زوبعة خارج الفنجان
كتاب جديد لـ محمد كركوتي
يُشَرِح الأزمة الاقتصادية العالمية
محمد كركوتي
"نمو+ فقاعة X فساد – مسؤولية = أزمة"
· لولا الضرورات المهنية لنُشر الكتاب بعنوان فرعي ثان " المال يتكلم.. ويشتم أيضاً"
· النظام القديم وضع السوق كـ "آلهة" وعبدها، وهاجم كل من يشكك في "إلوهيتها"!.
· "المُلهَمون الاقتصاديون".. كانوا إقصائيين وخطاءين و"قطاع طرق"!.
· الأخلاق والضمير.. مفردتان نكرتان في عالم احتقر المجتمع، وتعاطى معه كـ "عبد لمسرح الجريمة"!
· عرفنا أن الكبير لم يكن سوى جبل من ورق، وأن الصغير ليس إلا تلة يحطمها عصفور!
· كلفت الأزمة العالم – حتى نهاية العام 2009 – أكثر من 11,9 تريليون دولار أميركي.. فلم يعد المليار دولار رقماَ صادماً!
· حتى القائمين على "مهرجان كان" السينمائي، استبدلوا الشمبانيا بالقهوة، لضيق ذات اليد!
· أزمة أتت بمعاول التكوين، مثلما جلبت معاول التدمير!
· المطلوب "مَصنع" عالمي لـ "صناعة الثقة"، يُنتجُ نظاماً أخلاقي التكوين.
أبوظبي/ دبي/ لندن : ...........
صدر للكاتب والإعلامي الزميل محمد كركوتي كتابه الثاني في غضون عام واحد عن الأزمة الاقتصادية العالمية، بعنوان عريض غير تقليدي هو "زوبعة خارج الفنجان"، وعنوان فرعي استخدم فيه مقاربة حسابية على الشكل التالي " نمو+ فقاعة X فساد – مسؤولية = أزمة". ويقول كركوتي في تقديم كتابه :" لولا الضرورات المهنية لأضاف كلمة ( جشع) إلى عنوانه الفرعي، وبذلك تكتمل صورة الأزمة، بأوضح رؤية.. لكن بأقبح منظَر". ولو استطاع أن ينشره بعنوانين فرعيين، لأضاف "المال يتكلم .. ويشتم أيضاً". فالعنوان الأول يكمل الثاني، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وأخلاقياً. يصدر هذا الكتاب، عن "مركز الإمارات للدراسات الاقتصادية" الذي يتخذ من أبوظبي مقراً له، استكمالاً لكتابه الأول "في الأزمة"، حيث يعرض الكارثة الاقتصادية، بحقائقها ومصائبها، بصدماتها وبديهياتها، بجرائمها و"جُنَحها"، بعنفها الكبير و"فجورها" الأكبر. ويرى كركوتي، أنه على الرغم من الانتعاش الهش أحياناً، والمقبول أحياناً أخرى، إلا أن هذه الأزمة ستبقى مستحقة للعديد من الكتب والبحوث والدراسات العربية لفهم جوانبها بصورة أعمق، ولكن بصورة يسيرة الوصول. أما لماذا يسيرة الوصول؟ فلأنها ضربت بأعاصيرها، كل شيء وأي شيء. أصابت رؤساء دول ومؤسسات قيل أنها لا تُقْهر، وأصابت أيضاً عمال التراحيل وأسواق بدائية تُقْهر على أي حال!. خصوصاً وأنه لم يتم العثور على ناجين في هذه الأزمة، أما جرحاها فسيظلون لزمن طويل يعيشون آلام الجراح.
الأزمة تحدث الآن
ويعتقد الكاتب، أن الأزمة تحدث الآن، طالما أن عمليات التحفيز والإنقاذ والإسناد الحكومية متواصلة، وطالما شددت المؤسسات الدولية الكبرى وفي مقدمتها " صندوق النقد والبنك الدوليين"، على أن توقف هذه العمليات يهدد كل خطوة نحو الانتعاش. والمصيبة أن الانتعاش الحقيقي المرجو، لا يوجد "على الناصية"، وليس قريباً من الآمال. فحتى المتفائلين يتحدثون عن خمس سنوات أخرى، لخروج الاقتصاد العالمي نهائياً من " الزجاجة"!. فالأزمة التي انفجرت في القطاع المالي – المصرفي، وصلت شظاياها إلى مناطق في هذا العالم، لم تعرف بعد بوجود مصارف، وأماكن لا يزال " اقتصادها" قائم على المقايضة!. يضاف إلى ذلك، أن الأزمة ستواصل " حدوثها الآن" طالما ظل العالم بلا نظام اقتصادي جديد، يستبدل بصورة كاملة ذلك النظام، الذي حضَر أزمات لكل عقد تقريباً على مدار سبعة عقود من الزمن. كان – ولا يزال - نظاماً طبقياً متحرراً من كل الضوابط، لاسيما الأخلاقية منها. كان نظاما استبدادياً، وضع السوق كـ "آلهة" وعبدها، وهاجم كل من يشكك في هذه "إلوهيتها"!.
