غزة .. المحرقة والصمود
نادية سعد معوض
ليس ثمة شك أن غزة تعيش منذ نهاية العام الماضي وبداية العام الجاري وضعاً مأساوياً، اقتصادياً وطبياً وبيئياً وإنسانياً بسبب الهجمة الهمجية الشرسة التي شنها الصهاينة على ذلك الجزء الغالى من فلسطين الحبيبة والتي رفض الاستسلام للكيان الصهيوني وأيضا بسبب الدعم الأميركي والصمت العربي والتغاضي الدولي اللاإنساني، حتى احترقت غزة وعاش أهلها -ومعهم كل العالم- أيام مفزعة لم يشهد مثيلها شعب على مدى تاريخ الإنسانية الطويل على هدير الخوف القادم من آلة الحرب الصهيونية الأميركية، كي تحول شعبها الأعزل بأطفاله وشيوخه ونسائه إلى جثث بلا حراك، و يستسلم لغزاة العالم وطغاته انتقاماً منها لأنها رفعت راية التحدي رافضة الهزيمة والخنوع والذل والاستكانة.
ولقد صدر حديثا عن دار مجدلاوي للنشر والتوزيع في عمان بالأردن كتاب بعنوان: "غزة.. المحرقة والصمود.. الكتاب الأسود .. لائحة الاتهام " للباحث نواف الزرو المختص بالشؤون الصهيونية وجاء
هذا الكتاب التوثيقي لمحارق ومجازر الاحتلال الصهيوني في غزة مكونا من 278 صفحة من القطع المتوسط ، في ثلاثة ابواب موزعة على خمسة عشر فصلا .
جاء الباب الاول تحت عنوان : محرقة غزة – الجذور- الاجندات –الاهداف الاستراتيجية، واشتمل على خمسة فصول تغطي كلها بالمعلومة الموثقة والتحليل العلمي الادبيات الايديولوجية التوراتية والسياسية الصهيونية التي سوغت وماتزال لهم اقتراف الجرائم والمحارق المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني، فاستعرض
الفصل الاول الذي جاء تحت عنوان :منظومة العلاقات الاسرائيلية-الفلسطينية، منطق القوة وكسر ارادة الفلسطينيين لدى دولة العدو، وناقش سياسة القفازات الحديدية، والاهداف الاستراتيجية وراء الحروب الاسرائيلية، ثم انتقالا من الايديولوجيا الى الترجمة على الارض، عبر جملة من الخطط والحملات الحربية المتدحرجة .
بينما يعرض الفصل الثاني وعنوانه:من شارون الى اولمرت- من اول الغيث الى الرصاص المصبوب، وسياسات احادية الجانب وعدم وجود شريك فلسطيني، ثم ينتقل الى تسليط الضوء على غرفة العمليات الحربية والمطبح الامني لادارة الحرب ضد الفلسطينيين.
أما الفصل الثالث وهو بعنوان:اسرائيل المهزومة تسعى لاسترداد رواية الردع المتبددة عبر غزة، فيناقش تطور الاحداث الحربية التمهيدية، منذعملية الوهم المتبدد- مرورا بالادبيات والمقدمات الحربية الاسرائيلية عبر عناوين مثل: قيادة الجيش الاسرائيلي توصي باعادة احتلال غزة والخارجية تهيء المناخ، وغرفة عمليات ديبلوماسية تقودها ليفني، ثم حصاد حملة غيوم الخريف، انتقالا الىالسور الواقي – 2 في غزة، ثم الى المهمات المركزية على اجندة الجنرال اشكنازي.
ويشتمل الفصل الرابع وهو بعنوان:اسرائيل تستحضر حقل الاشواك واولمرت يعلن الحرب المفتوحة كل:السيناريوهات تتحدث عن حرب على غزة.
اما الفصل الخامس والاخير في الباب الأول فجاء بعنوان: فلسفة المؤسسة الاسرائيلية – تفكيك النص الفلسطيني، فيكشف النقاب الى حد كبير عن خططهم المبيتة تجاه غزة ايضا تحت عناوين مثل:ديختر - غزة تخصنا، وخطة شارون – تحويل القطاع الى معتقل كبير، واسرائيل- النهج – تحطيم المجتمع الفلسطيني، والمؤسسة الاسرائيلية – منع الوحدة الفلسطينية، وفلسفة تمزيق الفلسطينيين افضل لنا، وفرصة ذهبية للتخلص من عبء غزة وتحميله لمصر، وما كشف عن مخطط لتحويل غزة الى مشكلة مصرية، وعن واقع غزة بعد ثلاث سنوات على فك الارتباط، وصولا الى الحرب على غزة-معسكراعتقال.
