كتاب رشفات سياسية في كؤوس أدبية
الرشفة الأولى :
أ) ديموقراطية :
لمّـا سألتُ عن الحقيقةِ ، قيـلَ ليْ : الحقّ ما اتّـفقَ السواد عليهِ
فعَجبتُ كيفَ ذَبحتُ ثَوريَ في الضُحَى والهِند ساجدةٌ هناكَ.. لـدَيهِ
نَرضَى بحُـكْمِ الأكـثريّةِ مثـلمـا يَرضَى الوليدُ الظلمَ مِن أبَويهِ
إمّـا لِـغُـنْـمٍ يَرتَجـيهِ مِـنهـما أوْ مِنْ مَخافَةِ أنْ يُسـاءَ إليهِ
ب) مسؤوليّة الراعي:
* لا يُـلامُ الذئـبُ في عـدوانِــه إنْ يَـكُ الراعيْ عَدوَّ الغَـنَمِ
* ومَنْ رَعَى غَنماً في أرضِ مَسـبَعةٍ ونامَ عنها تَولّى رعيَها الأسَدُ
* إذا وضَع الراعيْ على الأرضِ صدرَه فحَقٌّ على المِعزَى بأنْ تتَبدّدا
ت) إباء الأمم :
* إذا ما المَـلْـكُ سامَ الناسَ خَسْـفـاً أبَـيْـنا أنْ نُـقِرَّ الذلَّ فينا
* إذا المَـلِـك الجَـبّارُ صَعَّـرَ خَـدَّه مشَينا إليهِ بالسيوفِ نُعاتِبهْ
ث) حكمة وحزم :
ومَنْ لايَـذدْ عنْ حَـوضِه بسلاحِـه يهدَّمْ ، ومَنْ لايتَّقِ الشَتمَ يُشتَمِ
ومَنْ يَعـصِ أطرافَ الزِجاجِ فـإنّه يُطيع العَواليْ ركَّبتْ كلَّ لَهْذَمِ
( الزِجاج : جمع ، مفرده : زِجّ ، وهو عقب الرمح . ويُرفَع عند طلب الصلح ، أو المهادنة . فمَن أبَى الاستجابة لهذا ، فدواؤه العَوالي أيْ : الرماح ، وقد ركّب عليها كل سِنان حادّ قاطع !).
ج) قيادة الناس :
لا يَصلحُ الناسُ فوضَى ، لا سَراةَ لهمْ ولا سَراةَ إذا جُهّـالهمْ سادوا
12/1/2007
الرشفة الثانية :
أ) قيلت في عهد الاستعمار الفرنسي .. ما أشبهَ الليلة بالبارحة :
سَلام مِن صَـبا بَردَى أرقّ ودمْع لا يكَفكَف.. يا دمشقُ
وبيْ ممّا رمَتـكِ به اللياليْ جِراحاتُ لَها في القلبِ عمقُ
ب) وراثة الخيانة :
ومَن رضَعَ الخيانةَ وهوِ طِفلُ فلنْ يَرعَى الأمانةَ في المَشيبِ!
ت) وراثة الأذى :
هذيْ العَصا مِن تِلكُم العُصَـيّةْ هـلْ تَـلِد الحَـيّة إلاّ حَـيّةْ
ث) أصنام.. وأصنام:
أمّتيْ.. كَمْ صَـنَمٍ مَـجّـدتِه لمْ يكنْ يَحملُ طُهرَ الصَـنَمِ
ج) ذاك عن قضاء دنشواي .. فماذا عن قضاء حَماة وتَدمر!؟
إيهِ يا مِـدْرَهَ القَضاءِ ويا مَنْ سادَ في غفلةِ الزمانِ وشادا
أنتَ جَـلاّدنا..فلا تَـنْسَ أنّا قدْ لبِسنا على يَـديكَ الحِدادا
ح) أبواق الاستبداد :
وإذا أصبحَ المـفكّر بُـوقاً يَستويْ الفِكْر عِندَها والحِذاءُ
خ) وزير:
يا وزيرَ الاقتصادِ الوطَـنيْ دلّنيْ مِن أينَ أصبحتَ غَنيْ!؟
لمْ تهاجِر, لمْ تتاجرْ، لمْ تَرثْ عنْ أبيكَ الفَـذّ غيرَ الرسَنِ!
