المقامة المطنطنة
بسم الله الرحمن الرحيم.
إخواني إليكم هذه الكلمة، كتبتها منذ زمن إثرَ قِصةٍ رواها لي الأخ الكريم الكاتب الكبير
*«عبدالله الطنطاوي»*، حفظه الله، سميتها، المقامة المطنطنة.
( لقيت يوماً فارساً من أهل طنطا المخضرمين، وقد جاوز عمره الثمانين، فقال: كان يا ما كان، أنه لقيني رجل من أهلِ اليابان، فرأيت منه العجب، إذ أنه يتقن لغة العرب، فقلت: ما تريد يا فتى اليابان، فقال جئتكم ناصحاً يا شباب الإخوان، فقلتُ: شكراً للناصحين، فقال: إن كلماتي حامية، فقلت: تكلم وإن كانت شاوية، فقال: أيها المسلمون العرب السنة، أما ترون ما نزل بكم منذ أكثر من خمسين عام، تتجرعون مرارة الأيام، حتى انتهيتم إلى وضعٍ شديد، صُبت عليكم النيران من أعدائكم فاختلطت دماءُ البشر بالترابِ والحجر، وشردوكم في سائر الأقطار، حتى صُرتم وراء البحار،
ألا تعلمون، ألا تفهمون أن العالم كله تحكمه يهود، وقد عَلو علوهم الكبير فلا يرتاحوا، حتى يخربوا بلادكم، فكونوا مثلَ بقية العالم المستسلم لليهود لترتاحوا من كل هذا المجهود، ألا تسمعونَ الأخبار، وأن وكلاء اليهود لو خنقوكم بالغازات السامة، وأوقعوا فيكم كل طامة، لن تجدوا من العالم الإستنكار، ولو كانت جرائمهم واضحة كالنهار، فاستسلموا لليهود لترتاحوا من كل عميل لهم ودود، فقلت له: حسبك، كفى كفى، ألا تعلم يا فتى اليابان، أن العربي المسلم، لا يخضع إلا لله الواحد الديّان، وإن اختلطت دمائهم بالتراب، والحجر، فإنهم راضين بالقدر وأن عمر اليهود قصير، وقريباً يلقون سوء المصير، فإن الأمرَ كُله بيد الله الجبار القدير ، وإن سكت العالم عن جرائم اليهود لأنهم من عملاء اليهود، يزحفون أمامهم على بطونهم كالدود، لأنهم فقدوا إنسانيتهم وكرامتهم، وأما المسلمون الأحرار واثقين أن الأمر كله بيد الجبار، وأنه غداً، ستنطق الأحجار والأشجار، وتقول: يا مسلم يا عبدالله خلفي يهودي تعالَ فاقتله، فتطهر الأرض من هذا الدود، وينتهي أمرُ اليهود ، ويسجد المسلمون لله شاكرين عدْلَ ربِ العالمين، وتتحقق الحقيقة الكبرى، ويسعدُ الناس بالبشرى ويسعد عبادُ الله بكلمةِ الحق، وهيَ أن لا إله إلا الله محمدٌ رسولُ الله.
وسوم: العدد 796