المهرجان العالمي لأفلام الجبال والمغامرات في النمسا2010
المهرجان العالمي لأفلام
الجبال والمغامرات في النمسا2010..
أبطال يسجلون تاريخ الإنسانية في عالم الجبال
بدل رفو المزوري
النمساغراتس
من مهرجان أفلام الجبال والمغامرات في غراتس النمساوية
أقيم في مدينة غراتس النمساوية المهرجان العالمي لأفلام الجبال والمغامرات في دورته الثانية والعشرون من الفترة 911 ولغاية 13 112010. وكما ذكر في الملف الصحفي للمهرجان بأنه يعد وليمة للمتسابقين والمغامرين ومحبي الطبيعة وكذلك تعد لحظات صعبة في التقاط الانفاس .يرأس هذا المهرجان متسلق الجبال العالمي النمساوي روبرت شاور الذي قال بأن 29 دولة اشتركت بأفلامها في هذا العام. وكذلك تحدث عن الفلم العالمي (قمة جبل اليأس) الذي انطلق من هذا المهرجان وعرض بعدها في صالات العالم . تدير المهرجان بربارا تاوشر.إنه بانوراما عالمية لتسلق جبال بكل أنواعه والرحيل إلى حيث الحضارات الغريبة ، وكذلك المغامرات المدهشة بالزلاجات على الثلج والجليد وصور رائعة لحضارات العالم. لقد تم اختيار 113 فلما من مجموع 247 . عرضت هذه الأفلام في عدة صالات سينما ومنها كاتدرائية الجبل وصالة شوبارت وصالة شتيفاني وصالة الموسيقى . ابتدأ المهرجان قبل الموعد المحدد بيوم وذلك لكثرة الأفلام المشاركة.
أفلام المهرجان:
قسمت أفلام المهرجان إلى 5 أقسام :
1 ـ أفلام وثائقية حول جبال الألب.. وهي أفلام حول الاستكشافات وتسلق الجبال مع شهادات حول جبال الألب .
2 ـ التسلق على الصخور والجليد..أفلام حول رياضة تسلق الجليد والصخور التي تعد رياضة نشيطة في عالم الجبال والحركة السريعة للمتسلقين.
3ــ أفلام المغامرات.. أفلام مغامرات لأولئك الأشخاص الذين يمتلكون مهارات خارقة في توثيق البيئة والطبيعة.
4 ــ الطبيعة والبيئة .. مواضيع هذه الأفلام تتناول المحافظة على البيئة في كل أنحاء العالم.
5 ــ أفلام الألب والحضارات الغريبة..أفلام ووثائق حول الحضارات الغربية وكذلك في جبال الألب.
في اليوم الافتتاحي للمهرجان العالمي التقيت بالسياسية النمساوية التي كانت مسؤولة القسم الثقافي في حكومة الإقليم السابقة واليوم تعمل في حكومة الإقليم كعنصر فعال وهي( د. بتينا فولات ).ودار حديث بيننا حول الثقافة والاندماج بالحضارات والترجمة وأفلام الجبال. وفرحت جدا بذلك الجسر الثقافي في مجال الثقافة بين النمسا وكوردستان وقالت:" كم كنت أتمنى أن أتعلم العربية".. لأن والدها كان يعمل ضمن السلك الدبلوماسي. وهنأتني على كتابي الأخير المترجم من النمساوية إلى اللغة الكوردية . وسألت إن كان الكورد لهم اهتمامات بالثقافة النمساوية والأدب النمساوي؟؟د. فولات لها بصمات واضحة في القسم الثقافي في حكومة إقليم شتيامارك وحديث شيق أيضا حول الجبال.
وللسياسيين أيضا أحاديث حول السينما وأفلام الجبال ومنهم:
فرانس فوفيس..رئيس إقليم شتايامارك النمساوي :" إن مهرجان الأفلام العالمي للجبال والمغامرات في دورته الثانية والعشرون يحمل بين ثناياه الخيال الواسع واحتمالاته مع الطبيعة". وتمنى لكل المساهمين والمشاركين كل التوفيق ونجاح شتاياماركي.