د) مجلس نواب :
في كلّ كرسيّ تَربّـعَ نائِبٌ متكتّـفٌ أعْمَى أصَمّ أخرَسُ!
16/1/2007
الرشفة الثالثة :
أ) سيادة الوزير :
زيدوا له البرسيمَ والشَعيرا وبَـطِّنوا جِلالَه حَريرا
فقد غَـدا مَحسوبُـكم وزيرا !
ب) إلى سجناء الرأي والحرية في أقبية الطغاة :
الأسْد تَزأر في الحديد ، ولن تَرى في السجن ضرغاماً بَكى استِخذاءَ
ت) إلى طلاب الحريّة :
وللحريّة الحمراءِ بابٌ بكلّ يدٍ مضرّجةٍ يدَقّ
ث) الرؤوس.. والرعاة:
إذا هانت رؤوسُ الناس هانوا وإن ضاعت رعاةُ الناس ضاعوا
وإنْ غابت أسود الغابِ عَـنه تـولّـتْه الثَـعالـبُ والضِبـاع
وإنْ صار المنافقُ شَيخَ فَتوَى فَما يـجديْ الـقـياسُ أوالسَماع!
ج) ألقاب في غير موضعها :
ممّا يزهّدني في أرضِ أندلسٍ أسماءُ معتَمِـدٍ فيها ، ومعتَضِـدِ
ألقابُ مملكةٍ في غيرِ مَوضِعها كالهرّ يَحكيْ انتفاخاً صَولةَ الأسَدِ
ح) نائب صغير.. في مجلسٍ كبير:
إذا جلسَ العصفورُ في مَجلس الصقرِ ولمْ يَدرِ أنّ الهُونَ في صَدرهِ يَسري
فقدْ جَمَعَ الشَرّيـْنِ: ذلاً وغَـفْـلـةً وأغرَى صِغارَ البومِ بالمجلسِ المغْري
خ) نائب.. لا يَنوب عن أحَد :
عمّنْ تَنوب هَداكَ الله ، ياهذا !؟ ولَستَ(مَنْ ؟) في سؤال الناس، بل (ماذا)!؟
د) بلاء الأمم :
إذا حَمَـلَ الرئيسُ أخَـفَّ رأسٍ ولَـمْ يَـزِرِ الوزيرُ سِوَى المَخازي
فـقُـلْ: يا أمّـةً بُـلِـيَتْ بِهذا ستُجزَيـنَ الردَى .. إنْ لمْ تُجازِي!
18/1/2007
الرشفة الرابعة :
أ) مَرحباً ياعراق :
مَرحَباً ياعراق.. جئتُ أغَـنّيكَ ... وبَـعضٌ مِن الغِناء بكاءُ
ب) عِبَر:
لكلّ شَيءٍ ، إذا ما تَمّ نُقصان فَلا يُغَـرّ بِطِيبِ العَيشِ إنسان
ت) أشواق :
لا الغـوطَتـانِ .. ولا الشَبابُ أدعـو هَوايَ.. فَـلا أجـابُ
ث) طغيان .. وشموخ:
يَسومنا الصنَمُ الطاغيْ عِـبادتَه لنْ تَعبدَ الشامُ إلاّ الواحدَ الأحَدا
ج) فَهْم الحياة:
تأخّرتُ أستبقيْ الحياةَ .. فلمْ أجِدْ لنَفسيْ حياةً مِثلَ أنْ أتَـقـدّما
ح) قِمَم.. وحفَر :
ومَن يتَهـيّبْ صعودَ الجـبال ... يَعِـشْ أبَـدَ الدَهرِ بينَ الحفَـرْ
خ) قلوب مبعثَرة :
بالشام أهليْ ، وبَغدادُ الهَوى ، وأنا بالرَقْـمَتَينِ ، وبالفُسطاطِ إخوانيْ
وما أظنّ النَوَى تَرضَى بِما صَنعَتْ حتّى تبَـلّـغَنيْ أقصَى خُراسانِ
د) عشق :
يا مَنْ تُعنّفُ قلباً في الهَوى هاما لنْ تَعرفَ العِشقَ حتّى تَعشقَ الشاما!
