خامنئي: لا حرب في المنطقة، وواشنطن تُصعّد
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها عن نية واشنطن في إرسال 120 ألف جندي إلى الشرق الأوسط لمواجهة إيران. وتقول الصحيفة: إن الجنرال "باتريك شاناهان" رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع الأمريكية قد قام في أحد الاجتماعات التي ضمّت أبرز مساعدي الرئيس "ترامب" في أمور الأمن القومي، بشرح آخر خطة للعمل العسكري المحتمل الذي قد تقوم به واشنطن ضدّ طهران. وقد تحدّث المسؤولون الإيرانيون مرارا وتكرارا عن إغلاق مضيق هرمز وضرب القواعد الأمريكية في المنطقة، في الوقت الذي وصف المرشد خامنئي بأن المفاوضات مع واشنطن سم زعاف مبشراً الإيرانيين بأن الحرب لن تندلع.
بموازاة ذلك تتواصل الأحداث والتطورات، حيث أعلن الحوثيين في اليمن عن تبنيهم للهجمات على المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية، حيث ذكرت بأن ضربات الطائرات من دون طيار قد تمّ تنفيذها اليوم وجاءت الهجمات بعد يومين من استهداف ناقلتين نفطيتين سعوديتين في بحر عمان، الأمر الذي أثار الكثير من الجدل.
وقد سبقها الهجوم على أربع سفن في مياه دولة الإمارات العربية المتحدة، مع أن الخسائر المادية لهذا الهجوم كانت محدودة، إلا أن تبعاته السياسية واسعة النطاق للغاية. حيث تم ّتوجيه الاتهام إلى إيران بعينها وبشكل مباشر، وتم توجيه رسالة سعودية إماراتية إلى مجلس الأمن بهذا الخصوص.
ومن المؤكد أن طهران سوف تتضرر كثيراً، فلننتظر ما الذي سوف يحصل، وفي المقابل إن إيران تنظر إلى الهجمات على ناقلات النفط في بحر عمان على أنها أعمال تحريضية لزيادة حدّة التوتر في المنطقة، وكان المسؤولون الأمريكيون قد صرحوا في الأسبوع الماضي بأنهم سيتصدون لأي عمل هجومي على قواتهم أو قوات حلفائهم، وسوف يكون الردّ حاسمًا وسريعًا. وقد جاءت هذه التصريحات الأمريكية بالتزامن مع إرسال حاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" والقاذفات الأمريكية من طراز "بي 52" إلى المنطقة.
وكنا نعيش حربا كلامية (حرب تصريحات) بين واشنطن وطهران حتى قبل يومين، ولكن بعد الهجوم على الناقلات الأربع، إضافة إلى عملية اليوم التي تبناها الحوثيون، دخلنا في مرحلة من التوتر "العملي"، ومع أننا ما زلنا على مسافة كافية مما يمكن أن نطلق عليه حربا حقيقية، لكن الحقيقة هي أن إيران حاولت إبراق رسائلها الخاصة خلال الـ60 يومًا والتي تريد إرسالها إلى كل الأطراف الإقليمية والدولية، فمن المؤكد أنها بدأت بتفعيل مخالبها ووكلائها في المنطقة لتقوية مركزها التفاوضي خلال مهلة الستين يومًا التي حددتها إيران لإلغاء بعض التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي.
وعلينا أن نعلم بأن لدى طهران نمط في مخيلتها وهو أنها تقول: من أجل الدخول إلى عملية تفاوضية مع أمريكا، فلا بد وأن يكون لديك وسائل وأدوات مؤثرة كي تحقق شيئا ما، وفي غير ذلك لا يمكن لك أن تحصل على شيء ذي قيمة، فالإيرانيون ينظرون إلى هذا الأمر من هذه الزاوية وهي أن الرئيس "ترامب" لا يفهم إلا منطق القوة أو منطق (البزنس في التجارة)، ولهذا يجب موازنة كلا الخيارين والتقدم بالأفضل تمهيداً للصفقة الشاملة بين الطرفين.
