ما أعنده .. !!
شيطان الشعر ما أحمقه !!
إن استدعيته عاندي وكابر، وإن أهملته جاذبني ونازل ، فأنا معه في كر وفر، لا يدعني أستريح فوق صخرة شامخة ، وإن هربت منه إلى مرج أخضر، وعانقت السنابل الذهبية ، وتسلقت الأيكة المروية ، وشدتني الأنوار العلوية ، وحلقت بين الكواكب المتناثرة ، والبروج الدائرة ، والمتاهات المنسية ، فاجأني بركلة قصية ، هوت بي في القيعان السفلية .
شيطان شعري ، ما أحمقه ، ما أعنده !!
يرغبني ، ويثير لدي شهوة الكتابة ، ويريني التصاوير والأهوال ، واللهيب والأضواء ، والأمواج والآفاق ، ويحثني على الركض والجري ، ويخبطني بسوط كالأخطبوط ، فتحاول يداي أن تمسك بخيط ، وأقبض عليه بين أصابعي ، ولكن سرعان ما يفلت مني ، ويستعصي القلم بين يدي .
شيطان شعري ما أرعنه ، ما أمرقه !!
كلمات باسمة يلقيها في خاطري ، معطرة ، ندية بالحب ، غزيرة بالمعرفة ، ينثرها على أشلاء أعصابي ، فوق بساط مزركش ، ألوانها مغرية ، أضواؤها باهرة ، أشكالها ناطقة ، فأكتنص اللحظات كي أكملها في خيط وردي ، أزين به نافذتي ، أحبسه بين دفتي دفتري ، ويجذبني الأمل ، وتعصف في داخلي الهمة ، ثم فجأة تطير المفردات ، وتحلق بين جفني المغلقتين ، وتحنو الأنوار، وتتلاشى الرغبات ، وتختنق البسمات .
شيطان شعري ما أغدره ما أسفهه !!
كفاك بي مداعبة وسخرية .
كفاك بي عبثاً وهمجية .
كفاك زرعاً للأسية .
هصرتني ، لوعتني ، طوحت بي بين غيمات الشفق ، وفي كل أفق ، وأدخلتني كل جحر ووكر.
كفاك سخرية بالبشر .
فلألملم مشاعري وكلماتي ، ولأحبسها في دفائن صدري ، وأهديتها إلى فرسان أفكاري ، وأقتطيها في الصراط المستقيم ، وإلى الأبد عند رب غفور رحيم .
وسوم: العدد 796