معاً إلى الجنة

عبد الله الطنطاوي

شهيد الفجر، وصقر فلسطين

هذا هو عنوان الكتاب الجديد للأستاذ المؤرخ الأديب حسني جرار، وهو كتابه الخامس في سلسلة (أعلام الجهاد في فلسطين) وهذا – الكتاب - هو الإصدار السابع لصحيفة السبيل.

أما الكتب الأربعة السابقة في هذه السلسلة الجهادية للأستاذ جرار، فهي:

1- الحاج أمين الحسيني: رائد جهاد، وبطل قضية (431 صفحة من القطع الكبير)

2- الشيخ عز الدين القسام: قائد حركة، وشهيد قضية( 312 صفحة من القطع الكبير).

3- الشيخ فرحان السعدي – الشيخ فريز جرار – الشيخ عبد القادر المظفر. (151 صفحة من القطع الكبير).

4- الشهيد عبد الله عزام: رجل دعوة ومدرسة جهاد (388 صفحة من القطع الكبير).

وهو جهد مبارك بذلة الأستاذ جرار، وتحدث في هذه السلسلة المباركة عن قضايا مهمة شغلت المسلمين مدداً طويلة من الزمان، وخاصة المعاصر عنه، وهذا الجهد لم ينهض بمثله أي باحث أو دارس للقضية الفلسطينية، بهذا الشمول والتدقيق في الحوادث مما جعل هذه السلسلة الطيبة لا يستغني عنها بيت مسلم حر تهمة قضية فلسطين، أو باحث في هذه القضية، ويتوخى العدل والإنصاف فيما سيكتب.

تحدث الكاتب في هذه السلسلة عن مفهوم الجهاد في الإسلام، ولماذا شرع الجهاد في الإسلام، وتحدث عن أهمية فلسطين عند المسلمين... تحدث عن هذا كله، قبل الشروع في الحديث عن أعلام المجاهدين المعاصرين في فلسطين.

وفي كتاب اليوم: ( معاً إلى الجنة) تحدث الكاتب عن القائدين الشهيدين: الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، أحد أبرز مؤسسي هذه الحركة المجاهدة، وعن حركة حماس، كل في فصل.

تحدث عن نشأة كل منهما، وعن حياته من الميلاد إلى الاستشهاد في إيجاز وتكثيف، حتى لا يكبر الكتاب الذي يريده أن يصل إلى كل يد، وتقرأه كل عين، ويستوعبه كل عقل.

تحدث عن الشيخ أحمد ياسين الداعية المربي، والمصلح الاجتماعي، ورائد الوحدة الوطنية، والمجاهد في سبيل القضية الفلسطينية، والقائد الذي غدا قدوة للأجيال، بفكره النير، وإخلاصه لقضية المسلمين الأولى (فلسطين) وتضحياته الكبيرة من أجلها، وآخرها،هذا الدم الحر الذي أراقه بسخاء على عتباتها المقدسة.

تحدث عن الخصائص الذاتية للشيخ، وروى ما تناهى إليه من اللحظات الأخيرة في حياته، وقصة استشهاده، والدّوي الذي أحدثه استشهاده في كل نفس حرة أبية، وأصداء استشهاده التي ترددت في سائر أنحاء المعمورة، والآثار البليغة التي سوف تترتب على استشهاده، والتي حاول الخونة والمتآمرون أن يحدوا منها، وقد استطاعوا، وصرحوا بما اجترحوا، ولكن تأثير هؤلاء إلى حين، ثم يذهب ويذهبون، ويطويهم النسيان، ولكن الله لهم بالمرصاد.

وخص المؤلف شهيد الأمة القائد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي بالفصل الثاني الذي روى فيه قصة كفاحه المرير من الميلاد إلى الاستشهاد، فهو المجاهد الباذل بلا حدود من أجل فلسطين، وهو الداعية مربي الناس على الجهاد والاستشهاد، وهو فارس المبعدين والإبعاد في مرج الزهور، وهو المناضل الذي لم يعبأ بسجون الصهاينة وأذنابهم، ولا بمؤامراتهم لاغتياله، فقد ظنوا أنهم باغتياله يغتالون القضية، ولكن هيهات:

إذا مات منّا سيد قام سيد    قؤول لما قال الكرام فعول

وتحدث المؤلف عن فكر الرنتيسي وأدبه، واستشهد بشيء من شعره المعبر عن شموخ الرجال، وتسامي الدعاة على هذا الحطام الذي يقتتل حوله الناس.

وتحدث الكاتب عن الساعات الأخيرة في حياة القائد وروى قصة استشهاده، وآثار ذلك الاستشهاد على حياة المجاهدين، وعلى أرض فلسطين، وعلى القضية، وعلى العرب، وعلى الصهاينة وأحذيتهم في فلسطين وأمريكا وما بينهما.

وفي الفصل الثالث كان الحديث عن حماس، وجذورها التاريخية، وتأسيسها، ومراحل سيرتها الجهادية ... مرحلة التربية والإعداد والبناء الهادئ، ومرحلة البنى التحتية وبناء القاعدة الصلبة، ومرحلة بناء الأجهزة المطلوبة لمثل هذه الحركة المطلوب رأسها يهودياً وفلسطينياً وأمريكياً، وعربياً.

الحق... إن هذا الكتاب يحتل حيزاً مهمّاً في ميادين الفكر الجهادي والاستشهادي، وإن ظهوره بهذه السرعة – قياساً إلى حركتنا العربية السلحفاتية- يستأهل الشكر لهذا الباحث المؤرخ الكبير الذي يعمل بصمت وتواضع، ولا يرجو من عمله جزاء ولا شكوراً... لا يريد إلا إرضاء ربه، بخدمة هذه القضية الحساسة التي لم ينسها أصحابها الحقيقيون، ولن ينسوها إن شاء الله، كما لم ينسها الخونة والمتآمرون، ولن ينسوها والمعركة دائرة بين الرجال وأشباه الرجال... بين المجاهدين من جهة، والمنافقين والخونة والجواسيس من جهة أخرى، ولن يكون النصر إلا لرجال النصر، ويسألونك: متى هو؟ قل عسى أن يكون قريباً، برغم كل هذا الظلام الذي يغشى الناس، لتضيع الحقائق في تماهيه مع النفوس المظلمة السوداء.