ذ) الجرح :
بورِكَ الجرحُ الذي ضَـمّ على شَمْـلِه أشْـتاتَ شَعْـبٍ مُـغْضَبِ
26/1/2007
الرشفة الخامسة :
أ) نيابة .. ورئاسة /هُزلـَتْ ..! /
1- عند ترشيح مجلس الشعب ، لحافظ أسد ، لآخر فترة رئاسية له، وهي التي عاجله الموت قبل أن يتمّها ، تمثّل رئيس مجلس الشعب السوري ، المدعو عبد القادر قدّورة ، بأبيات لشاعر قديم ، قالها في أحد خلفاء بني العباس .. وهي :
أتَـتْه الخِلافةُ منـقادةً إلـيهِ تُجـرّر أذيالَـها
فلمْ تَـك تَصلح إلاّ لَه ولمْ يَـك يَصلح إلاّ لَها
ولو رامَها أحد غيرُه لزلزلت الأرض زلزالَها
وقد قَصد رئيس المجلس بالطبع ، (الرئاسة) التي لم تكن تَصلح إلاّ لحافظ أسد، ولم يكن حافظ أسد يَصلح إلاّ لَها ..! والغريب أنها صلحت لابنه من بعده ، وصلح ابنه لَها ! ومن يدري ..! لعل حافظاً الصغير، بعد سنين طويلة ، يجد رئاسة سورية ، لا تصلح إلاّ له ، ولا يَصلح هو لعمل في الدنيا ، إلاّ لها..! هذا إذا لم يكن شعب سورية ، قد سَئم هذا النوع من الصلاح ..فأفسَده !
2- وفي سياق مشابه لهذا السياق ، قال أحد الشعراء:
لقد هُزلتْ حتّى بَدا مِن هـُزالِها كُلاها.. وحتّى سامَها كلّ مفـلِس !
ب) أوطان :
1) وليْ وطَن آليتُ ألاّ أبـيعَه وألاّ أرى غيريْ لَه ، الدَهرَ، مالِكا
2) وطَن عليهِ مِن الزمانِ وَقارُ الـنورُ مِـلءُ شِـعابِه والـنارُ
تَغفو أساطيرُ البطولةِ فـوقَه ويَهـزّها مِن مَهدها التِـذكارُ
فتطِلّ مِن أفقِ الجِهادِ قَوافـلٌ مضَرٌ يَـشُـدّ رِكابَـها ونِزارُ
3) لَعَمركَ ما ضاقتْ بلادٌ بأهلِها ولكنّ أخلاقَ الرجالِ تَـضيقُ
9/2/2007
الرشفة السادسة :
أ) جدول الضياء:
هكذا جَدولُ الضياءِ تفجّـرْ هكذا راحت الملايينُ تَـزأرْ
وهـتافٌ كالرعدِ : الله أكبرْ إنّ شَـعباً يريد أنْ يَتحَـرّرْ
ب) كشِفتْ الاتصالات السرّية ، بين الأسد (المُمانع!)، وبين دولة الصهاينة، فعَجب بعض الأبرياء الطيّبين ، الذين يحبّون الهتاف لكل شعار جميل .. عَجِبوا من هذه الباطنيّة ، ومن هذا النفاق :
لا تَعجَبوا للغادرِ ابنِ الغادرِ ورثَ الخيانةَ كابِراً عن كابـرِ!
لا تَصبِروا حتى يَبيعَ بلادَكمْ ويَبيعَـكمْ فيها.. كألأمِ تاجـرِ
فالعَجْز:لا صَبْرٌ، ولا حِلمٌ، ولا يأتي لِصاحبهِ بأجْـرِ الصابـرِ
ثوروا، بصدقٍ، ثورةً هـدّارة كيْ تَعصفوا بالصامدِ ابنِ الثائرِ!
