حول جائزة أفضل ممثل في المهرجان الدولي لمسرح الطفل في تونس
حول جائزة أفضل ممثل في المهرجان الدولي لمسرح الطفل في تونس:
أسامة مصري ينافس الأطفال في طفولتهم
*سرّني جدّا خبر تلقّي ابن مدينتي عكا الفنان أسامة مصري، بجائزة أفضل ممثل في مهرجان مسرح الطفل الدولي في تونس... ليس لدي معلومات عن هذا المهرجان، لكنّي أعرف جيّدا الفنان أسامة، المحبوب من قبل الصغار والكبار، ومدى عطاءه الفني على مدى أكثر من أربعين عامًا، وما يستحقه من تكريم وجوائز، وقد كرّم بالفعل في العديد من المهرجانات والمناسبات الفنية، ولكن هذه المرّة، كانت اعتراف بقدراته الفنيّة العالية وخاصّة في مسرح الأطفال.
حسب متابعتي لأسامة مصري في أعماله المسرحية للصغار، وتصرفاته على المستوى الشخصي مع جميع الأطفال، ولا يهم أين يلتقيهم، وإن كان يعرفهم من قبل أم لا، فأنّك تجده دائمًا ينافس الأطفال في طفولتهم، وأعتقد بأن هذا هو سرّ نجاحه الكبير في صياغة شخصيات ونصوص البرنامج الذي أصبح رقم واحد في العالم العربي، على قناة الـ "يوتيوب"، "فوزي موزي وتوتي".
لم تتح للفنان أسامة مصري من قبل المشاركة ضمن المسابقات الرسمية في المهرجانات كممثل، ولكنّه شارك ككاتب في مهرجان مسرح الطفل في مدينة سخنين بمسرحية "سوق الحكاوي" من إنتاج مسرح "النقاب" وقد حاز في حينه على جائزة أفضل نص. ورغم قيمة هذه الجائزة، إلى أن القيمة الكبرى لنصوص الأطفال التي كتبها أسامة مصري تجدها في معظم المسارح المحليّة، حيث أن جميع المسرحيات التي كتبها تعيش لسنوات طويلة بنجاح مستمر. وما زال المصري يزوّد المسارح بمثل هذه النصوص، والاقبال عليه لم ينقطع، فقد علم الجميع بأنّ نصوصه هي الحصان الرابح في الحلبة.
نعود للجائزة الدولية التي حصل عليها أسامة عن مسرحيته "الخجول". يعرض أسامة أمام الجمهور، معاناته الاجتماعية، كونه لا يتواجد مع العائلة وطفله الصغير، بسبب تواجده الدائم خارج البيت في العروض المسرحية والتلفزيونية والسينمائي وغيرها، وفي إحدى الليالي، وأثناء استعداده للذهاب لعرضه المسرحي كالمعتاد، يصطدم مع طفله الذي يصرّ على أن يبقى بجانبه ويحكي له قصّة ما قبل النوم، ليثبت له مدى حبّه له... فيضطر الوالد الممثل، أن يرتجل له قصة، هي في الحقيقة ذكرياته كطفل عربي قروي، فقد طفولته بسبب نهج التربية التي اتبعها آباءنا.
الفكرة مأخوذة عن قصة للأديب د. أحمد هيبي، يقدم فيها من الذاكرة، جانباَ إنسانيا من حياة الولد القروي العربي الفلسطيني، من خلال قصة حقيقية لولد صغير كان أبوه يعتمد عليه كثيرا: "أوعك تقول إنك خايف، أنا إبني زلمي". ونتعرف من خلالها على مخاوف الولد عندما يريد له الوالدان أن يتصرف كالكبار فيفقد طفولته: "يابا أنا مش زلمي، يابا أنا ولد". ويتخلل المسرحية مشاهد ومواقف كوميدية طفولية بريئة، وهي في نفس الوقت متعة فنية لجميع أفراد العائلة.
استطاع أسامة بذكائه وخبرته في مجال المسرح وخاصة المونودراما والطفل، أن يقدم عمل مسرحي كامل على مدى (45) دقيقة، دون الاستعانة بالديكور أو الإكسسوارات أو المؤثرات الصوتية والضوئية، وقد نجح بإقناع الجمهور بوجود كل هذه التقنيات رغم عدم وجودها، فأصدر أصوات من فمه، واستعمل الكرسي اليتم الذي على خشبة المسرح، ليحوله إلى سرير وسيارة وغيرها، استعان بقدرته على تمثيل الإيماء بتصوير العديد من الإكسسوارت واستعمالاتها، وفي كل جزء من هذه التقنيات التي تعتمد على قدرات الممثل، يشعر المتلقي بالسعادة لأن المؤدي يحترم ذكائه.
أعتقد بأن هذه المسرحية التي قدمها أسامة للصغار وللكبار على حد سواء، تستحق أكثر من جائزة على جميع عناصر تركيباتها. من نص وإخراج وسينوغرافيا وغيرها.
ألف مبروك يا أنغش فنان، ومنها للأكبر.
وسوم: العدد 988