قاتل كليبر
جلست ابنتي الصغيرة بجانبي وسألتني باعتزاز :
ـ من هو سليمان الحلبي ؟
نظرت إليها بإعجاب وسألتها :
ـ ومن أين سمعت عن هذه الشخصية العملاقة ؟
قالت بفخر :
ـ سألتني المعلمة من أي مدينة أنت في سوريا ؟ فقلت لها :
ـ من مدينة حلب الشهباء .
فقالت لي بإعجاب :
ـ ما شاء الله بلد المجاهد الشهيد سليمان الحلبي رحمه الله .
قلت لبنتي :
ـ إنه شاب سوري من مدينة حلب .. مسلم مؤمن بالله عز وجلّ ..
قوي شجاع ..
ولد عام 1777م ..
عاش في بلده حلب ..
ثم انتقل إلى مصر لدراسة العلوم الشرعية في الأزهر الشريف في مدينة القاهرة . وكانت هجرته إلى القاهرة أيام الاحتلال الفرنسي لمصر بقيادة الجنرال نابليون . وقد عاثوا في القاهرة فساداً ..
وصاروا يقتلون الأبرياء حتى انتشرت جثث المسلمين في الشوارع .. وانتشر الجوع والفقر في مصر كلها ..
فكان ذلك دافعاً لهذا البطل سليمان الحلبي أن ينضم إلى المقاومة في مصر لمحاربة الفرنسيين وطردهم من البلاد ، وفي أحد الأيام كان الجنرال الفرنسي كليبر الذي صار قائد الحملة الفرنسية على مصر بعد أن رجع نابليون إلى فرنسا ، وتسلّم كليبر مكانه ـ كان كليبر هذا يا بنتي ـ يتمشى في حديقة منزله في حي (الأزبكية) في القاهرة (وهو مقر القيادة العامة في مصر) مع كبير المهندسين ، فتنكر البطل المسلم سليمان الحلبي في زي شحاذ ومد يده للقائد كليبر يطلب منه المساعدة ، فقام كليبر بمد يده لسليمان الحلبي ليقبلها إذلالاً له ، فقام سليمان البطل بإخراج الخنجر وطعنه به عدة طعنات حتى مات ، فحاول كبير المهندسين مساعدة كليبر إلا أن البطل سليمان هجم عليه وطعنه عدة طعنات إلا أنه لم يمت فأقبل الحرس على صراخه إلا أن سليمان البطل هرب وغادر القصر واختفى بضع ساعات في حديقة القصر المجاور إلا أن جنود الاحتلال عثروا عليه وقدموه للمحاكمة العسكرية ، وهناك حكموا عليه أحكاماً ظالمة وعنيفة ..
وأطرقت صامتة حزينة ، وهربت دمعة حزينة من عيني دون إرادتي ، إلا أن الصغيرة مسحت بيدها الرقيقة دمعتي ، وقالت :
ـ وماذا حكموا عليه يا أمي ؟ لا تخافي لن أبكي ، بل على العكس سأحترم المجاهد وأفتخر به وأحقد على الظالمين وأدعو الله أن ينصر المسلمين عليهم في كل مكان وزمان ..
ابتسمت بإعجاب وقلت لها :
ـ حكموا عليه بتحريق يده التي طعن بها كليبر ثم حكموا عليه بالإعدام على الخازوق في مكان علني في منطقة اسمها (تل العقارب) في مصر القديمة ليشهد تعذيبه أكبرعدد من الناس وبقي يتعذب على الخازوق أربع ساعات وهو صامد على دينه يردد آيات من القرآن الحكيم ، حتى أشفق أحد الجنود الفرنسيين عليه فسقاه ماء بالسر حتى يعجل من موته ..
واستشهد بطلنا العظيم عن عمر أربع وعشرين سنة في سنة 1800م ..
واحتفظ الفرنسيون بجثته ، فقامت حملة شعبية في سوريا ومصر تطالب بجثمانه إلا أن الفرنسيين رفضوا ذلك واحتفظوا برأسه وبالخنجر الذي طعن فيه كليبر في متحف (الإنسان) في باريس إلى يومنا هذا ..
قالت الصغيرة وهي تشهق من البكاء :
ـ الله يرحمه يا أمي .. الله يرحمه ..
ضممتها إلى صدري وقلت لها :
ـ نحن نفخر بهؤلاء الأبطال ، ونعتز بهم ، وعلينا أن نعرف سيرة أبطالنا العظماء لا سيرة أبطال الديجيتال وما سواها من أفلام الكارتون التي لا نفع منها .. يا بنتي .
قالت صغيرتي وهي تشهق :
ـ إن شاء الله يا أمي .. إن شاء الله ..
وسوم: العدد 661