الرزق على الله- حكاية من فلسطين..
يحكى أن أحد السلاطين لاحظ وجود فارق بين نداء شحاذين في الشارع المجاور لقصره. الأول كان ينادي قائلاً: "يا رب يا كريم، يا معطي السائلين"، بينما كان الثاني ينادي " يا رب، انصر سلطاننا العظيم".
فاستدعى السلطان وزيره وأمره قائلاً: اعط الشحاذ الذي يدعو لي دجاجة مشوية محشوة بالدنانير الذهبية، أما الشحاذ الثاني فاعطه دجاجة مطبوخة كالمعتاد. ففعل الوزير ما أمر به السلطان، فلما سار الشحاذ، الذي كان يدعو ربه الكريم والمعطاء، في طريقه كي يوصل الدجاجة إلى زوجته، صاح به الشحاذ الثاني قائلاً: اشتر مني هذه الدجاجة، فأنا ليس لي زوجة ولا أولاد. أنا أريد المال وليس الأكل الفاخر". رد عليه الشحاذ الأول: "ليس لدي سوى بشلك واحد"، وكان سعر الدجاجة المشوية في تلك الأيام أعلى من ذلك بكثير. فقال الشحاذ الثاني: خذها ببشلك واحد. وهكذا جرى فالشحاذ الذي توجه إلى ربه لم يحظ بوجبة فاخرة فحسب وإنما كسب مالاً وفيرًا، فترك التسول واشترى له دكانًا صغيرًا،
أما الشحاذ الثاني الذي صرف البشلك فقد عاد ثانية إلى باب القصر وصاح بصوت عال:" يا رب، انصر سلطاننا العظيم"، فأمر السلطان بإعطائه دجاجة أخرى مشوية ومحشوة بالدنانير. وحالما استلمها أسرع إلى زميله القديم واقترح عليه شراء الدجاجة ببشلك آخر، فدفع له البشلك وهو في غاية السرور.
فلما سمع السلطان للمرة الثالثة: " يا رب انصر سلطاننا العظيم"، صاح قائلاً: " ما هذا؟ أعطيته مرتين مالاً يجعله من الأغنياء، وما زال مضطرًا إلى التسول.!. أحضروه لي"، فلما أُدخل إلى حضرة السلطان، سأله بغضب: لماذا ما زلت تتسول وتطلب الصدقة، بعد أن جعلتك رجلاً ثريًا؟" "ويلي، يا سلطان العصر والزمان" أجاب الشحاذ. "كل ما حصلت عليه عند باب جلالتكم كان دجاجتين بعتهما للشحاذ الثاني الذي اعتاد أن يقول يا رب يا كريم يا معطي السائلين، ومنذ ذلك الوقت أصبح من الأغنياء، وفتح حانوتًا"، فقال السلطان: " يا إلهي، يا كريم يا معطاء، لقد برهنت على أنه من الأفضل التوكل عليك وليس على السلاطين".
حكايات من الأرض المقدسة، لجيمس إدوارد هانفر، لندن، 1907، الترجمة العبرية، 1989، ص 116.
وسوم: العدد 699