الهموم التي أضحت مستقبلاً
تضمن "زوبعة خارج الفنجان" ثمانية فصول، تناولت كل الجوانب التي نالت الأزمة منها، بما في ذلك الجوانب التاريخية والسلوكية والأخلاقية والإنسانية. ويقول كركوتي في مقدمة كتابه :"جمعت الأزمة الاقتصادية مفردات كنا نسمعها عادة فرادى أو اثنتين مع بعضهما البعض على أكثر تقدير. لكنها وصلت إلينا مجتمعة ومتشابكة ومتناغمة.. ومعبرة أيضاً عن الحقيقة الأكثر غرابة من الخيال!: نمو، جشع، طمع، فقاعة، فساد، غش، وهم، احتيال.. بالإضافة – طبعا- إلى المفردات الثابتة: فقر، جوع، بطالة، مرض، كوارث، مصائب، آلام، أُميَة، عنجهية، فوقية، طبقية". ويتابع المؤلف :" سمعنا عن دول قيد الانهيار، وأخرى (ثملت) منه!. رأينا الأمل كيف تحول إلى تاريخ أمام أعيننا، وشهدنا الهموم كيف أضحت مستقبلاً!. عرفنا أيضاً، أن الكبير لم يكن سوى جبل من ورق، وأن الصغير ليس إلا تلة يحطمها عصفور!. ويسخر كركوتي من مرتكبي الأزمة ومجرميها بتشبيههم بـ " المُلهَمين" ويقول: " إنها أزمة كاملة، تماماً كالجريمة الكاملة. ومثلما يستطيع المجرم في هذه الأخيرة، الإفلات من العقاب، استطاع مجرمو الأزمة النجاة منه. تركوا مكاتبهم ومؤسساتهم، وتركوا العالم يُحصي عدد ضحاياهم!. لم يكونوا اقتصاديين.. بل كانوا إقصائيين.. لم يكونوا مخطئين.. بل كانوا خطاءين. لم يكونوا مسؤولين.. بل كانوا قطاع طرق"!.
سرطان "وول ستريت"
حمَل الكتاب – كما حمَلت كل الأمم – بورصة "وول ستريت الأميركية المسؤولية الأولى. ويصف المؤلف هذه الأخيرة بـ " السرطان" وبأنها كانت مسرح الجريمة، لكن الأدلة عمت كل الأسواق. وطرحت السؤال المستمر إلى الآن وإلى ما بعد: أين الأخلاق"؟!. ويقول:" تسألون عن الأخلاق؟! هل كانت موجودة وضاعت؟ أم أنها لم تصل أصلاً إلى ذلك المسرح الفظيع؟!!. الأخلاق والضمير.. مفردتان نكرتان في عالم احتقر المجتمع، وتعاطى معه كـ (عبد لمسرح الجريمة)، في بلد لم يتخلص إلا "منذ قليل" من آثام العبودية!. ويبدو أن هذه السوق لا ترغب في أن تتعلم، ولذلك فإنها عرضة – إلى الآن – لانتقادات شديد وهجوم أشد، لمحاولاتها ممارسة الألاعيب، التي كانت السبب المباشر لأعنف أزمة عرفها التاريخ البشري، حتى أنها فاقت أزمتي " الكساد الطويل" والكساد الكبير"، لماذا؟ لأنها كانت أكثر شمولاً على الصعيد العالمي، وأشد دناءة على الصعيد الاجتماعي. ويعرض المؤلف نماذج من "قتلى الأزمة و"وجرحاها": المصارف، المؤسسات المالية، الجمعيات السكنية، الأسواق (البورصات)، المشتقات المالية، شركات التأمين، الاستثمارات الخارجية، التحويلات المالية، المساعدات، صناديق التحوط، الصناديق السيادية، الحكومات، الخزائن العامة، الموازنات العامة، التنمية، الإنتاج، التجارة، الصناعة، البشر، العمالة، الجمعيات الخيرية، شركات السيارات، السياحة، التعليم والبحث العلمي، مجموعات الدول الكبرى والصغرى، وكالات التصنيف، المجتمع الدولي، الإعلام، الأخلاق، الضمير. ويقول كركوتي :" لم ينجو أحد!!. وحتى القطاعات المرشحة للنجاة، أجَلت الأزمة نجاتها لأجل يُحسب بالسنوات!. لقد ضربت الأزمة العالمية مفاهيم الركود نفسها".