إنّ احتمالَ الذلّ ذلّ فـاضحٌ فتَحرّكوا .. والله أكـرمُ ناصرِ
ت) ألوان من السيادة :
1- لولا المشقّـةُ ساد الناسُ كلّهمُ الجود يُـفْـقِرُ، والإقدامُ قَتـّالُ
2- ليسَ الغَبيّ بسيـّدٍ في قَـومِه لكنّ سَـيّـدَ قومِه المُـتَغابيْ
ث) الحقد والزعامة ، بين الأمس واليوم :
ولا أحْمِلُ الحِقدَ القَديمَ عليهمُ وليسَ زعيمُ القومِ مَنْ يَحملُ الحِقدا
ج) القيَم الكبيرة ، والرجال الكبار :
على قَدْرِ أهل العَزمِ تأتي العَزائمُ وتأتي على قَدْرِ الكِرامِ المَـكارمُ
وتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها وتَصغُر في عَينِ العَظيمِ العَظائمُ
ح) أوثان ساقطة :
لمَـسْـتُ فُتورَ الهَوى مِنْ لَميسْ أقولُ : مَتى !؟ فتقولُ : الخَميسْ
وكلَّ خَميسٍ تَـقـولُ : الخَميسَ الذي سَوفَ يَـأتيْ.. ورأسِ الـرئـيسْ
ألـمْ تَجِـديْ يا ابْـنَـةَ الوَغْـدِ مِنْ وثَـنٍ ساقـطٍ ، غيرَ هذا الخَسيسْ !؟
10/2/2007
الرشفة السابعة :
أ) إلى المخدوعين بلعبة الحلـفَين المتصارعَين ، الرومي والفارسي ، اللذَين ينسّقان الأدوار بينهما :
وما انتفاع أخي الدنيا بناظرِه إذا استَـوَتْ عندَه الأنوارُ والظُـلَـمُ!؟
ب) إلى رئيس جمهورية ، انتقل إليه الحكم بالوراثة ، وما علّمه أبوه ، الذي ورّثه الكرسي ، من فنّ السياسة ، إلاّ الكذب وإخلاف الوعد ! أمّا الخنوع لأجهزة المخابرات ، التي تلحس قراراته ، فنابع من طبيعته المائعة الهشّة :
1- وما تَـمَسّـكُ بالوَعدِ الذي وعَدتْ إلاّ كَما يُمْسِك الماءَ الغَرابيلُ
صارتْ مُواعيد عرقوبٍ لَها مثَـلاً فَما مَواعيدها إلاّ الأباطـيلُ
2- مازال يَكذِب حتّى صارَ كَذّابا ثم ارتدَى الكَذِبَ المَفضوحَ جِلبابا
3- خَـليفَـةٌ في قَـفَـصٍ بَـيْـنَ وَصيفٍ وبُـغـا
يَـقـولُ ما قـالا لَـه كَـما تَـقـولُ الـبَـبَغا!
4- ويَـنْـشأ ناشِئُ الفِتيان فينا على ما كان عَـوّدَه أبوه
ت) الكبار بين الحياة والموت :
علـوّ في الحَياةِ ، وفي المَماتِ لَـحَـقّ تِلكَ إحْدى المُعجِزاتِ!
ث) الصغار بين الحضور والغياب :
ويُـقضَى الأمرُ حينَ تَغيبُ تَـيْـمٌ ولا يُستأمَرونَ وهمْ شهودُ
ج) القرار المدمّر:
إذا صَدرَ القَرارُ عن الحِمارِ أتـَنـتَظرُ البلاد سِوى الدَمارِ!؟
ح) الانتصارات السهلة :
ولو فُـتِحتْ بلادٌ دونَ حَربٍ بنَـقْر الدفِّ ، أو رقْـصِ السَماحِ
إذنْ لمَضَى الجَبانُ بكلّ أرضٍ يُـقيمُ ببَـلدةٍ حَـفْـلَ افـتـتاحِ!
خ) نكبة .. وعزم :
نُكِبتْ حَماةُ.. وظلّ عَزمُ حُماتِها عَزمَ الجِبالِ .. وتِلكَ بعضُ سِماتِها!
11/2/2007
الرشفة الثامنة :
الله يخرب بيتك ، يا مَن خربت بيتنا ! (طرفة مصرية قديمة)
كان أحد المصريين يتجول في الشوارع ، ويصيح : (الله يخرب بيتك ياللي خربت بيتنا) ، ويكرّرها دون توقف . وحين يسأله الناس : مَن هذا الذي خرب بيتك !؟ يقول :لا أدري (باللهجة المصرية : ما اعرفـش ) . ثم اقترب منه أحد عناصر الشرطة ، وطرح عليه السؤال : من هذا الذي خرب بيتك ( باللهجة المصرية : مين دا اللي خرب بيتك ، يا جَدع انتَ !؟) ، فقال : ( مااعرفش) . فقال له الشرطي بنزق ، باللهجة المصرية ( ما تعرفش ازّاي ، وانت داير بالشوارع تهيّص وتدعي ..!؟ ازّاي تدعي على راجل ، بخراب بيته ، وانتَ ما تعرفوش!؟) فقال الرجل (مااعرفش) . فبادر الشرطي إلى اقتياد الرجل إلى النظارة ، واحتجزه فيها حتى الصباح ، ثم حوله إلى المحكمة . فقال له القاضي :
- (انتَ تهمتـك يا ابني ، إنك ماشي بالشارع ، تهيّص وتدعي ، وتقول : الله يخرب بيتك ياللي خربت بيتنا . وأنا باسألك : مين ده اللي خرب بيتك ؟)
- الرجل ( مااعرفش ياسيدنا القاضي) .
