المعاملة الطيبة
(سمير) طفل في العاشرة من عمره .. شديد الحساسية ، كثير العصبية ، لا يحتمل دعابة من أحد ، ولا يتودد إلى أحد .. كثير الشكوى والتذمر .. في أحد الأيام نشبت مشاجرة بينه وبينه أخيه (علي) مما أحزن قلب أمهما كثيراً فقررت أمهما أن تخبرهما قصة جميلة عن أحد الكفار الذي حسن إسلامه فيما بعد بسبب معاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم الطيبة له .. قالت الأم :
ـ اجلسا هنا أمامي .. سمير وعلي ..
جلس الصبيان باستغراب .. قالت الأم :
ـ لقد أتعبتني يا سمير لعصبيتك الشديدة وسوء خلقك .. يا بني نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام كان أحسن الناس خلقاً .. بل إن الله تعالى أرسله ليتمم مكارم الأخلاق .. وأنت في نزاع مستمر مع أخيك علي وسواه .. هذا يغضب الله عز وجل ثم يغضبني ولا يرضي نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام .. سأروي لكما قصة أحد الكفار واسمه (ثمامة بن أثال) وكانت منزلته كبيرة عند العرب لدرجة أنه كان يعتبر ملك اليمامة .. وكان يكره رسول الله صلى الله عليه وسلم كرهاً شديداً فقرر أن يذهب إلى المدينة المنورة ليقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أحد أبناء عمومته منعه من ذلك ، فقرر أن ينال من الصحابة ، فقتل عدداً منهم للأسف .
في أحد الأيام قرر أن يعتمر ، ولما كان في طريقه إلى مكة المكرمة ، لقيته سرية من سرايا النبي عليه الصلاة والسلام (وهي عبارة عن مجموعة من رجال الإسلام يجوبون في المنطقة لحفظ الأمن) فاعتقلوه وساقوه إلى المدينة المنورة وربطوه قرب المسجد .. ولما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الحال قال :
ـ أتدرون من أخذتم ؟
فقالوا : لا يا رسول الله .
قال : هذا ثمامة بن أُثال الحنفي فأحسنوا إساره .. (أي معاملته) .
ثم أمر أهله أن يجمعوا ما عندهم من طعام ويحضروه له ، وأمر له بحليب ناقة يشرب منها ..
ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة : ما عندك يا ثمامة ؟
قال : عندي خير .. إن تقتل تقتل ذا دم (أي أنه قاتل لبعض الصحابة) وإن تُنعم تنعم على شاكر وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت ..
وأعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم السؤال ثلاث مرات لثلاثة أيام .. وهو يجيب نفس الجواب .. ثم أمر رسول الله بإطلاق سراحه .. ولما ابتعد عن المدينة حتى وصل إلى مكان فيه ماء اغتسل ثم عاد إلى المسجد وصاح بين مجموعة من المسلمين : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله
ثم توجه نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال :
ـ ما كان على ظهرالأرض وجه أبغض إليّ من وجهك وقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليّ .. ودينك أحب الأديان إلي وبلدك أحب البلدان إلي ..
وكل ذلك يا ولدي بسبب حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم .. وقد تشبث بدين الله وحارب من أجله ..
قال سمير :
ـ سأعمل ما استطعت يا أمي على محاربة هوى نفسي وسوء خلقي إن شاء الله ..
وسوم: العدد 700