اما الباب الثاني فجاء تحت عنوان:غزة – الملحمة والصمود-الاجندات – الاهداف – التداعيات،واشتمل على خمسة فصول ايضا، فاننتقل فيه الباحث نواف الزرو من الادبيات الارهابية الدموية الموثقة الى تطبيقاتها الاجرامية المحارقية على ارض غزة، فيغطي الفصل الاول وهو بعنوان:اجندات واهداف الحرب وحصادها اسرائيليا، النوايا والاهداف المعلنة والمبيتة وراء العدوان، اما الفصل الثاني وهو بعنوان:سلاح الحاخامات في الحرب- المحرقة، فيعرض الى ادبياتهم الدينية وفتاويهم الابادية .
أما في الفصل الثالث وعنوانه المحرقة وجبهة الاعلام الاسرائيلي..!، فيتعرض الى المرتكزات الاعلامية التمهيدية للعدوان بعناوين مثل:تجييش الاعلام لصالح الأكاذيب والبطولات الوهمية، وعقلية حربية وراء الاعلام الاسرائيلي، بينما يعرض الفصل الرابع:محرقة غزة – الجبهات والاسلحة المسموحة والمحظورة الى تهيئة المناخات الاسرائيلية والدولية للحرب، والى جبهات الحرب الاسرائيلية ضد الفلسطينيين، فان الفصل الخامس وهو بعنوان:المعركة البرية- حسابات وهواجس الهزيمة يتحدث عن:طبول الحرب وبقع الوحل، ومعضلة الاجتياح والتدحرج، وخفض سقف التوقعات والتمهيد لاحتمالات الفشل.
وانتقل الباحث في الباب الثالث والذي يتكون من خمسة فصول الى المحرقة – التداعيات: اسرائيليا - فلسطينيا – عالميا، فيعالج الفصل الاول:نتائج وتداعيات الحرب في المرآة الاسرائيلية ويشتمل على :اعترافات – شهادات الوزراء والقادة، واوراق مؤتمر هرتسليا – اقرار بالفشل، وانخفاض سقف الاهداف والتوقعات، ويغطي الفصل الثاني:المحرقة- الارادة الفسطينية تتسيد -حسابات الحقل والبيدر-، ويشتمل على :غزة- لا هو موت ولا هو انتحار – محمود درويش، واوراق القوة الفلسطينية في المرآة الاسرائيلية، وارادة الصمود والتصدي الفلسطيني.
وفي حين يعرض الفصل الثالث:اسرائيل في المرآة العالمية الى شهادات واعترافات عالمية حول الفشل الاسرائيلي والصمود الفلسطيني، عبر عناوين: لاول مرة – الفلسطينيون يصدون هجوما اسرائيليا،
ودراما المواقف المناهضة للعدوان – فنزويلا – بوليفيا-تركيا، و95 بروفيسورا امريكيا يقودون حملة لمقاطعة اسرائيل اكاديميا وثقافيا، واصدقاء اسرائيل في العالم اقل من اي وقت مضى، واسرائيل تكرر سلوك هتلر، وليس انتهاء بتشومسكي – ابواللغة الذي عجزعن وصف جرائم اسرائيل، فان الفصل الرابع:يعرض بشكل موسع الىالمحرقة والعقاب – سقف المقاضاة والتجريم، ويجمل عناوين حصاد المحرقة وحجم الجريمة بالارقام والمعطيات، وقطاع غزة – منطقة منكوبة، وقصف وتدمير 67 مدرسة و 41 مسجدا، والعدوان يجهز على البنية الصناعية في غزة، واكبر تحد في غزة – ازالة 600 الف طن من الركام وواشنطن تطالب بعدم تسييس اتهام اسرائيل بجرائم حرب، ثم الى:جهود عربية ودولية لتوثيق جرائم الحرب، وفولك – جرائم حرب منهجية غير مسبوقة، ومدير الاونروا – العدوان جريمة حرب، والى احتمالات قوية لاتهام اسرائيل بارتكاب جرائم حرب، و500 جمعية عربية واوروبية واميركية تقاضي اسرائيل.
ولعل الفصل الخامس: وهو بعنوان:جنرالات الاحتلال ورعب الاعتقال، هو الخلاصة المركزة حول حالة الرعب الاسرائيلي من الاعتقالات في انحاء العالم، ويشتمل على :رعب في داخل المؤسسة الامنية الاسرائيلية، ولدى العسكريين والسياسيين الاسرائيليين ما يكفي ليقلقوا..!، وباراك يشكل فريقا من الخبراء للدفاع عن مجرمي الحرب، والرقابة العسكرية الاسرائيلية تفرض رقابة جارفة..، ومخاوف من تقديم عشرات الضباط الاسرائيليين للقضاء الدولي، ومذكرة اعتقال ضد سبع جنرالات، وصولا الى الخاتمة التي تدعو الى جلب اسرائيل الى كرسي الاعدام.