كرّر عليه القاضي السؤال نفسه ، فكرّر الجواب نفسه.
وحين ملّ منه القاضي ، وأيقن أنه لن يجيب على السؤال ، أصدر عليه الحكم ، قائلاً:
أولاً : حكَمتْـك المحكمة ثلاثة أشهر (لأنك عامل هيصَة وشوشَرة بالشارع).
ثانيا: حكمتك المحكمة ستّة أشهر ( لأنك ما تعرفش اسم الريّس ) !
( سؤال : هذه الطرفة خاصّة بمصر، أم يمكن أن تشمل دولاً أخرى !؟ هذا السؤال مطروح على أولي الألباب ، بين المحيطين !).
20/2/2007
الرشفة التاسعة :
نماذج فريدة من السيادة ..!
حلّ رجل حضري ، ضيفاً على أحد زعماء القبائل في البادية ، فبالغ القوم في إكرامه والحفاوة به. وحين أوى إلى فراشه ، لم يستطع النوم ، لعدم تعوّده على نوع الفراش ، ومشاهد البيئة البدوية المحيطة به ، والتي لم يألفها ..!
وفي الصباح قام باكراً ، والناس نيام ، فكتب أبياتاً من الشعر،على قطعة كبيرة من الخشب، وانسلّ خارجاً من مضارب القبيلة ، مبتعداً عنها .
حين أفاق أصحاب البيت ، لم يجدوا الضيف ، ووجدوا الأبيات .. فقرأها بعضهم ، فاستبدّ بهم الغضب ، وأخذتهم الحميّة ، وهمّوا بركوب خيلهم ، للّحاق بالرجل ، والانتقام منه ، بسبب أبياته التي كتبها .
وحين سألهم صاحب البيت ، زعيم القبيلة ، عن سرّ غضبهم وحميّتهم ، قرأ له أحدهم الأبيات، وهي :
مَن رامَ أنْ يَـلـقى تَباريحَ الكُـرَبْ مِن نفسه فَـليأتِ أجْـلافَ العَـربْ
يَـرَ الجِمالَ والجِـلالَ والخَـشَـبْ والشَعرَ والأوبارَ.. كَـيفَـما انقـلَبْ
أسـرَقُ خَـلْـقِ الله . . عنْ أمّ وأبْ وأخْـشَنُ الناسَ ، وأخْزى مَن نَهَبْ
تألم الشيخ لسماع الأبيات ، وجحود الرجل ، الذي حظي بإكرام بالغ ، فردّ على الجميل ، بهذا السلوك القبيح . لكن الشيخ كتم ألمه في نفسه ، وقرر أن يبادر إلى معالجة الموقف بحكمة ، كيلا يلحق رجاله بالضيف ويؤذوه .. فقال للرجال : هل أنتم متأكّدون من أنكم قرأتم الأبيات بشكل صحيح !؟ فقالوا له : نعم يا شيخ . وأعادوا له قراءتها ، كما قرأوها أول مرة . فتبسّم الشيخ ـ وكان شاعراً ـ وقال لهم بهدوء وثقة : لا لا.. أنتم أخطأتم في قراءة الأبيات، فهي لا تُقرأ هكذا !
فسأله أحدهم : وكيف تُقرأ يا شيخ؟ فقال الشيخ : تقرأ هكذا:
مَنْ رامَ أن يُـلْـقيْ تَباريحَ الكُـرَبْ عَن نفسه ، فـليأتِ أخلافَ الـعَـربْ
يَـرَ الجَـمال ، والجَـلال ، والأدبْ والشِعْـرَ، والأوتار.. كَيفما انـقـلَبْ
أشْـرفُ خـلْـقِ الله .. عن أمّ وأب وأحسَنُ الناس ، وأجْـزَى مَنْ وهَـبْ
فقالوا له : أهكذا تقرأ الأبيات يا شيخ ؟
فقال الشيخ : نعم ، هكذا ! ولكنكم تسرّعتم في قراءتها ، وظلمتم ضيفكم ، وكدتم تتبعونه كي تؤذوه ، وهو لم يقل بحقّنا إلاّ خيراً .
