ساعة غريب ...
نظر إلى ساعته فوجدها السادسة والنصف وخمسة دقائق ، نهض فجأة واستأذن
ممن كان يشاركه في شرب القهوة ، انطلق مسرعاً إلى حيث القاعة المجاورة
للمقهى التى كان ينتظر فيها، تجول بين المقاعد وأغلبها كانت شاغرة ، فالحاضرين
عما يبدو قليلون ، ولكن لابأس : قالها في نفسه ، واستمر في اختياره للمقعد..
حتي اتخذ مقعداً مناسباً خلف الحاضرين تماماً .
إنه الآن في مكان يتيح له الرؤية جيداً ، ويجعله في مرمىً يتعرف عليها فيما إذا
هي بدأت بقراءة قصائد من شعرها ، كان الشاعر الأول قد بدأ دوره في القراءة ،
لكنه لم يعبأ بما كان يقول ،إذ أن ذهنه منشغل باستعداده لرؤيتها ، فكل ما كان يتذكره
من بقايا صورة لها ، أصبح يغشاها الضباب ، ولا يدري لم صار ذلك ..!
لعلها الآن قد تغير بعض من ملامحها ..؟ يردد بينه وبين نفسه ، أو أن السنين الثلاثة
التي مضت ، وغيابها كلية عن الجامعة ، قد ساهم بإحداث هذا التغير الذي يحذر
منه الآن ..!
ساعته تشير إلى السابعة تماماً ، ولما ينتهي هذا الطالب الشاعرالذي يبدو أنه قد أمسك
بزمام عشقه لأرض وطنه ، ولايشق له إخلاص ..!
القصيدة الثالثة والأخيرة .. عاشق الذات المنشقة إلى شاطئين ..شاطىء له وشاطىء
لحبيبته المجهوله ...!
لفت سمعه إلى أقصى يساره وعلى بعد مقاعد ذات الصف الذي يجلس بطرفه من
اليمين صوت وقع شيء ثقيل على الأرض ، نظر إلى جهة الصوت ، فالتقت عيناه
ببقايا تلك الصورة المتوارية خلف الضباب القديم ، كان يجلس إلى جانبها أحدهم ،
نهضت متجهة إلى حيث المنصة بدعوة دورها في الإلقاء ...
القصيدة الأولى .. سهول الذاكرة ...
القصيدة الثانية .. ما لعين لاترى ..
القصيدة الثالثة .. لو أن الحروف تزرع ..
كان التصفيق حاراً وخاصة من هذا الذي كان يجلس إلى جانبها ...
بينما كانت نظراته تلتحم بنظراتها ، وكأنها تعاتبه بعدم زرع حروفه الأولى
حين سمع لها أول قصائدها بذات القاعة وربما من ذات المقعد ...!
كانت الساعة تشير للثامنة وخمسة عشرة دقيقة ...
لملم نفسه ووقف ينظر طريق الخروج ، بينما هي غابت بين جمهور معجبيها ،
حدث نفسه قائلاً : لعلها ساعة سفر غريب ..!!
............................. نهاية
وسوم: العدد 769