أول فلم شاهدته في هذا المهرجان العالمي هو (على آثار البدو الرحل) ويتألف من أربعة أجزاء..يعد الفلم من أفلام المغامرات وسيظل عالقا في ذهن من شاهده طويلا .يحكي الفلم قصة المغامر الاسترالي الشاب (تيم كوبي) الذي يعيد إلى الأذهان قصة الأسطورة(جنكيزخان) إلى زمننا.رحلة المغامر الاسترالي مع أحصنته الثلاثة وكلبه على آثار جنكيزخان ويحمل معه خارطة الطريق الذي اتخذه جنكيزخان لغاية وصوله شواطئ الدانوب في المجر .تبدأ الرحلة من عاصمة جنكيزخان (كراكوروم) ،رحلة مع الطبيعة القاسية ضد الأجواء والسهوب الطويلة المغولية .ولم يكن المغامر قد امتطى صهوة حصان قبل الآن وهذه المرة برفقة ثلاثة أحصنة وكلب، والغاية من الرحلة التعرف إلى طريق جنكيزخان وحلم حياته والتعرف على الحضارات الغريبة .في هذه الرحلة عليه أن يقطع 10 آلاف كيلو مترا ويعبر سلسلة جبال الالتاي في كازاخستان. استغرقت الرحلة ثلاث سنوات .يصور الفلم الطرق الوعرة والجبال الشاهقة والمآسي والإرهاق والأعاصير والطرق الشاقة التي تعرض لها هذا المغامر وحيدا ومعه كاميرته التي كانت تصوره. ويمر بقرى القوزاق والتتر والكازاخ. وفي قرى القوزاق يقطع رحلته للعودة إلى استراليا وذلك لوفاة والده في حادث ويقول بأنه أسوأ خبر في حياته. وبعدها يرجع ليكمل رحلته المغامراتية .يتعرف على ناس وقرى وعادات وتقاليد. أما في الجزء الرابع والأخير وفي نهاية رحلته إلى المجر التي أسست على آثار بدو رحل قدموا من الشرق تكون المفاجأة بأن ممثلين من كل الدول التي عبر منها في استقباله و وسائل الإعلام العالمي ووالدته. ويجهش هذا المغامر بالبكاء قبل الوصول إليهم بعد أن قضى ثلاث سنوات في طريق جنكيزخان. وقالها بحسرة كبيرة بأن رحلتي انتهت. فقد كانت حلمي. ويستقبل استقبال الأبطال. وتذكرت شرقنا وبلادنا لو فعلها مغامر لقالوا عنه مجنون ابن مجنون واأسفاه!!وتنتهي رحلة الأسترالي ويعود إلى أستراليا بعد أن أهدى أحصنته الثلاثة لدار الأيتام. وأخذ كلبه إلى استراليا ليعيش معه هناك. وقال عن كلبه بأنه عاش معه 3 سنوات في أقسى الظروف وأنه أعز صديق له. صفق الجمهور كثيرا لهذا الفلم و وبكى الجمهور وأنا واحد منهم لنجاح هذا المغامر الشاب. يبين الفلم قوة وعزيمة الإنسان في مواجهة المصاعب.الفلم إنتاج استرالي. وقام بالبطولة والتصوير المغامر( تيم كوبي) .فلم سيظل خالدا في الأذهان. وقد حاز الفلم بأجزائه الاربعة على جائزة لجنة التحكيم في المهرجان لقوة إخراجه وقصته وواقعيته.
فلم بوتان..البحث عن السعادة ، من إخراج السلوفاكي (بافول بارباش)
هذه المرة يرحل المخرج السلوفاكي بالجمهور إلى جبال الهملايا.. إلى مملكة بوتان. هناك حيث الرهبان والحكايات والذكاء والسعادة والاندماج مع الروح والآلهة أكثر من العالم الخارجي والعولمة. ويعرض الفلم حكاية راهب شاب في هذه المملكة وشهادات عائلته وعادات وتقاليد أهل الجبل في الهملايا ومدارسهم الدينية والطبيعة الساحرة برفقة الموسيقى الرائعة. تبرز قوة التقنية الرائعة في إخراج الفلم مع بيان معالم فن بناء البيوت الخشبية والزخارف الجميلة .رحلة إلى عالم آخر وجميل من خلال مملكة بوتان حيث الروح والطبيعة والجمال في معابدهم الجميلة.