فجمع الشيخ الحكمة ، مع كرم اليد ، وكرم النفس .. وأكرم ضيفه بداية ، وحفظه من الانتقام على سوء فعله ، في النهاية !
18/3/2007
الرشفة العاشرة :
أ ) إلى فَـرائس كسرى.. وطَرائده :
أيَـلهو بكمْ غِلمان (مانيْ) و(مَزدكِ) وأنتمْ حَيارَى .. بينَ لاهٍ ومُـشتَـكِ !؟ فإنْ لمْ تَصونوا الدينَ ، صونوا نساءَكمْ وأبناءَكـمْ ، مِن كلّ باغٍ ومُـشـركِ
وإلاّ.. فـظـلّـوا سِلعـةً وفَـريسةً لأجنادِ كسرى .. واهلِكوا شَرّ مَهْـلِكِ!
ب) ديك الهند وبغداد ، بين الأمس واليوم ( ديك الهند هو ديك رومي ، احتلّ الهند وبغداد بالأمس ، واحتل بغداد اليوم ) :
1- بالأمس : إنّ ديكَ الهندِ قـدْ باضَ ببغدادَ وزارهْ !
2- واليوم: على كلّ عودٍ صاحبٌ وخَـليلُ وفي كلّ بيتٍ رَنـّـةٌ وعَويلُ !
ت) عِزّة الحِمَى :
1- لا رآني الله أرعَى روضـةً سَهلةَ الأكنافِ ، مَن شاءَ رَعاها
2 – تـُخْصِبُ الدنيا ، فلا أطرقُها رائـداً.. إلاّ إذا عَـزَّ حِـماها !
ث) غضَب :
أصبحَ السَـفْـحُ مَـلعَباً للـنُسورِ فاغضَبي يا ذُرا الجِبال.. وثُوري
ج) أوثان.. وأوطان :
أيَموتُ في رئَـتيْ صُداحي والـزَيـفُ يَـغْـمر كلّ ساحِ
والجَهلُ.. سِكّـينُ الجِـراح ... يَـدِبّ حـتّى فـي الـجِـراح
وثَـنَ الشهور، وحارسَ ال ... وطـنِ الـذليلِ الـمُسـتَـباحِ
أدْمَـيْـتَ عِزتَـنا ، أخا ال ... العُـزّى .. أمـالَـكَ مِنْ بَراحِ!؟
ح ) قِـلّـة.. وعِـزّة :
تُـعَـيّرنا أنّا قـليل عَديـدنا فـقـلتُ لها : إنّ الكرامَ قَـليلُ
وما ضَـرّنا أنّا قليل ، وَجارُنا عَـزيزٌ، وجارُ الأكـثَرين ذلـيلُ !؟
25/2/2007
الرشفة الحادية عشرة :
أ) حمار أحمد شوقي .. بين الأمس واليوم :
1- بالأمس قال شوقي :
سقطَ الحمارُ من السفينة في الدجى فبَـكى الرفاق لـفَقدِه..وترحّموا
حتى إذا طـلعَ الصباح أتـتْ بـه نحـوَ السفيـنةِ مَوجة تَـتـقدّم
قالت : خذوه ، كما أتاني .. سالماً لـمْ أبتـلـعْه..لأنه لا يُـهضَم
2- واليوم للحمار شأن آخر:
قَـرّوا .. فـما سقطَ الحمار مِن السفينة .. يا رفاقْ
هو ما يزال يقودها.. كَـلِـفاً ، على قـدَم وسـاقْ
ونَـهيقُه حاديْ الورَى .. ما بينَ طنجةَ والـعراقْ
ب) نفوس كبيرة :
1- وإذا كانت الـنفوسُ كـباراً تَـعبتْ في مُرادها الأجـسامُ
2- نفسُ عِصامٍ سَوّدتْ عِصاما وعلّـمتْـه الكَـرّ والإقـداما
وصَـيّرتْـه بَـطلاً هـُماما حتّى عَـلا ، وجاوزَ الغَماما
ت) أنسام الشام:
إذا هبّتْ الأنسامُ شاميّةَ الشَذا تَمايلتُ مِن سكْر، وإنْ كنتُ صاحيا
ج) عروس المجد:
ياعروسَ المَجدِ ، تيهيْ واسحَبيْ في مَغانـينا ذيـولَ الـشُهـبِ
