سبع موزات

سبع موزات

بقلم : إلهام بيره جكلي

العدد ستة. وسبع موزات تكفي.اشترتها مع ما اشترت من بقايا خضار رخيصة.. وحملتها وهي تحرص عليها، فصغيرها أحمد ذو السنوات الثلاث يحب الموز.. ويلح عليها لتشتري له، ولكنها لا تملك ثمن هذه الفاكهة الراقية.. أما الآن فلا بأس فهو أول الشهر فليأكل الأولاد الموز.. لكل واحد موزة ولها موزة ولأحمد موزتان. أجل موزتان لأحمد فهو الصغير وهو الذي يطلبه.. قال لها إنه يحبها أكثر من أي شيء في الدنيا، ولكنه يحب الموز أكثر. وصلت إلى البيت.. فوجدت أخاها في زيارة.. لا بأس.. ستتخلى عن موزتها لأخيها.. فهي ليست بحاجة إليها.. لقد أكلته كثيراً.. أكلت الموز وغيره يوم كان زوجها على قيد الحياة تاجراً معروفاً قبل أن يخسر أمواله في تجارة دفع إليها دفعاً وهو يجهل هذا النوع من السلع.. ومات كمداً وحزناً بعد إعلان إفلاسه.. وترك لها خمسة أولاد أكبرهم في التاسعة والصغير أحمد لم يتجاوز الأشهر من عمره.

الله هو الرزّاق.. لا شك في ذلك.. ولكن من الابتلاء الفقر أيضاً.. وهكذا اجتمعت عليها ابتلاءات كثيرة.. فصبرت واحتسبت ما دام الأولاد بخير..

- اذهب يا محمد ونادِ أحمد من الشارع.

وخرج محمد متذمراً فقد رأى الموز من طرف الكيس.. وهو يريد أن يأكل منه، ولكن أمه أصرّت أن يكون أحمد أول من يأكل.. رآه من بعيد فصاح به:

- أحمد.. تعال بسرعة فقد جلبت ماما موزاً.

التفت أحمد نحو أخيه وأشرقت ابتسامة وضاءة على وجهه البريء وأسرع يقطع الشارع ليأكل من الفاكهة الموعودة.. ولكن سيارة مسرعة قذفته ككرة عالية ليسقط فوق حاوية النفايات الحديدية ويتفجّر جسده الغض ويتطاير سائل أحمر.. ولم تتوقف السيارة.

ويسرع الناس نحو الحاوية، ويسرع محمد مع الكومة الهائلة من الناس، ليرى منظراً كان اسمه أحمد.

ويصرخ.. ويسمع من في البيت.. ويهوي كيس الموز على الأرض وتدوسه أقدام أهل البيت المسرعين إلى حيث أحمد.

لم يعد أحد بحاجة إلى الموز.. فقد مات أحمد..