سولو..فلم استرالي استغرق عرضه 52 دقيقة وعرض في صالة شتيفاني في قاع المؤتمرات
يعد هذا الفلم من أفلام المغامرات المأساوية في تاريخ عالم المغامرات. ويحكي الفلم قصة أحد المغامرين الاستراليين وهو ( اندرى ماكاولى) الذي يبدأ مغامرته. وهو يتحدث في بداية الفلم بأنه لن يخشى أن لا يرى ولده وزوجته ثانية. ويغامر بقارب صغير ومغلق ويتجه من سواحل استراليا ويبعد 1600 كلم ويصل السواحل النيوزيلندية. وبعد أكثر من شهر لا خبر يأتي عن طريق اللاسلكي من المغامر. ونتيجة الأعاصير الشديدة والأمواج القاهرة يختفي هذا الرجل ولا احد يعرف عنه شيئا. يروي الفلم مغامرة حقيقية بشهود ووثائق مثل صديقه وزوجته. ولقد حاز الفلم على جائزة كاميرا الألب الذهبية في الحفل الختامي. وقد أبكى المشاهدين لقوته وواقعيته.
افلام كثيرة ومغامرات ومآسي وشهادات أبطال الجبال ومتسلقون كتبوا تاريخ الإنسانية في عالم الجبال..
أفلام كثيرة ومتنوعة وأحاديث على هامش المهرجان حول السينما وأفلام الجبال والمغامرات بصورة خاصة. وفي ركن حديث جميل مع ماريتن غرابنر وهو محرر صحفي وعاشق الجبل ومتسلق مشهور،تعرفت إليه عام 2006 ودار بينا وبمشاركة رئيس المهرجان حديث حول أفلام الجبال. وهو اليوم عضو هيئة لجنة التحكيم للأفلام المشتركة. وحدثني قائلا بأنها أي اللجنة ستقيّم 113 فلما والتي تعرض حالياً في المهرجان من مجموع 247. وقد اشتركت 29 دولة في هذا العرس الفني. وسألته إن كانت اللجنة تشاهد كل هذه الأفلام. واخبرني بأنهم يشاهدون مشاهد ويقيمون الأفلام على هذا الأساس. وأردف قائلاً بأنه ينوي أن يرحل إلى منغوليا بعد أن شاهد أفلاما حول البدو وجنكيزخان. وأخبرته ربما نسافر معا. وللعلم بأن المتسلق مارتين غرابنر من مواليد 1967 غراتس، ومنذ فترة يعد من المتسلقين النمساويين المهمين. ولقد أثرت عليه كتب المتسلق العالمي راينهولد ميسنر أيام الشباب وخاصة ما يتعلق بجبال الهملايا. فبعد العمل محرراً في صحيفة (ستاندارد) النمساوية اتخذ الطريق صوب الجبال الشاهقة في الهملايا. ولا يزال يعمل كاتباً حراً في (ستاندارد) وكذلك كانت جبال كوردستان محور الحديث أيضا.
فلم الشاب والذئب..فلم فرنسي بشريط ألماني واستغرق 106 دقيقة وعرض في صالة شوبارت
يعد هذا الفلم من أفلام الحضارات الغريبة ،فلم مشوق من البداية ولغاية النهاية. ويعرض قصة البدو الرحل في شمال سهوب سيبيريا وخيمهم وطريقة معيشتهم .يحكي الفلم قصة الشاب البالغ من العمر 16 ربيعاً (سيرغي) يكلف من قبل والده بقيادة القطيع والبالغ عدده 3000 رأسا ويزود ببندقية كي يحمي القطيع من الذئاب .وفي يوم ما يلتقي بأطفال ذئب وعددهم 4. وتنشأ علاقة حميمة بين الذئاب والشاب. والفلم يبرز إمكانية الإنسان من مؤالفة الذئاب. ويغدون أصدقاء. وفي بعض الأحيان تهاجم الذئاب قطيعه ويجبر بقتل احدها ويبكي كثيرا لأنه يحس بالفشل من تغيير العلاقة. إنه فلم حول حضارات غريبة ولكنه يبرز الجانب الإنساني تجاه الحيوان وان كان مفترساً كي لا تنقرض هذه الحيوانات. هكذا كانت فكرة سيرغي .رافقت الموسيقى الفلم وقد أدى الجميع أدوارهم بصورة فائقة وخاصة صديقة سيرغي وهي نستازيا كعامل مساعد في محاولة التغيير ...إنها قصة حقيقية ولا تخص سيبيريا فقط بل العالم كله. ولقد فاز في المهرجان بجائزة كاميرا الألب الذهبية في الاحتفال النهائي.
