الانقلابات العسكرية في الوطن العربي تدبير غربي بتمويل خليجي
الانقلابات العسكرية في الوطن العربي تدبير غربي بتمويل خليجي للحيلولة دون تجارب ديمقراطية من شأنها أن تصل بالإسلاميين إلى السلطة
أثار انتباهي مقال تحت عنوان " احذروا انقلابات العسكر ومناورات الإسلاميين " للمدعو أحمد عصيد ، والمنشور على الموقع الذي يصفه أصحابه بالأول في المغرب . والمعروف لدى الرأي العام المغربي أن صاحب هذا المقال لا هم له سوى استهداف كل ما له صلة بالإسلام إنسانا ولسانا بدافع حقد علماني وطائفي .
وكعادته استغل ركوب فكرة إدانة الانقلابات العسكرية في الوطن العربي لينال من الإسلاميين وقد اتهمهم بتهمة استغلال ثورات الشعوب العربية ضد الانقلابات العسكرية ، وأنهم يتسببون في إضعافها وتشتيت جهود تلك الشعوب التواقة إلى الانعتاق من الأنظمة المستبدة .
وواضح أن هذا الاتهام محض بهتان يكذبه الواقع ، ذلك أن الإسلاميين كانوا دائما ضحايا الانقلابات العسكرية كما حصل في الجزائر حين فاز الإسلاميون في الجزائر بما يزيد عن أحد عشر مليون صوت في انتخابات ديمقراطية أجريت لأول مرة بعد فترات حكم أنظمة شمولية ارتزقت بكفاح الشعب ضد المحتل الفرنسي. ولم يكتف العسكر الذي يقوده من يسمون بجنرالات فرنسا بإجهاض أول تجربة ديمقراطية بل لفقوا تهمة الإرهاب للإسلاميين ، وأعملوا فيهم وفي عموم الشعب التقتيل فيما بات يعرف بالعشرية الدموية التي أعقبت انقلابهم على التجربة الديمقراطية .
ونفس الشيء حصل مع الإسلاميين في مصر والذين فازوا في أول انتخابات ديمقراطية نزيهة بعد قترات أنظمة شمولية ارتزقت هي الأخرى بالقضية الفلسطينية وبفكرة مواجهة الاحتلال الصهيوني والممانعة والصمود والتصدي حتى سقط قناعها بتوقيع معاهدة كامب دافيد المشئومة . ولقد ارتكب العسكر المنقلب على التجربة الديمقراطية في مصر مجازر فظيعة باقتحام ساحات الاعتصام والمساجد ، وأعمل التقتيل في الإسلاميين ملفقا لهم تهمة الإرهاب ، وغيب في سجونه الرهيبة الآلاف منهم والذين لا زالوا يعانون أبشع أنواع التعذيب والتنكيل .
ونفس الشيء حصل مع الإسلاميين في السودان من قبل ، وقد ركب العسكر المنقلب فيه ظهرهم حتى إذا ما استتب له الأمر انقلب عليهم ، ونكل بهم وبالشعب السوداني عموما .
أما في ليبيا فقد منع الغرب أصلا وهو مدبر الانقلابات في الوطن العربي بتمويل أنظمة خليجية تكرار تجربة ديمقراطية فيها كسابقاتها في الجزائر ومصر ، وأشاع فيها الفوضى ، وهو اليوم يدعم أحد رموز النظام الشمولي المنهار ويساعده على طبخ انقلاب عسكري لمنع أية تجربة ديمقراطية من شأنها أن توصل الإسلاميين إلى مركز صنع القرار ، والذين باتوا يتهمون من قبله بالإرهاب .
ومرة أخرى يدبر انقلاب عسكري في السودان مخافة حصول تجربة ديمقراطية من شأنها أن يفوز فيها الإسلاميون ، كما حصل في الجزائر ومصر من قبل . وها هي الدول الخليجية الممولة لهذا الانقلاب تبادر وفودها بزيارة السودان لتثبيت نجاحه كما نجح انقلاب مصر. وها هو متزعم الانقلاب في مصر يعبر عن رغبته الملحة في زيارة السودان قريبا ليملي على الانقلابيين فيه ما يجب عليهم فعله لتحقيق نجاح انقلابهم الذي يرفضه الشعب السوداني ، ولا يقبل إلا بحكم مدني يتمخض عن تجربة ديمقراطية يخشاها الغرب والخليجيون والانقلابيون على حد سواء.
ولا شك أن جنرالات فرنسا أو الانقلابيون في الجزائر يحاولون مرة أخرى الالتفاف على انتفاضة الشعب الجزائري الذي يريد القطيعة التامة مع رموز النظام المستبد ، ومن المحتمل أن يدبروا مؤامرة أخرى لمنع تكرار التجربة الديمقراطية من جديد والتي يخشون أن ترجح فيها كفة الإسلاميين من جديد وهو ما لا يقبله الغرب أبدا .
هذه حقائق يحاول العلماني الطائفي عصيد التعامي عنها لأنه لا يؤمن إلا بتجارب ديمقراطية في الوطن العربي يكون الفوز فيها للعلمانيين تماما كما يحلم بذلك الغرب ، وكما يريد الذين يمولون الانقلابات بعائدات ثروات الشعوب العربية .
ومعلوم أن الدافع وراء هذه الانقلابات هو توفير المناخ المناسب لتمرير ما يسمى بصفقة القرن المشئومة والتي يراد من ورائها إنهاء القضية الفلسطينية لفائدة الكيان الصهيوني المحتل وتكريس احتلاله وتسليمه فلسطين بمقدساتها على طبق من ذهب مقابل احتفاظ الأنظمة الفاسدة والمستبدة بالسلطة كجزاء لها على توفير الجو المناسب لتمرير الصفقة المشئومة .
ومعلوم أن كل من يحمل فكرة تحرير أرض فلسطين من الاحتلال الصهيوني يعتبر إرهابيا خصوصا إذا كان يتخذ من الإسلام شعارا ، ويكون مستهدفا حيثما وجد . ومشكلة من يريدون تمرير صفقة القرن المشئومة أن الشعوب العربية ترفضها ، وترفض من يريد تمريرها وهي رافعة شعار الإسلام ولله الأمر من قبل ومن بعد .
وسوم: العدد 820