السينما الإسلامية والفرص الضائعة المخرج العالمي مصطفى العقاد نموذجاً

السينما الإسلامية والفرص الضائعة

المخرج العالمي مصطفى العقاد نموذجاً

نجدت لاطة

  قبل عشر سنوات تقريباً جاء المخرج العربي العالمي المعروف مصطفى العقاد إلى البلاد العربية والتقى مع الكثيرين ممن هم في مواقع المسؤولية ( رؤساء وملوك ووزراء ) وعرض عليهم إقامة مجمّع سينمائي ضخم يشبه إلى حدٍ ما هوليوود، وأطلق على مشروعه اسم (هوليوود الإسلامية)، ولكن هذا المشروع لم يلقَ آذاناً صاغية ولا أناساً متفهمين لدور السينما في التوجيه ونشر الوعي والثقافة، اللهم إلا الملك حسن الثاني ملك المغرب فقد قدم للعقاد قطعة أرضٍ ضخمة تصلح تماماً للمشروع. وبالنسبة للتمويل المالي فلم يقدم أحد شيئاً، ففشل المشروع .

        وقد تضايق مصطفى العقاد من  موقف الزعماء والمسؤولين العرب. وقال حينها مخاطباً إياهم: أعطوني ثمن طائرة حربية واحدة أُغير لكم رأي العالم عن الإسلام .

        وأنا لا يهمني كثيراً موقف زعمائنا من هذا المشروع، لأنهم أضاعوا على شعوبهم فرصاً كثيرة في كثير من المجالات . لكن الذي يهمني والذي ضايقني هو أن الحركات الإسلامية هي أيضاً لم تقدم للعقاد شيئاً، فقد كان باستطاعتها أن تقدم للعقاد مبالغ تكفي لإنتاج بعض الأفلام التي تنطلق من منطلق إسلامي كالتي قدمها في السابق مثل فيلمي ( عمر المختار والرسالة ..) ومن ثم يُستفاد من أرباح الأفلام في إنتاج أفلام أخرى وهكذا دواليك. وبعد سنوات قليلة تكون لدينا عشرات الأفلام الهادفة .

        وقد يعترض علي معترض فيقول : وهل يقبل مصطفى العقاد التعامل مع الحركات الإسلامية في إنتاج الأفلام ؟ أليس في تعامله معهم سيسبب له مشاكل جمة مع الحكومات العربية بالإضافة إلى عمله في هوليوود ؟ فأقول إنه كان من الممكن أن توعز الحركات الإسلامية إلى الأغنياء الملتزمين الذين ليس لهم صبغة إسلامية حركية لأجل التعامل مع العقاد بحيث لا يجد العقاد غضاضة ولا شبهة له في هذا التعامل. بل بالعكس سيفرح العقاد جداً بتعامله مع هؤلاء الأغنياء الملتزمين. وكان من الممكن جداً بعد مضي سنوات على التعامل بين العقاد والأغنياء الملتزمين أن يتم طرح فكرة إقامة تجمع سينمائي إسلامي، بحيث يكون اعتماده الأكبر في إنتاج الأفلام على الأحداث التاريخية التي تبرز وتظهر عظمة الإسلام في تاريخه الطويل .

        وأقول والغصة تملأ حنجرتي إنه كان في استطاعة هذا التجمع السينمائي أن يكون نواةً حقيقيةً للسينما الإسلامية، لأنه سيكون هناك إتقان عالٍ في إنتاج الأفلام. وبعدها ينتقل التجمع السينمائي إلى إنتاج أفلام معاصرة تكون ذات صبغة إسلامية مقبولة في هذا العصر ... بحيث يراعى في هذه الأفلام عدم التصادم مع الحكومات أو مع السياسات الدولية.

        ولكن كل هذا لم يحدث، لذا رجع مصطفى العقاد بخفي حنين إلى أمريكا وهو يندب حظه في هذه الأمة الخائبة التي ينتمي إليها.

        وأنا أتسأل : لماذا ابتليت الحركات الإسلامية ـ في هذا العصرـ بأنها لا تعرف من أين تؤكل الكتف في العمل الدعوي الجماهيري ؟ فهي لا تستخدم الوسائل الإعلامية ذات التأثير الساحر في الشعوب. وإذا استخدمت إحداها فهي لا تجيد إتقانها، فيترتب على ذلك ضعف في التأثير.

        وسأذكر بعض الأمثلة بخصوص تخلف الإسلاميين في جانب الوسائل الإعلامية، حتى لا يظن القارىء أني أبالغ في انتقاد الحركات الإسلامية، على سبيل المثال : في عام 1936 أنشأ جرجي زيدان في مصر أول مجلة للأطفال، وفي المقابل لم تخرج أول مجلة أطفال إسلامية إلى الوجود إلا بعد مضي عشرات السنين، يعني بعد الذي ضرب ضرب والذي هرب هرب كما يقول المثل. أي بعدما تمّ تخريب عقول الأطفال التي صارت هي المستقبل الذي نراه الآن. وقل الشيء نفسه في الوسائل الإعلامية الأخرى كالمسرحيات والأفلام والمسلسلات، فقد استطاعت هذه الوسائل الجديدة أن تُخرّج أجيالاً مقطوعة الأوصال والوشائج مع دينها وتراثها وأعرافها وتقاليدها. وفي المقابل لم تقدم الحركات الإسلامية شيئاً في هذه الجوانب المهمة، وتقاعسوا فيه بشكل مذهل ومريب. مع أنه كان في استطاعة الحركات الإسلامية تقديم الكثير في جانب الفنون. لذا أقول إن الله سيسأل الإسلاميين عن هذا التقاعس في جانب الفنون، لأن الفنون هي من أهو العُدد في هذا العصر