مثل وقع قدميك

للشاعر المغربي سعيد السوقايلي

بعد مجموعته الشعرية الأولى الصادرة عن وزارة الثقافة بالمغرب سنة 2005 يُصدر الشاعر سعيد السوقايلي مطلع هذه السنة عملا شعريا جديدا عن دار "الغاوون" بلبنان، و يضم ثلاث مجاميع شعرية:"مثل وقع قدميك" و "القطرة حلمة الماء" و "النهر لا يعيد نفسه"،  يقع الكتاب في 112 صفحة و يحمل عنوان المجموعة الأولى، و تهيمن عليه الكتابة الشذرية حيث القصائد القصيرة و الوامضة التي تمتح مما هو ذاتي و تأملي، جاء بعضها معنونا و البعض مرقّما.

 

ولد الشاعر سنة 1970 و هو ينتمي إلى جيل التسعينات بالمغرب الذي آثر الكتابة عن التفاصيل الذاتية و الهموم الفردية التي تجعل الكائن يحس بالغرابة في هذا العالم الموحش و المعقد، لذلك تأتي معظم نصوص الكتاب غير متصالحة مع العالم الخارجي، بل مبطنة بأحاسيس العزلة و الرجوع إلى الطبيعة كملاذ في حالاتها البكر قبل أن تمتد إليها اليد البشرية.

تبدو لغة الشاعر سعيد السوقايلي قريبة إلى القارئ، و تبدو مفردات النصوص كما لو أنها مختارة بالكثير من العناية و الدقة:

26:

أخيرا يجلس الكرسي، ليستريح من زمن الغابة.

28

متى نمتُ استيقظت أحلامي، ومتى استيقظتُ نامتْ.

85:

لا حظّ لي معك أيها الحظ.

116:

أيها الليل، كل شيء فيك يرتعش، اجلسْ و شاطرني الشاي و نار الأغصان الميتة.

غربة:

أعبر وجوهكم الكثيفة، وأحيي أشجار الشوارع واحدة واحدة، غريبا كما ينبغي، مجنونا كما تزعمون.

رجل يحضن شجرة:

ولأني مهووس بالأشجار، سأسلك الطريق المظلمة، وعبر الأجمات الشائكة، أبحث عن شجرة عالية ومتغضنة، عاريا أحضنها، وبنشوة أليمة أتضور من الأحلام، أشبك ذراعي، أصابعي، رجلي، بكل شبر من جسدها، ألثمها بهذيان أعمى وجد للتو عكازته في زحمة الطريق، أتهجاها ورقة ورقة، أستعظم صمتها الثابت، ولأني مهووس بحكمتها المتغضنة، سأحضنها حتى أتخشَّب.