مَرْتَةْ..
طَالَمَا حَدَّثَهُ جَدُّهُ لِأُمِّهِ أَحَادِِيثَ وَقَصَصاً وَأَسَاطِيرَ عَنْ مَوْسِمِ غَيْضِ النِّيلْ{اِنْخِفَاضِ نِسْبَةِ مِيَاهِ النِّيلْ}..وَمَا فِي ذَلِكَ الْغَيْضِ مِنْ فُرَصٍ ذَهَبِيَّةٍ للصَّيَّادِينْ..حَيْثُ يَصْطَادُونَ السَّمَكَ الْبَحَّارِيَّ بِمُخْتَلَفِ أَنْوَاعِهْ..اَلْقَرَامِيطَ الْكَبِيرَةَ الَّتِي مَا زَالَتْ حَيَّةْ..اَلْبُلْطِي الْكَبِيرْ..الشَّبَارْ..ثَعَابِينَ السَّمَكْ .
اِتَّفَقَ الْجَدُّ اتِّفَاقِيَّةً غَايَةً فِي الْمُتْعَةِ وَالْجَمَالْ..مَعَ أَفْرَادِ الْأُسْرَةْ..قَالَ أَنَّهُ سَيَذْهَبُ لِلْعَمِّ مُجَاهِدْ..صَيَّادِ السَّمَكَ الْبَحَّارِي..وَيُحْضِرُ مِنْهُ{طِشْتاً}كَبِيراً مِنَ السَّمَكِ الْحَيْ.
بِالْفِعْلْ..وَفَّى جَدُّهُ لِأُمِّهِ بِوَعْدِهْ..وأَحْضَرَ السَّمَكِ الْحَيَّ فِي مَائِهْ .
نَظَرَ الطِّفْلُ إِلَى الْقَرَامِيطِ الْكَبِيرَةِ وَهِيَ{تَتَلَعْبَطُ}وَتَتَحَرَّكُ فِي اتِّجَاهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي مَاءِ{الطِّشْتْ}.
اِلْتَذَّ الطِّفْلُ بِالْمَنْظَرْ..وَأَخَذَ يُحَاوِلُ الْإِمْسَاكَ بِبَعْضِ الْقَرَامِيطِ الْكَبِيرَةِ وَيَرَى رَدَّ فِعْلِهَا .
سَبَحَ الطِّفْلُ بِخَيَالِهِ بَعِيداً وَتَمَنَّى لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَزْرَعَةٌ سَمَكِيَّةٌ لِيُرَبِّيَ فِيهَا هَذَا السَّمَكَ الْجَمِيلَ وَيُضَاعِفَ أَعْدَادَهْ .
اِتَّفَقَتْ الْأُسْرَةُ عَلَى شَوْيِ بَعْضِ السَّمَكْ ..وَمَا أَشَدَّ تَمَتُّعَ الطِفْلِ بِمَنْظَرِ السَّمَكِ الْجَمِيلْ..وَهُو يُشْوَى حَيًّا..يَرَى السَّمَكَ وَهُوَ يُحَاوِلُ الْهُرُوبَ مِنْ عَلَى النَّارِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى .
عَزَمَتِ الْأُسْرَةُ عَلَى عَمَلِ{مَرْتَةٍ}مِنْ سَمكِ الْقَرَامِيطِ الْكَبِيرَةْ بِالطَّمَاطِمِ وَالْبَصَلِ وَالْفِلْفِلِ الْأَسْمَرِ وَالشَّطَّةْ ..بِالْإِضَافَةِ إِلَى بَعْضِ الْمُشَهِّيَاتِ وَالتَّوَابِلِ الْأُخْرَى .
وَضَعَتِ الْأُمُّ{اللُّحُوقِي}الْكَبِيرَ عَلَى عَرْصَةِ الْفُرْنْ.. وَأَوْقَدتِ الْفُرْنْ . وَأَخَذَتْ تُلَقِّمُ الشَّارُوقَةَ الْمُحْمَاةَ بِالْحَطَبِ وَالْقَشِّ اللَّازِمَيْنْ.. بَيْنَمَا كَانَ ذِهْنُ الطِّفْلِ شَارِداً فِي مِيعَادِ الْأَكْلِ مِنْ هَذِهِ{الْمَرْتَةِ}الشَّهِيَّةْ .
قَرَّرَتِ الْأُسْرَةُ عَدَمَ الْأَكْلِ {الْمَرْتَةِ}الشَّهِيَّةْ الْمُرْتَقَبَةْ..إِلَّا بَعْدَ الذِّهَابِ إِلَى الْحَقْلِ{وَتَنْزِيلِ الْأُرْزْ} .
بَعْدَ عَوْدَتِهِمْ مِنَ الْحَقْلِ مُتْعَبِينَ مُنْهَكِينْ..يُرِيدُونَ تَعْوِيضَ جُهْدِهِمْ بِالْأَكْلِ مِنَ{الْمَرْتَةِ}الشَّهِيَّةْ الْمُرْتَقَبَةْ .
وَكَانَتِ الْمُفَاجَأَةْ .
فَتَحَتِ الْأُمُّ أَعَلَى الْفُرْنْ..وَالَّذِي كَانَتْ قَدْ أَغَلَقَتْهُ بِإِحْكَامْ .
أَخْرَجَتِ{اللُّحُوقِي}وَالْأُسْرَةُ تِنْتَظِرُ الْأَكْلَ مِنَ{الْمَرْتَةِ}الشَّهِيَّةْ الْمُرْتَقَبَةْ..عَلَى شَوْقٍ أَحَرَّ مِنَ الْجَمْرْ .
وَجَدُوا{الْمَرْتَةَ}قَدْ أُكِلَ مُعْظَمُهَا وَلَمْ يَتَبَقَّ مِنْهَا إِلَّا قِطَعٌ صَغِيرَةْ .
عَرَفُوا أَنَّ الْقِطَطَ قَدْ تَسَلَّلَتْ مِنْ أَسْفَلِ الْفُرْنِ إِلَى أَعْلَاهْ..حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى{الْمَرْتَةِ}وَالْتَهَمَتْهَا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
{1} مِنْ قصيدة{قصة السد}للشاعر عزيز أباظة
وسوم: 637