التكاليف
يتناول " زوبعة خارج الفنجان" تكاليف الأزمة مالياً وإنسانياً. ويقول كركوتي: " كلفت الأزمة العالم – حتى نهاية العام 2009 – أكثر من 11,9 تريليون دولار أميركي، من بينها أكثر من 4,5 تريليون دولار هي عبارة عن خسائر مصارف ( تقديرات الخسائر العربية تحوم حول 2500 مليار دولار).. والخسائر لن تتوقف في المدى المنظور. لقد قزَمت الأرقام الكبرى، فلم يعد المليار دولار رقماَ صادماً. وينقل عن الرئيس الأميركي باراك أوباما قوله:" إن أسوأ ما في العاصفة انتهى، غير أن الدمار لا يزال باقياً". وكان البنك الدولي واقعياً عندما أعلن للعالم أجمع بأن آثار الأزمة "ستؤدي إلى تغيير المشهد العام بالنسبة للتمويل والنمو، على مدى السنوات العشر المقبلة"!. العجز في ميزانيات الدول يتفاقم، وعدد الجياع في العالم بلغ 1,02 مليار بشري، وعدد الذين فقدوا وظائفهم في غضون عام تقريباً أكثر من 65 مليون إنسان، والشركات تتخلف عن سداد ديونها، وفي الولايات المتحدة تم إغلاق أكثر من 150 مصرفاً في عام واحد فقط، وتحويلات العمالة تقلصت، ومساعدات الدول المانحة تراجعت، وعمليات تشغيل الأطفال ازدادت، والجرائم البشرية والالكترونية تعاظمت، وحالات الانتحار في أماكن العمل بلغت 28 في المئة. في أوروبا انتقل ما لا يقل عن 17 في المئة من سكان القارة تحت الفقر. شركة الطيران البريطانية " برتيش إيروز" طلبت من موظفيها العمل مجاناً، وحتى القائمين على "مهرجان كان" السينمائي، استبدلوا الشمبانيا بالقهوة، لضيق ذات اليد!.
ويقول المؤلف : "للمرة الألف ربما .. هذه الأزمة لا (ولن) تشبهها أخرى. هي أزمة أتت بمعاول التكوين، مثلما جلبت معاول التدمير. طرحت لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، ضرورة إنشاء ( وليس إصلاح) نظام اقتصادي عالمي جديد. نظام لا يشبه "بريتون وودز" الذي قام في أعقاب الحرب الثانية. نظام يوفر أدوات لإنشاء مصنع عالمي لـ (إنتاج الثقة). (مصنع) عصي على الإغلاق، ينتج سلوكيات اقتصادية ومالية جديدة، تقوم على ما هو موجود في الواقع، لا على ما هو وهم في الخيال. نظام لا يفرز أحداً، ولا يجامل أحداً أيضاً. نظام أخلاقي التكوين".
الكتاب
كَتب الغلاف الأخير لـ "زوبعة خارج الفنجان"، الذي وُضع بلغة تصل إلى الجميع - على اختلاف شرائحهم - الزميل ناصر الظاهري، وصمم غلافه الزميل كركوتي نفسه، الذي استعان بلقطة شهيرة لكوكب الأرض من المجال الجوي للقمر، وزعتها قبل أكثر من أربعة عقود وكالة الفضاء الأميركية ( ناسا)، وكتب عليها " كرة أرضية للبيع"!. واستخدم المؤلف نفس الآليات التي استخدمها في كتابه الأول " في الأزمة"، مع بعض الفوارق القليلة. فقد عزز موضوعاته ببيانات وإحصائيات ودراسات، مثلت أساساً له، وحرص على التحري الدقيق لمصادرها. كما أنه "استحب" فيه مواصلة نشر المقولات التاريخية والمعاصرة ( المأثورة وغير المأثورة)، كمقدمات لموضوعاته. والشاعر الاسباني غارسيا لوركا حل مكان الشاعر التشيلي بابلو نيرودا في الصفحات الأولى، وقدم الأزمة "كاريكاتيرياً" بدلاً من تقديمها "بصرياً"، ووجد مناسباً – كما جاء في تقديم الكتاب - نشر بعض عناوين الصحف العالمية الكبرى، التي قدمت أبلغ تعبير عن الأزمة، وبعض أغلفة المجلات العالمية الكبرى أيضاً التي لم تكن أقل بلاغة. ولأن أقوال السياسيين والاقتصاديين باتت مكررة -وأحيانا متناقضة، وأحيانا أخرى بلا معنى – فقد حلت مكانها مجموعة منتقاة من النكات العالمية، التي وفرت بسمة حارقة تتلاقى مع "نارية الأزمة".
ويرى كركوتي أنه وضع "زوبعة خارج الفنجان"، كتاباً مكملاً لكتب عربية أخرى، تساهم في تكريس حقيقة أن أحداً ليس محصناً في هذه الدنيا، وأن الذي يرغب بالنجاة، لن يفوز بقاربها إذا ما ظل بعيداً عن معرفة أماكن وأسرار صُنعِها.
الكتاب : زوبعة خارج الفنجان
الناشر: مركز الإمارات للدراسات الاقتصادية
عدد الصفحات : 476
القطع: متوسط
السعر : أربعون درهماً إماراتياً