إندبندنت: لماذا تجاهل الغرب موت مرسي.. الرجل الذي دفع حياته ثمن حبه لمصر
لماذا صمت الغرب على وفاة رجل اعتبره مرة الأمل العظيم للديمقراطية العربية؟
يجيب روبرت فيسك في صحيفة “إندبندنت” “يا إلهي كم كان ردنا على الطريقة الشائنة لوفاة محمد مرسي في قفص”. ويقول إننا لن نتعب في تكرار ما ورد من كلمات ندم وقرف ورعب والشجب الذي يمزق الآذان على وفاة الرئيس الوحيد المنتخب في قاعة المحكمة هذا الأسبوع، من داونينع ستريت إلىى البيت الأبيض قصر الإليزيه وبرلين، لأن شيئا لم يصدر من هذه الأماكن “فقد ساد الصمت ولا لم تصدر حتى ولا ثرثرة أو تغريدة طير، من تغريدات الرئيس المجنون ولا حتى كلمة صدرت عفوا تعبر عن الندر. فمن يزعمون أنهم يمثلوننا كانوا خرسا وبدون كلام مثل الزجاج الواقي من الصوت، مثل مرسي عندما كان في قفصه في قاعة المحكمة وكما هو الآن في قبره بالقاهرة. ويبدو وكأن مرسي لم يعش أبدا، وكأن أشهره القليلة في الحكم لم تحدث، وهو بالضبط ما يريد عبد الفتاح السيسي، عدو مرسي، وهو أن تنساه كتب التاريخ. وقال إن تركيا وماليزيا وقطر وحماس وحركة الإخوان المسلمين، المتهمون دائما، كانوا هم الذين قاموا بالحديث عن الرئيس الراحل. فقط، كان كريستن بلنت (النائب المحافظ) هو الوحيد الذي حاول الحفاظ على الضمير البريطاني حيا وكذا تونس الصغيرة. ويقول “صحيح، كان مرسي الخيار الثاني بعدما منع خيار الإخوان الأول من الترشح للرئاسة، وصحيح أن سنة مرسي في الحكم كانت تجربة من الدرجة الثانية، ليست ملهمة ومخيبة وعنيفة أحيانا وبنزعة ديكتاتورية. وفي مرات كان يترك اجتماع الحكومة ليستشير جماعته” و “لكنه لم يكن رجلا سيئا ولم يكن إرهابيا ولم يسجن 60.000 معتقلا سياسيا مثل خليفته والذي ينظر إليه كـ “رجل عظيم” من “رجل عظيم” في البيت الأبيض”. ومن المفيد ملاحظة الطريقة التي عومل فيها مرسي بعد الإنقلاب الذي دمره ووضعه في سجن انفرادي وحرم عليه مقابلة عائلته ومنع عنه الدواء.
وقارن هذا بالراحة التي عاشها سلفه حسني مبارك الذي عاش بعد الإطاحة به في مستشفى عسكري وزيارات عائلية وتعبير عن التعاطف الشعبي معه بل وحتى مقابلات مع الصحف. ولم يسمع أحد كلمات مرسي الأخيرة مدافعا عن وضعه كرئيس شرعي بسبب القفص الزجاجي.
ويقول إن الصمت الرعديد المخجل ليس دليلا فقط على الطبيعة المثيرة للشفقة لمن يمثلوننا في الغرب بل هي دليل مشجع لكل زعيم في الشرق الأوسط أن آثامه ستمر بدون عقاب ولن يفكر بها أحد وأن العدل لن يعوض وكتب التاريخ لن تقرأ.
ويضيف “لنكن صريحين، فصمتنا لن يجعل آل سلمان وآل الأسد وأمراء الخليج أو الميليشيات في ليبيا ولبنان وسوريا والعراق يرتعدون من الخوف ولا السيسي”.
و “لكن، نعم كان مرسي بالنسبة لملايين العرب والمسلمين شهيدا، لو كنت تتخيل أن الشهداء لديهم قضية. فالمحاكمات والإعدامات والسجن الجماعي للإخوان المسلمين “المنظمة الإرهابية” في عين السيسي (وحتى ديفيد كاميرون حتى قيل له أن الأمر لا يصح) لن يدمرها. ولكن هل هناك الكثير من أمثال مرسي، يريدون المخاطرة حتى الموت في زنازين السجن كثمن للإطاحة بهم؟ وأخبر مرسي واحدا من مستشاريه، الطبيب المصري- الكندي والأكاديمي وائل هدارة إنه لو كان يستطيع قيادة مصر نحو الديمقراطية، فإنه يتوقع الإغتيال و “هو ما افترض بناء على المعاملة السيئة التي تعرض لها والمحاكمات التي تعرض كان مصيره النهائي”. والصحيفة الوحيدة التي سمحت لصديق من أصدقاء مرسي الفرصة للحديث عنه كانت صحيفة “واشنطن بوست” و “كل التقدير لها”. وأعطت هدارة الفرصة كي يطالب مصر الإجابة على وفاة الرئيس السابق وظروفها. ففي اللقاء الأخير مع الرئيس السابق في حزيران (يونيو) 2012 طلب هدارة من مرسي التوقيع على علم مصر. وهذا ما كتبه: ” مصر التي في خيالي هي مصر القيم والحضارة، مصر التطور والإستقرار والحلم ورايتها دائما ترفرف فوقنا”، “فهل كان بإمكان رئيس مجنون أو سادة المحافظين الجهلة لديهم مثل هذه الفصاحة أو الشرف”.
وسوم: العدد 830