هدمُ البيوت ، أيُّ الأيدي أخطرُ، فيه : أيدي أصحابها ، أم أيدي أعدائهم ؟
البيوت : تختلف ، بين بيت مقدّس ، وآخر عادي !
والبيوت المقدّسة تختلف ، من حيث درجة قدسيتها ، بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى ، وبين مسجد عادي !
والبيوت العادية تختلف ، من حيث القيمة والأهمّية ، بين بيت عريق ، ذي قيمة أثرية ، وبيت فخم حديث ، وبيت متوسّط القيمة ، وبيت عادي بسيط ، وكوخ ، وبيت شَعر!
وأهمّية البيوت تختلف ، لدى أصحابها ، ولدى الآخرين !
فربّ بيت بسيط ، أو كوخ ، أوبيت شعر ، لايقيم له الناس وزناً ، يمثّل ، لدى أصحابه ، قيمة كبيرة ؛ لأنهم يرون قيمته الرمزية ، من قيمة أهله ؛ فيدافعون عنه ، دفاع المستميت ، ولا يسمحون لأحد ، بهدمه ، أو العبث به !
ورُبّ بيت فخم جدّاً ، أو قصر، لاقيمة رمزية له ، عند أصحابه ، إنما ينظرون ، إلى قيمته المادّية ، ويَعدّون خسارته ، مجرّد خسارة مالية ، يمكن تعويضها !
وهدمُ البيوت ، أو تخريبها ، قد يكون بالعبث ، بقيمتيها المعنوية والمادّية ، وقد يكون بالعبث، بإحداهما !
وأسباب هدم البيوت تختلف ، بين حالة وحالة : فبعض البيوت ، يهدمها أصحابُها ، لأنها صارت قديمة ، أو آيلة إلى السقوط .. وبعضها يهدمها أصحابها ، لأسباب مادّية ، كالإفادة ، من قيمة الأرض ، التي يقوم عليها البيت ! وقد تهدمها الدولة ، لبناء منشأة عامّة ، على أرض البيت !
وأخطر أنواع الهدم ، هو هدم العدوّ ، للبيت ، ظلماً وعدواناً ، أونكايةً بأصحاب البيت ؛ كما تفعل القوات الصهيونية ، في فلسطين ، ببعض بيوت النشطاء الفلسطينيين !
ومن أخطر أنواع الهدم ، أن يهدم الناس بيوتهم ، بعد أن تُفرض عليهم ، قسراً ، الهجرةُ منها ؛ كي يستفيدوا ، من حجارتها ، أو أخشابها .. أو نحو ذلك ؛ كما فعل اليهود ، في خيبر، حين فُرض عليهم الجلاء ؛ إذ خرّبوا بيوتهم بأيديهم ، وأيدي المؤمنين !
وقد ورد ، في القرآن الكريم ، أن أصحاب الفيل ، زحفوا ، بجيشهم الجرّار، إلى الكعبة ، لهدمها، فحفظ الله بيته ، وأهلكهم بالطير الأبابيل.. !
إنه أبرهة الأشرم: جاء ليهدم البيت الحرام، ودليلُه : أبورغال العربي ! أمّا حارسُ البيت الوفيّ، المؤتمن عليه ، فهو: عبد المطلب ، جدّ النبيّ الكريم !
اليوم ، كثُر (الأبرهات) ، وكثُر (آباءُ رغال).. فمن حارسُ البيت الحرام؟
وما ينسحب على البيت الحرام ، ينسحب على المسجد الأقصى ..!
وما ينسحب على المسجدين : الحرام والأقصى ، ينسحب على أراضي المسلمين ، جمبعاً ، من حيث : تصميمُ الأعداء ، على استباحتها وتدميرها .. ومن حيث الأدِلاّء ( آباء رغال) ، من أبناء الأمّة ، الذين يستعين بهم الأعداء.. ومن حيث المدافعون ،عن حرمات البيوت والأوطان، الذين يشاركون الأعداء ، في هدم الأوطان ، تقرّباً ، إلى الله ، في الوقت ، الذي يمارس فيه الأعداء ، الهدمَ ، تقرّباً ، إلى شياطينهم ! ولكلٍّ شيطانُه ، الذي يُملي عليه ، طريقة الهدم ، وذريعته !
وإذا كان الهدّامون ، هم من أعداء الأمّة ، ومن المحسوبين عليها ، فالمهدوماتُ : من حجر- وتشمل البيوتَ والمساجدَ والمدارسَ ، وغيرها - .. ومن بَشر- وتشمل العقول والقلوب ، والمعتقدات والأفكار، والأخلاق - .. فهي ، كلّها ، تابعة للأمّة ! بينما ينظر أعداء الأمّة والمنحرفون من أبنائها ، إلى كلُّ ماجاء ، من غيرها : من بشر، ومعتقدات وأفكار، على أنّ له قدسية معيّنة ، وأنه يحظى بالاحترام والتبجيل !
فلماذا ؟ وإلى متى؟
وسوم: العدد 809