من السخف المثير للسخرية إضفاء صبغة حقوقية على الإفطار العلني في شهر الصيام

دأب الدعاة إلى الإفطار العلني في شهر الصيام على إثارة هذا الموضوع كل سنة عن طريق ضجة إعلامية بخسة  يتوخون من ورائها إضفاء صبغة حقوقية على سلوك يتنافى مع توجه المجتمعات الإسلامية ، وتحاول شراذم من المستلبين  عقديا وفكريا تكريسه في بيئات سوادها الأعظم  متدين رافض ولافظ له.

ومع أنه لا أحد يقتحم على تلك الشراذم بيوتها ليمنعها من الطعام والشراب ، فإنها تطالب بالإفطار العلني خارج بيوتها، لأن الذي يعنيها ليس الأكل والشرب ، فهي تقوم بذلك في خلوتها لأنها مارقة من الدين رافضة للتدين ، بل الذي يعنيها هو إعلان مروقها  جهارا نهارا ، وأكثر من ذلك سعيها من أجل الانتقال من حالة التشرذم إلى حالة استقطاب غيرها للحصول على أغلبية تخول لها فرض سلوكها الشاذ كأمر واقع ، وهي أشبه ما تكون بخلايا سرطانية تهاجم الجسم المعافى لتدميره  عن طريق تكاثرها .

ولقد نشر موقع  إعلامي دأب على الانتصار لكل شكل من أشكال  المروق من دين الإسلام نبأ استنكار ما سماه منظمات حقوقية مطاردة  السلطات التونسية الذين يرتادون بعض المقاهي لغرض إعلان إفطارهم في شهر الصيام ، واعتبرت ذلك مساسا بحقوقهم ، وكأن إعلان الإفطار حق من الحقوق في مجتمع مسلم .

وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه "وهو قول موجه  أصلا للمتدينين ، فمن الأحرى ألا يدع المارقون من الدين طعامهم وشرابهم .

ومن السخف المثير للسخرية أن تحاول الجهات المحسوبة على حقوق الإنسان  في تونس وغيرها إدراج الإفطار العلني ضمن لائحة الحريات ، وتسميه حرية المعتقد أو حرية الرأي ، وهي تنكر على المجتمعات المسلمة منعه  لكونه يتنافى مع دينها ومع مبادئها وقيمها ،علما بأن المجتمعات غير المسلمة  والعلمانية تحديدا  تلزم المسلمين الموجودين فيها باحترام معتقداتها وقيمها بل أكثر من ذلك تضيق عليهم في ممارسة تدينهم كما هو الشأن على سبيل المثال لا الحصر بالنسبة للباس المرأة المسلمة  العادي، ولباس سباحتها البوركيني  في فرنسا العلمانية . وإنه لمن الحيف  الصارخ أن يتم التضييق على  تدين المرأة المسلمة من خلال منعها من لباس يعتبر من صميم تدينها في مجتمع علماني  ، ولا تناصرها فيه  المنظمات والجمعيات الحقوقية في حين تطالب تلك الجمعيات والمنظمات بحق المروق من دين الإسلام للمارقين عن طريق المجاهرة بتعطيل ركن من أركان هذا الدين ،مع أنهم لو كان ما يعنيهم هو الطعام والشراب فقط  لوسعتهم بيوتهم للأكل والشرب.

وإن إثارة  بعض المواقع الإعلامية قضية الإفطار العلني كل سنة ، يكشف عن نوايا مبيتة تدخل ضمن حرب ماكرة معلنة على الإسلام قاعات عملياتها في المجتمعة الغربية العلمانية ، وأذرعها هم المارقون من الدين  أو طوابيرها الخامسة المندسة  في المجتمعات الإسلامية، والتي بدأ تخرج إلى العلن  والمجاهرة بعد مرحلة السرية مستغلة ظروف ما بعد الربيع العربي التي أفرزت عودة الفساد والاستبداد بقوة كما يعود المرض الخبيث إلى الجسم المصاب ثانية ويكون فاتكا .

