قراءة في رواية: عمر يظهر في القدس!
للدكتور : نجيب الكيلاني
تتخيل هذه الرواية عودة الخليفة عمر بن الخطاب إلى الدنيا بشكل مفاجئ ، ليظهر في القدس بعد النكبة التي أصابت العرب والمسلمين عام ١٩٦٧ م ، فيدهش من مظاهر التغيير التي حدثت في المدينة ، ويتألم للواقع السيء الذي يعيشه الناس فيها !؟ فيشخص الأدواء، ويعطي حلولاً لها !
ومن خلال خوف الصهاينة من هذه الشخصية ، وعدم تصديقهم بحقيقتها ، وأن يكون صاحبها أحد رجال المقاومة ، تبرز مهمة الفتاة اليهودية ( راشيل ) لكشف هوية هذا القادم ..... فتعجب به ، وتتأثر بأحواله !
ثم يلقى القبض عليه بعد حادثة تفجير ، ويؤتى به إلى مستشفى يضم عدداً من الأطباء العرب .
ومن خلال الضجة التي أحدثها وجوده ، تحاول السلطات المحتلة اغتياله ، ويسعى الأطباء العرب إلى تهريبه !
وفي أحد الأيام يستيقظ الجميع فلا يجدون له أثراً ؛ إذ يختفي فجاة كما ظهر ! فتُقتل راشيل ، ويُسجن الأطباء بتهمة الاشتراك في شبكة جاسوسية يتزعمها شيخ فدائي يدعي أنه عمر بن الخطاب !؟
صورت هذه الرواية واقع الهزيمة والضعف ، وعرضت لعدد من القيم والخصال التي عُرف بها عمر ! لتظهر مدى مايتعرض له الإنسان المسلم من أزمات ومعاناة في هذا العصر ، حين يمضي مستمسكا بهدي ربه ؟!
والرواية تربط مابين الماضي والحاضر بأسلوب جديد مبتكر ، وسرد وحوار رفيعين ، وموضوعها تميز بالجرأة والوضوح وهي تتقارب كثيراً مع قصة ( العريف عمر يموت مرتين ) للكاتب إبراهيم عاصي من أن كلاً منهما لم يطّلع على ماكتبته الآخر بحسب تاريخ النشر !
وفي تعليق عليها للناقد محمد حسن بريغش ( في كتابه : في الأدب الإسلامي المعاصر . دراسة وتطبيق ) أنها من الآثار الأدبية التي استطاعت أن تأخذ مكانها في عالم الأدب المعاصر ... فتدخل معترك الحياة المعاصرة ، لتعالج قضايا الواقع ، ومشكلات الإنسان من خلال المنظار الإسلامي الصحيح !
إذ أراد الكاتب أن تكون القدس صورة للعالم الإسلامي والعربي !؟
فالصورة الدامية التي ظهرت على مسرحها هي صورة لكثير من الحقائق التي تجري هنا وهناك على امتداد العالم الإسلامي كله !؟
وأما شخصية عمر في مواجهة هذا الواقع - من الناس والأحداث - فهي شخصية المسلم الحقيقي ، بوضوحه وإشراقه ، بإيمانه الصلب ، وإسلامه الواضح المتميز ، بوعيه وإدراكه لما وراء هذه المظاهر ، بإخلاصه وصفائه ، بقوته وجرأته ، باستقامته وعدله ، بوطنيته وتضحيته !!!
وسوم: العدد 751