العلمانية العربية وتوزيع المهام
نظرًا لوحدة مصدر التلقي عند العلمانية المعاصرة في البلاد العربية بل والغير عربية أيضًا، نجد تناغمًا بين رؤوس الثعابين من دعاة الجاهلية الشيطانية المعاصرة بشكلها العلماني اللاديني الساعي إلى ترسيخ مبدأ فصل الدين عن الحياة، ونظرًا لاختلاف البيئة المتلقية للخطاب العلماني الجاهلي؛ تعددت الأهداف وتنوعت الأساليب لتوازي وتناسب الواقع المستهدف من قبل العلمانية المتحكّمة.
أولا: هناك هدف عام للعلمانية على الصعيد العالمي وهو: تحريف النص الشرعي وتجريف العقول المتلقية له حتى تستطيع البشرية التعايش من خلال الجاهلية الشيطانية الجديدة عقب التوافق على كل ما ليس من دين الله وتغليب حاكمية الهوى للعقول والقلوب، ومن ثم تصبح شعوب الأرض في مرمى نيران الماسونية وربيبتها الصهيونية العالمية.
الهدف الثاني للعلمانية وهو: تغريب بلاد المسلمين بلدًا تلو الآخر من خلال تغيير الخريطة الفكرية للبنية الثقافية المعاصرة.
وتتحقق الأهداف أعلاه في حال تزاوجت السلطة الحاكمة مع رأسمال الإعلام السياسي الموجه؛ لتنفيذ مخطط الاستنساخ القيمي في عقول أبناء المسلمين بعد تغيير بوصلة الفهم وأدوات التقييم، ومن ثم تجد العلمانية طريقها المعبّد لكسر الانتماء والشعور بالهوية الإسلامية، ومن ثمّ تسقط الأمة في الهاوية العلمانية المعاصرة.
فكانت مدرسة التغريب العلمانية في تركيا تتحدث بفجاجة عن حتمية تحقيق مخططها العلماني كاملا في بلد إسلامي أصيل، فالحرب العلمانية في تركيا تعمل على كافّة المحاور غير أنه على الرغم من كل جهودها هناك نلحظ سعيًا هادئا في حكومة ما بعد العام 2001 للتخفيف من حدّة العلمانية، والعودة بخطوات وئيدة للمظاهر الإسلامية؛ مما مثّل للعلمانية الأتاتوركية صدمة، بل كانت بمثابة انقلاب على تركيا العلمانية، فقد عاد الأذان عربيًا وعمّ غطاء الرأس للمرأة، وبدأ الإعلام يتكلم عن تاريخ الخلافة العثمانية بدلا من تركيا أتاتورك.
بينما العلمانية الخليجية والسعودية تعمل من خلال رؤيتها لطبيعة دولة بلاد الحرمين ذات الجذور والفروع السلفية وبالتالي فما تتبجح به العلمانية في تركيا وتونس لن تجرؤ على معشاره في بلاد الحرمين من مكة والمدينة إلى ديار نجد وشمر مرورًا بتلال أبها ونفود الشمال والجنوب... فكان جهد العلمانية يتركز في أغلبه على معركة ركوب المرأة للسيارة، وقد يتطرق للحديث عن غطاء الوجه بشيء من التنقص، أوهل قضيته عقدية أم فقهية؟
فان استقرت العلمانية الخليجية ونجحت في ترسيخ التراجع عند المدرسة السلفية الحاكمة في السعودية فقد تتهيأ الأمة الإسلامية الى مزيد من صيحات التغريب من خلال القبول بالمرجوح عن الراجح معتمدين على غريب الاختيارات الفقهية عند السابقين أو المعاصرين حتى تصبح العلمانية ذات صبغة فقهية إسلامية قديمة أو حديثة، ومن ثم التغريب والعلمانية باسم وسطية الإسلام أو تطوير الخطاب الديني وما هو إلا تطويع الخطاب الديني ليحقق سدنة العلمانية في عواصم الخراب العالمي واشنطن ولندن وقم وباريس وموسكو ودلهي وبكين...
العلمانية المغاربية والتونسية بشكل خاص؛ تمثل أخبث مظاهر العلمانية بعد تركيا. ففي ووقت التدافع بين المؤسسات الدينية والنظم العلمانية القائمة تجد انتكاسة تونسية بتشريع الخروج على القرآن الكريم والسنة النبوية من خلال مساواة المرأة بالرجل في الميراث!!! مما أصاب العقل العربي بصدمة كبيرة صدمة خادمة للصهيونية العالمية.
وبمرور الوقت تتعمد العلمانية العالمية هدم الثوابت والأصول عند الأمة الإسلامية المعاصرة من خلال تلويث السمع عند الجماهير لتحقيق مكسب نفسي يصيب الجماهير المسلمة بالانكسار أمام الحملات العلمانية المتجددة كموج البحر فإن لم تحقق نفعًا في الأجيال المعاصرة وبخاصة من هم فوق سن الأربعين فقد حققت تمددا على أرض الواقع بين فئات الشباب.
وسوم: العدد 801