لنْ تَـرَيْ حَـبّةَ رملٍ فَـوقَـها لمْ تُـعطّـرْ بِـدِما حـُرّ أبـيْ
دَرجَ البَـغْيُ علـيها حِـقْـبَـةً وهَـوَى.. دونَ بـلـوغ الأربِ
وارتَمَى كِـبْـرُ اللياليْ دونَـها لَـيّنَ النابِ ، كَليل الـمِـخـلبِ
3/4/2007
الرشفة الثانية عشرة :
بسطارعَريفٍ مِن بَـلدي
اسحَبْ ـ مِن فضلِك ـ ياجاري رأسيْ ، مِن تحتِ البُسطارِ
اسحبْ رأسيْ .. ثمّ اسـألـنيْ عن أوراقي .. أو أحباريْ
سَـلني عن شِعري ، عن نثريْ عن آرائي .. عن أفكاري
سَـلـنـي عـن أحـلام الأطـفـالِ .. وعـنْ تَـغريدِ الأطـيـارِ
سَـلـنـي ـ إنْ شئتَ ـ عن الـتـاريخ .. ومـا فـيـه مِن أخبارِ
سَـلـنـي عنْ بَـدرٍ والـيَـرمـوكِ ، وعنْ عِـمْرانَ ، و عَـمّـارِ
سَـلـنـي عـن حَـمْـلَـةِ نابـلـيـونَ ، وأحـمدَ باشـا الجَـزّارِ
اسْـحَبْ رأسيْ ، ثـمّ اسألـني فـبـِرأسي شَـتّى الأسـرارِ
سَـلْ عمّا شِئـتَ أجِـئْـكَ بهِ مِن بـينِ بُـطونِ الأسـفـارِ
سَـلـني إنْ شِئتَ عن الرازي والأخْـفَـشِ وابـنِ الأنباريْ
سـلـني عن ( نَـفْح الطيبِ) إذا أحْـبَـبْـتَ ، و( نَـيْـلِ الأوطار)
سَـلني عن قومي ، عن أهلي سَـلني عن بلَديْ ، عن داري
اسحَـبْ رأسي ، ثمّ اسـألني اسحَـبْه ، وعَجّـلْ يا جاري
اسحَـبْـه ، وقـلْ ليْ هـلْ هـذا الـمُـتَـكَـوّم كَـجِدارِ الـنـارِ:
بُسطارُ عَريـفٍ مِنْ بَـلـدي فَـوقيْ ، أمْ نِـيـرُ استعمارِ!؟
19/4/2007
الرشفة السادسة عشرة :
أ) لاسيادة مع الحقد:
لايحمل الحقدَ مَن تعلو به الرتبُ ولا ينال العُلا مَن طبعُه الغضبُ
ب) القدس وهمم الرجال
كلنا ، لو أسعفتنا همّة همّنا القدسُ ، فتحيا الهممُ
كلنا أودى هوى القدس بنا ذاك مشغوف وهذا مغرم
كلنا صرعى غرام قاتلٍ ويحَنا ! أين المحبّ المقدِم !؟
ت)الرأي والمشورة:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن برأي نصيح أو نصيحة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة فريش الخوافي قوة للقوادم
ث) الرأي والعزيمة :
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تترددا
ج) الرأي والشجاعة :
الرأي قبل الشجاعة الشجعان هو أولا وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفس حرة بلغت من العلياء كل مكان
ح) حكم الذئاب :
إلى الله أشكو أننا بمنازل تحكم في آسادهن ذئاب
خ) الفجر الآتي :
ياظلام السجن خيم إننا نهوى الظلاما
ليس بعد الليل إلا فجر مجد يتسامى
د) الفرقة دمار :
كونوا جميعا يابني إذا اعترى خطب ولاتتفرقوا آحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت أعوادا
ذ) إلى ألسنة النفاق التي تدافع عن الخائنين :
