ الوفاءْ
لا تيأسي وتَزَنَّري بالنُّورِ واعتنقي الطريقَ إلى السَّناءْ
للقُدسِ مِعراجٌ تُمَنْطِقُهُ المَجَرَّةُ بالضياءْ
يا أنتِ سَيِّدةَ الفُصولِ؛
فكيف داهَمَكِ الصَّقيعُ وكيفَ دَثَّرَكِ الشتاءْ؟
وربيعُكِ الآتي: على الأبوابِ يحمِلُ في يديهِ زَنابِقا،
ومَطارِقا
تَهوِي على التَّسويفِ؛ تَنضو عن مَلامِحِهِ مَلاحَاتِ الرِّياءْ
فاسْتَبشِري: اقْتُلِعَتْ
جُذورُ الخوفِ مُذْ هَبَّتْ وفاءُ وعَندليبُ
وَسابقَتْ آياتُ مَعْ دارينَ وامْتُشِقَتْ شَرايينُ الفِدءْ.
"عَهدُ التميميْ" مُنذُ سَبعٍ تحضِنُ المِقلاعَ؛ فالحَجَرُ انتماءْ
وَتَكفَّلَ ال "ياسينُ" بالدَّرسِ المُدَجَّجِ بالإباءْ
بِيراعَةِ الإصرار؛ يَكتُبُ أبجديَّةَ نَصرِكِ المأمولِ؛ والحِبرُ الدماءْ؛
وعلى جِباهِ بَيادِرِ الشُّهداءِ قد خَطَّتْ قِناديلُ التَّحَدِّي: لا مِراء؛
إلى كلابِ الرُّومِ: بالسَّيفِ المُهنَّدِ والمَنونْ؛
سَتَعودُ ألويةُ الجهادِ تَشُقُّ أفئدةَ السُّكونْ
ونوارِسٌ حَنَّتْ إلى نَسَماتِ بحرِكِ، لازَوَردِكِ؛
والحنينُ بِلا غُضُونْ
وتَزوَّدَتْ قبل الرَّحيلِ بِعطرِ "يافا"
آنَ تبتَسِمُ الشموسُ على خُدودِ البُرتُقالِ
وَيَضحَكُ الدُّرَّاقُ والزَّيْتونُ؛ تَختَلِجُ الغُصونْ
والياسَمينُ عُقودُ أفراحِ الصبايا؛
والمَرايا ذِكرياتٌ لا تَهونْ
وعلى جُذوعِ السِّرْوِ خَطَّ المُتْعَبُونَ حِكايةَ القُدسِ التي
نَسَجَتْ خُيوطَ دُموعِها الأيَّامُ والنَّذلُ الخَؤونْ
فالجُبُّ "يُوسُفُهُ" يُكرِّرُه على مَرِّ الزَّمانِ الحاقِدونْ
وقَميصُهُ بالرِّيحِ مُشْتَجِرٌ؛ وَتَنْشِقُهُ العُيونْ
هَزمَ الجَوَى طَوْدَ النَّوَى؛
يعقوبُ أبصرَ؛ فانزَوَى
جَدَلُ القوافِلِ بينَ كُثبانِ الرِّمالِ،
وغاصَ في بحرِ السُّكوتِ مُفَنِّدونْ
لِي صبرُ أيوبٍ ويعقوبٍ إلى
أن تُورِقَ الرؤيا فَيَعْزِفَها الصَّدَى؛
والإخوةُ الأعداءُ بعد تَجَرُّعِ اللَّأواءِ؛
مِنْ أدرانِهمْ يتَطَهَّرونْ
لَبِسوا الكَواكبَ وَانبَرَوا يتساءلونَ:
أَأَنتَ أقْصانا الأسيرُ بَكَى،
تَمازَجَ دَمعُهُ بِدَمِ الشَّهيدِ
ونحنُ والثَّاراتُ في بِئرِ الغِوايةِ غارِقونْ؟
فَتَرُدُّ أَوَّلُ نَجمةٍ لَمَعَتْ على حَدِّ السُّيوفِ فَأَزْهَرَتْ
سِربًا مِنَ الأقمارِ في لَيلِ الشُّجونْ:
يا قُدسُ هذا عَهدُنا وطريقُنا
مهما ابْتعَدنا راجِعونْ
فَلْيَخْسَإِ الحُكماءُ
والزُّعماءُ
والمُتَخاذِلونْ
*****
6/12/2017
أمريكا تُعلِنُ القُدسَ عاصمةً للمُحتلّ وتنقِلُ سِفارتَها إليها،
إحياءً لِذِكرى وَعْدِ بِلفور بعد مرورِ مئةِ عامٍ على إعطاءِ مَنْ لا يملِكُ؛ لِمَنْ لا يستحق.ّ
وسوم: العدد 754