علاء والشجرة
علاء والشجرة
رضا سالم الصامت
كان الطفل علاء يحب شجرة الحديقة في منزل أبويه، فتراه يلعب تحت أغصانها و يمرح و في كل صباح يسقيها ماء حتى ترتوي و يقطف ثمارها الحلوة اللذيذة و يقدم منها لأصدقائه .
ذات يوم قرر والده عامر اقتلاعها ، ليبيع أغصانها ، فغضب الطفل و حزن حزنا شديدا على شجرته التي أحبها من زمان .
إن تصرف والده ، أربك الطفل علاء و جعله لا يعرف كيف يبدأ النقاش معه ، خاصة و أن الله عز و جل أوصى بالوالدين إحسانا فقال في نفسه : قد يغضب أبي عني فأخسر كل شيء
فكر في الموضوع أياما ثم انتظر مجيء أبيه و قرر أن يناقشه في الوقت المناسب. تقدم نحوه و قال: أبي ، لماذا تريد اقتلاع شجرة الحديقة ؟
رد عليه والده قائلا: هذه الشجرة بدأت تهرم و يجب اقتلاعها من جذورها و بيع أغصانها مقابل مبلغ مالي .
قال الطفل علاء: مسكينة شجرتي ، إنها ستتألم عندما تقلعها
ضحك الأب من كلام ابنه و قال : هههههه تتألم ...و من قال لك إنها ستتألم
رد عليه ابنه : ألا ترى أن تصرف كهذا يؤلمني أنا شخصيا
قال : و لماذا تتألم عنها ؟
رد الابن قائلا : لأنها صديقتي فما ذنبها ؟
حزن الطفل و ذهب للشجرة ليواسيها و قال لها : أيتها الشجرة الحبيبة ، اصبري فان الصبر مفتاح الفرج
ردت عليه الشجرة قائلة : إني صابرة ، و لكن والدك يريد إيذائي و قطع أغصاني فكيف لا أحزن يا صديقي علاء و حياتي مهددة بالفناء
أصبح الطفل قلقا على صديقته الشجرة و على مصيرها فقرر منع والده من اقتلاعها مهما كلفه ذلك من متاعب
مرت الأيام فلاحظ الأب إن ابنه لم يعد كعادته فسأله : ما بك حزينا هكذا ، لم تعد تأكل و تشرب؟
رد عليه : إني فعلا حزين فأنت يا أبي تريد اقتلاع شجرتي التي أحبها كثيرا
قال الأب: لقد سبق و إن قلت أني أريد بيع أغصانها لأني بحاجة إلى مال
رد عليه الطفل : و ماذا بعد أن تبيع أغصانها ؟ و تقبض المال ؟ ماذا بعد؟
قال : لا شيء
رد عليه الطفل : هل ستبقى الشجرة حية ترزق ؟
قال : لا
رد الطفل : إذن، ما فائدة ذلك يا أبي ؟
قال : المال
رد الطفل : و ماذا بعد المال ؟
قال : لا شيء
رد الطفل : اسمع يا أبي ، احترم رغبتك و لكن عليك أن تعرف أن المال يفنى ، سواء بعت أغصانها أو لم تبع، أما الشجرة فهي باقية و في كل عام نستفيد منها ، تعطينا ثمارا و يمكنك بيع ثمارها لتحصل على المال الوفير فأرجو أن تعدل عن فكرة اقتلاعها و تركها تعيش في سلام لأنها تمنحنا السلام و الطمأنينة و الحياة
فكر الأب قليلا ثم قال لابنه علاء : إني أخطأت في حقها ، فأرجو منها أن تعفو عني و تسامحني ...
رد الطفل على ما قاله أبيه : أفهم من كلامك أنك غيرت موقفك منها
قال : نعم سوف لن أؤذيها يا بني
مشى علاء فرحا مسرورا ليبشر الشجرة و قال لها : أيتها الشجرة الصديقة عيشي بسلام فلقد عدل أبي عن فكرة اقتلاعك
تحركت الشجرة فرحة و قالت لعلاء : شكرا لك يا صديقي ، فلولاك لكنت ميتة و كومة حطب لا قيمة لي
رد عليها الطفل مبتهجا : الحمد لله ، ألم أقل لك أن الصبر جميل و أن الله مع الصابرين
و هكذا يا أصدقائي الصغار تنتهي قصتنا التي نستنتج منها معان و عبر و لا تنسوا أن قيمة الصبر أهم في الحياة من المال و كنوز الدنيا .