مه.. لاتكن للخائنين خصيما فتعيش نذلا أو تموت ذميما
ر) ممثل الشعب :
ياجالسا في مجلس الشعب خزيان بين الذل والرعب
هلا حفظت النفس من قلق وأبيت ذل الموقف الصعب
الرشفة السابعة عشرة
أهدي هذه الأبيات ، إلى الضحايا الأهوازيين ، الذين التجأوا إلى بشار الأسد ، فأظهرَ لهم من صنوف المروءة العربية ، التي اشتهرت بها أسرته ، والوفاء الإنساني ، الذي ورثه عن أبيه ، مايخلّده ، ويخلّد أسرتَه ، بين الأجيال ، إلى آخر الدهر ! إذ استضافهم في السجون والمعتقلات الرحبة المريحة ( خمس نجوم !) ، التي يعرفها شعب سورية كله ..! ثم أسلمهم إلى أجهزة بلادهم ، التي التجأوا منها إليه .. وأعدّت لهم متّكأ فريداً ، في قصور وجنّات ، تحت الثرى ، لايرون فيها شمساً ولا زمهريرا ، ولا تمزّق جلودَهم فيها سياط ، ولا تكسّر عظامَهم فيها عصيّ ، أو جنازير! فليهنأ أهل الأهوازالكرام ، بالوفاء الأسدي البديع ، والمروءة العربية الأصيلة ، واللطف الفارسي النادر!
أحْـَسنـتُـمُ في اخْـتـيـار الحِصْـنِ والجارِ
أحسنـتُـمُ في اخْـتـيـارِ الحِـصْنِ والـجارِ
يا لاجـئـيـنَ إلى ابْـنِ الـمَجْـدِ.. بَـشّـار!
هـذا الـفـتَى الـشَهـمُ لا يَـشْـقَى بِه أحَـدٌ
مِـن قـاصِـديـهِ ..عَـزيـزُ الـنـفْـسِ والـدارِ!
لا سـُوءَ في طَـبْـعهِ ، لا لـؤمَ في دَمـهِ
فَــلـيـسَ مِـنْ نَـْسـلِ خَـوّان وغَـدّارِ!
وقَـدْ حَـظـيـتـمْ بـه ، مأوىً ومُـلـتَـجأً
وجَـنّـةً .. لـلـشَـريدِ الـجـائعِ الـعـاري !
قـدْ اسـتَجـرتـمْ بهِ ، في ليلِ كُـربَـتِـكـمْ
فَـما اسْـتَـجـرتـمْ مِن الرمضاءِ بـالـنـارِ !
سـُجـونـُه لا كأنـواعِ السجـونِ .. أمـا
كـنـتـمْ بِـروضٍ ، ومـاءٍ سَـلسَـلٍ جـارِ!؟
فـإنْ يـكـنْ لِـيَـدِ الجَـزّار أسْـلـمَـكـمْ
فـقـدْ تـَحرّى لـكـمْ عَـنْ خَـيْـرِ جَـزّارِ !
فَـحَـرّضوا ، يـا بَـنـيْ الأهـوازِ قَـومَـكـمُ
على انْـتِـجاعِ أبِـيِّ الـنـفْـسِ مِـغْـوارِ !
ولـنْ يـُرَى ، بَـعْـدُ ، في أهْـوازكـمْ أحَـدٌ
فـوقَ الـثَـرى ، يَـشْـتـكيْ مِن بَـطْـشِ جَـبّـارِ!
سَـتَسكـنـونَ ، جَـميعاً ، جَـوفَ مـقـبَـرةٍ
فَـسـيـحةٍ .. دونَ غَـسّـال وحَـفّـار !
كأهْـلِ تَـدمـُرَ .. هـلْ تَـدرونَ قِـصّـتَـهمْ
صـاروا أحـاديـثَ جُـلاّسٍ وسـُـمّـار!
وسَـوفَ يَـبْـنيْ بَـنُـو ( فَـيـروزَ !) فَـوقَـكـمُ
قُـصـورَهـمْ .. رَمْـزَ إجْـلالٍ وإكـبـار!
طـوبَـى لـكـمْ ، يـا بَـنـيْ الأهْـوازِ.. تُـسْـلِـمـُكـمْ
بـيـنَ الـنَـعـيـمَـيْـنِ ، أقْـدارٌ لأ قْـدارِ!
1/11/2007 سامي رشيد
وسوم: العدد 705