رجل كهف الثلج..فلم نرويجي وبشريط ألماني واستغرق عرضه 80 دقيقة في صالة شوبارت
ليس ببعيد عن النمسا بل في جبال النرويج الثلجية تعاد قصة هكذا تكلم زرادشت ل نيتشه ولكن هذه المرة على لسان نرويجي قضى أكثر من 20 عاما في الجبال النرويجية .رجل عشق الثلج والجبل وبزلاجاته كان يجلب لنفسه المواد الغذائية. وأدهشني وجود مدفأة(علاء الدين) في كهفه. وفي الفلم شهادات ووثائق من والدته التي تركت وصية بأن يملك ولدها السكن بعد رحيلها . وحين يزور الابن كاتب العدل فقد مضى أكثر من 10 أعوام على الوصية وهكذا يسقط حقه ويرجع إلى الجبال الثلجية ثانية. وفي نهاية الفلم يبين الشريط بأنه مازال يعيش في الجبال الثلجية في النرويج وبالرغم من كل ذلك كانت الضحكة لا تفارقه. ويبين قصة الارتباط الروحي بالجبل والحياة البسيطة بعيدا عن التوغل في المستنقع البرجوازي ورفاهية الدول الاسكندينافية. ورغم كل الأجواء كان يعشق حياته لأنها تمثل الحرية له مع الجبل والثلج.
أبطال العالم وأحاديث حول المهرجان على هامشه:
نذير صابر..أشهر متسلق جبال في تاريخ باكستان وأول من غرس علم بلاده على قمة جبل افرست تحدث لي قائلا:أحمل كل الحب والاحترام لهذا المهرجان النمساوي العالمي و أعتبره ثاني أهم مهرجان في العالم بعد مهرجان (بانف) في كندا. ففي أوروبا لا شك أن الاهتمام كبير بالجبال وعالمها وهو حلقة الوصل بين حضارات العالم. وعاتبني لاني لم ألب دعوته بزيارة باكستان التي وجهها لي العام الماضي.
الكسندر لفوف.. متسلق بولندي وله تاريخ حافل في عالم الجبال .قال: بأنه يزور في العام 6 مهرجانات عالمية ولكن هنا في غراتس النمساوية يعد هذا المهرجان الأقرب إلى روحي لأنه يعد في المقدمة من حيث التنظيم.
فلم داخ شتاين.. قصة جبل وشعب
داخ شتاين أعلى جبل في مقاطعة شتامارك النمساوية ويحكي قصة أول متسلقين قبل 100 عام أي في 1909 وهما الأخوين شتاينر. وبعد 100 عام يصور الفلم التسلق على آثار هذين الأخوين. تتجول الكاميرا في قرية رامساو التي يقع فيها الجبل لتزور متاحف الجبل وكل ما يتعلق بتاريخه ومتسلقيه وكذلك القصص المأساوية وضحايا هذا الجبل. وتبرز أيضا احتفالات هذه المنطقة وعيد الربيع. وبعد انتهاء الفلم صعد أبطاله والمتسلقون الخشبة لتحية الجمهور. الفلم بقدر ما كان فلما حول حكاية جبل وشعب ومدينة بقدر ما كان بطاقة تعريفية للأجانب بقوة وضخامة الجبل وجمال رامساو.
لقد تمكن المصور من التقاط أجمل اللقطات المدهشة وكذلك الإخراج فهي حكاية جبل ببطولاته وضحاياه.
لحظات وأيام حلوة في مهرجان الجبال والمغامرات العالمي في النمسا وصورة مشرقة لسينما الجبل في العالم وحضارات غريبة. وقبل انتهاء المهرجان أوقفني مصور المهرجان هايمو بيندر وعاتبني بأنه يزودني دائما بأجمل الصور ولكنه لم يقبض شيئا ثمن جهده ...يا كاتب الشرق. وأجبته أن ما أستلمه لقاء أتعابي لا يكفي لفنجاني قهوة لي ولك ووجبة غذاء ولكني اكتب حول النمسا لأنها محل اهتمامي وحبي لهذه الدولة التي منحت الكثيرين من شعبي الحرية والأمان. ففرح كثيرا.
انتهى المهرجان ووزعت الجوائز واتخذت الطريق صوب داري وفي قلبي حنين لجبال كوردستان .