ومعلوم أن هذه الحرب تتخذ أساليب ماكرة مختلفة  تحاول إضفاء الصبغة الحقوقية على كل شكل من أشكال التجاسر على الإسلام . ولا يكاد نكرة تافه  يتجاسر عليه حتى تتبنى قضيته ما يسمى بالمنظمات الحقوقية ،فتصنع منه ضحية عن طريق ضجة إعلامية تنفخ فيه لتمرير قانون دولي يضفي الشرعية على سلوكه المنافي للدين، والذي لا يراعي لا مشاعر ولا حقوق  الأغلبية  المتدينة في مجتمع متدين .

وأخبث ما في تلك الأساليب الماكرة هو محاولة تجريم الشعائر الدينية الإسلامية  كما هو الشأن بالنسبة للباس المرأة المسلمة المنصوص عليه في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، والذي تعده العلمانية أمرا يسيء إليها وإلى مشاعر مواطنيها في مجتمعاتها  ، وتجرمه بموجب ذلك ،بينما ترفض أن تجرم المجتمعات المسلمة سلوكا يسيء  إلى مشاعر مواطنيها من قبيل الإفطار العلني في شهر رمضان .

وعجبا لما يسمى بالمنظمات الحقوقية التي تستميت في الدفاع عن المارقين من الدين الإسلامي الذين يرومون إفساد  المجتمعات المسلمة في حين لا تحرك ساكنا عندما يضيق الخناق على علماء ودعاة  ، ويحكم عليهم بالإعدام ولا ذنب لهم سوى أنهم مصلحون ،وأنهم حماة الإسلام من ضلال المضلين وفساد المفسدين ، ومن طغيان الطغاة المستبدين الملطخة أيدهم بدماء الأبرياء المظلومين .

ومما يغيب عن أذهان المدافعين عن المارقين من الدين ، ومما يسقطونه من حساباتهم أن دين الإسلام إنما يزداد انتشارا وتمكنا من القلوب كلما ازداد التضييق عليه  وعلى أتباعه ودعاته ، ولقد أكد القرآن الكريم والتاريخ  ذلك  بشكل صريح لا غبار عليه حيث بدأ هذا الدين برسول كريم عليه الصلاة والسلام استضعفه قومه هو من آمن معه ومارسوا عليهم كل أنواع الاضطهاد ولم يكن ذنبهم سوى نشر الهدي الإلهي لتطهير المجتمع من كل أشكال الفساد والظلم والاستبداد والاستعباد .

 ومعلوم أنه لا يحارب هذا الدين ولا يضيّق على أهله دعاة وعلماء وعامة إلا الطغاة والمستبدون والمفسدون والمستكبرون في الأرض بغير الحق . وسنة الله في الخلق أن استبداد هؤلاء المستبدين يزيد هذا الدين قوة وانتشارا ، ويجد طريقه معبدا إلى القلوب السليمة من آفة الفساد والتطبيع معه .

ونختم بالقول ليس لله عز وجل حاجة أن يدع المارقون من الإسلام طعامهم وشرابهم ، وما كان لهم أن يصوموا شاهدين على أنفسهم بالمروق ، وإن لهم موعدا مع خالقهم يوم يلقونه ،وما هي إلى فترات قصيرة يقضونها سيقدرونها هم أنفسهم بساعة أو بيوم أو بعض يوم ثم يجدون  ما عملوا محضرا بما في ذلك إفطارهم العلني في رمضان ، ولا يظلم ربهم أحدا ، وإنهم على يقين تام أن الحساب واقع لا محالة ،ولكن العزة بالإثم التي تأخذهم تعمي بصائرهم ، ويغرهم بالله الغرور ، وسيعلم الذين أفطروا علنا والمسلمون صيام أي منقلب سينقلبون ، وسيندمون أشد الندم ولات حين مندم . 

وسوم: العدد 826