يعقبه تقديم العرض التجاري الجيّد.
والملفت أن إيران لم تُقدم على إدانة العمليات التخريبية التي جرت في المنطقة، بل هي غير مستاءة من نسب هذه التهم إليها، وهي تتحدث صراحة وعلى لسان الجنرال حسين سلامي قائد الحرس الثوري الإيراني عن تفعيل وإنعاش دور وكلائها في المنطقة، لذلك يمكن قراءة ما يدور في مخيلة قادة إيران، حيث يفكرون بنوع من المواجهة لعلهم يحصلون على امتيازات أكثر في هذه المفاوضات.
هذا وقد أعلن وزير الدفاع الإسباني بالأمس عن استدعاء هذه الناقلة بسبب زيادة حدّة التوترات في المنطقة بين إيران وامريكا حيث تقل هذه الناقلة طاقما يتكون من 215 شخصا بالإضافة إلى قبطانها وقد استدعيت مؤقتا لمغادرة منطقة الشرق الأوسط. وقد أعلن وزير الدفاع الإسباني عن استدعاء هذه الناقلة خشية من تعرضها لضربة من قبل الأسطول العسكري الأمريكي وناقلته العسكرية "ابراهام لينوكولن". وتجدر الإشارة هنا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية قد مارست في الأيام القليلة الماضية مزيدًا من الضغط على إيران وقامت بإرسال ناقلة عسكرية إلى المنطقة بالإضافة إلى بطارية صواريخ من طراز "باتريوت".
وبالمقابل تستمر طهران في سياسة التصعيد وفق ما تم تناوله سابقاً، حيث قال المتحدث باسم وكالة الطاقة النووية الإيرانية: إنه إذا ما قامت أوروبا بإرسال موضوع الاتفاق النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي فمن المحتمل لإيران أن تنسحب من الاتفاق النووي. وأضاف "بهروز كمالوندي" إنه إذا ما قامت أوروبا بهذا العمل، فهذا يعني أن الاتفاق قد تلاشى. وأضاف قائلا إنه من المحتمل أن يصدر عن إيران ردة فعل يمكن لها أن تؤدي إلى الانسحاب من الاتفاق النووي. وأضاف "كمال وندي" قائلا: إن إيران تسعى لرفع العقوبات المفروضة عليها، إلا أنه ولغاية اللحظة لم تقدم أوروبا على أي فعل يمكن له رفع هذه العقوبات، مذكراً بأن أمام أوروبا مهلة الستين يومًا لإيجاد سبل تجارية عادية بين إيران وسائر دول العالم.
وفي اتجاه آخر قال رئيس المجلس الاستراتيجي والعلاقات الخارجية الإيرانية د. كمال خرازي: إن قرار عدم شراء النفط الإيراني من قبل الشركات الأوروبية هو قرار سياسي، وذلك لأنه يمكن لهم شراء النفط الإيراني، وأضاف خرازي إن بعض الشركات الأوروبية ليس لديها أي مصالح في أمريكا، كما أنه لا يوجد على هذه الشركات ما يدعو للخوف نتيجة هذه العقوبات المفروضة على إيران، حيث يمكن لهذه الشركات شراء النفط الإيراني. وأضاف: إننا نسعى لإنقاذ الاتفاق النووي، إلا أن أوروبا لم تعمل بما التزمت به، وهو ما تقاطع مع كلام وزير الخارجية جواد ظريف الذي وجه انتقاداً شديد اللهجة لأوروبا، متهمًا إياها بعدم تنفيذ واحد بالمائة مما التزمت به.
فالأمور كما يبد باتت على صفيح ساخن في الوقت الذي باتت أوروبا تشكل أحد أدوات الضغط على طهران على حسب الزعم الإيراني، وأن المواجهة باتت مع الضامنين للاتفاق النووي، عدا روسيا والصين التي تجلس على كرسي الحياد مكتفية بالإدانة والشجب على حد تعبير أحد المسؤولين الإيرانيين.
وسوم: العدد 824